طالما اشتكى مدبرو الجماعات الترابية من ضعف الميزانية، والعجز الذي يخلفه ضعف المداخيل بشكل لا يسمح بتحقيق المطامح، فهل فعلا هناك نواقص مادية أم أن الأمر يرجع لأمور أخرى؟
تعيننا الخزينة العامة للمملكة في الإجابة على هذا التساؤل، وذلك بالاستناد على نشرتها الشهرية للإحصاءات المالية المحلية الصادرة مؤخرا.
المداخيل:
أفادت النشرة أن ميزانيات الجماعات الترابية شهدت زيادة في الإيرادات العادية بنسبة 12,9 في المئة، ناتجة عن ارتفاع الضرائب المباشرة بنسبة 25,7 في المئة، وذلك راجع إلى مجموعة من الزيادات التي همت عدة ضرائب: ضريبة الخدمات الجماعاتية (+26,7 في المئة)، الضريبة المهنية (+36,2 في المئة)، الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية (+34,6 في المئة)، حصة الجهات من عائدات الضريبة على الشركات (IS) والضريبة على الدخل (IR) (+12,3 في المئة) والضريبة على السكن (+47,4 في المئة).
ومن جانب الضرائب غير المباشرة، فقد عرفت انخفاضا بنسبة 1 في المئة، بسبب تقلص حصة الجماعات الترابية من حيث عائدات الضريبة على القيمة المضافة بـ (- 2,4 في المئة) وحصة عقود التأمين (- 16,6 في المئة)، رغم الزيادة التي عرفتها الضريبة على عمليات البناء (+32,2 في المائة).
انخفاض الضرائب غير المباشرة، لم يؤثر سلبا على مداخيل الميزانية، نظرا للزيادة اتي شهدتها المداخيل غير الضريبية، بحيث عرفت ارتفاعا بنسبة 30,6 في المئة، ناتجا بشكل خاص عن ارتفاع في الإعانات (+62,2 في المئة) وعائدات الاستغلال المؤقت للملك العام الجماعي (+26,9 في المئة) ومداخيل الدولة (+20,6 في المائة).
النفقات:
وفي الجانب المقابل، عرفت النفقات العادية نموا بنسبة 1,9 في المئة، بسبب ارتفاع تكاليف الموظفين بنسبة 0,8 في المئة، إلى جانب الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى بـ 3,3 في المئة، إضافة إلى انخفاض في مصاريف وفوائد الدين بنسبة 0,5 في المئة.
وفيما يخص نفقات الاستثمار، فقد انتقلت من 14,9 مليار درهم في نهاية دجنبر 2020 إلى 15,2 مليار درهم مع متم دجنبر 2021، أي بارتفاع بلغت نسبته 1,5 في المئة.
عدم استغلال الموارد المالية:
يتبين من وضعية نفقات ومداخيل الجماعات الترابية أنها أفزرت فائضا إجماليا قدره 3,4 مليار درهم في متم شهر دجنبر 2021، وهو أمر غير محمود بتاتا، بل ينم عن عجز بالغ في التدبير، فكيف يعقل أن يتوفر شخص ـ معنوي يخدم الصالح العام ـ على ميزانية ضخمة ولا ينفقها على المشاريع والمخططات التنموية؟!
ولعل الوضع يزداد سوءا إذا علمنا أن فائض السنة الماضية لم يتعد 257 مليون درهم، وهو إن كان أمرا سلبيا، فإنه ليس بحجم قرابة ثلاثة ونصف مليار درهم، فتصوروا كم من خدمة عمومية ضاعت و”وُئدت” بسبب “عجز” التدبير؟