في زيارتها لمدينة طنجة، قامت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بداية الأسبوع، بزيارة ميدانية لمدينة “شرافات” الجديدة، من أجل الاطلاع على تقدم العمل في هذا المشروع الحضري، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، والذي يشكل أحد المشاريع الأربعة المدرجة في البرنامج الحكومي للمدن الجديدة.
وتعتبر مدينة الشرافات، بالنظر إلى موقعها الجغرافي، ملتقى طرقيا حضريا حقيقيا، بحيث تقع على بعد 18 كيلومترا من طنجة، وعند تقاطع المحاور الشمالية الرئيسية، وتغطي ما يقرب من 770 هكتارا، كما يرتقب أن تستوعب عند انتهاء الأشغال بها حوالي 150 ألف نسمة وأكثر من 30 ألف وحدة سكنية.
ونظرا لأهميتها، تحظى مدينة الشرافات بالدعم والتعبئة المؤسساتية من قبل كل من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والسلطات الجهوية والإقليمية، وفق مقاربة تشاركية تندرج في إطار تفعيل الجهوية المتقدمة لتحقيق انتعاش اقتصادي على المستوى الترابي.
وترمي الجهود المبذولة، إلى جعل المدينة بديلا حضريا يُمكن من الاستجابة للطلب على السكن في المنطقة، في إطار إعادة التوازن إلى البنية الحضرية الوطنية من خلال تخفيف الضغط على المدن الكبرى وتوفير بدائل حضرية تمكن من توفير عروض سكنية متنوعة وبيئة معيشية للساكنة الجديدة.
وتصبو المدينة الجديدة كذلك إلى تعزيز جاذبية المدينة تجاه المستثمرين والمواطنين مع ضمان التمازج الاجتماعي والعدالة السوسيو مجالية، من خلال إنشاء نواة حضرية جديدة بالقرب من المدن الكبرى، من شأنها مواكبة ديناميكيات التصنيع في المنطقة مع ما تتيح من إحداث لفرص الشغل..
كما أن إعطاء زخم جديد لمدينة الشرافات، كفضاء حضري جديد، يهدف أيضا إلى مراعاة التماسك والتكامل المتناغم لمكوناتها الحضرية من خلال تحسين تخطيط شبكتها الطرقية واختيار الأنماط الحضرية مع احترام الخصائص الطبوغرافية للموقع، بالإضافة إلى تنفيذ تهيئة حضرية متقنة الارتباط خاصة مع المناطق المحيطة التي تستضيف مشاريع اقتصادية كبرى واعتماد حكامة وإدارة جيدة للمدينة الجديدة، أخذا بعين الاعتبار التطور المستقبلي الذي سيعرفه محيطها المباشر.
ويتضمن المشروع برمجة عشرة مرافق، بما في ذلك المبنى الإداري الذي تم إنجازه، مدرسة ابتدائية في طور الاستغلال، معهد للتكوين في مهن النقل والخدمات اللوجستية ومركز للإغاثة تابع للوقاية المدنية، كما يرتقب إنهاء أشغال إنشاء المحور الطرقي الجنوبي الذي سيتم إضافته إلى المدخل الشمالي الممتد على مسافة أربعة كيلومترات، فضلا عن توفير شبكة مواصلات لتعزيز إمكانيات الوصول السلس إليها.
والجدير بالذكر، أن المدينة الجديدة تقدم نفسها كنموذج حضري مبتكر دامج ومسؤول بيئيا، يندرج في سياق مقاربة التنمية المستدامة المعتمدة وذلك من خلال اعتماده كلا من الطاقات النظيفة والمتجددة، متأملا تحقيق التعايش الأمثل بين الطبيعة والمجال المبني.
وفي كلمة بالمناسبة، صرحت فاطمة الزهراء المنصوري، أن “زيارة اليوم لمدينة الشرافات الجديدة، التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك سنة 2009 لإيواء 150 ألف نسمة، تهدف إلى إعطاء دفعة جديدة لهذا الموقع” مشددة على أن “أهمية هذه المدينة تكمن في قربها من المناطق الصناعية، لاسيما مدينة طنجة – تيك ومدينة طنجة لصناعة معدات السيارات (أوتوموتيف سيتي)، التي تضم حاليا أكثر من 14 ألف عاملة وعامل، إذ نأمل أن يقطنوا مستقبلا في هذه المدينة الجديدة”.
وأضافت الوزيرة، إعرابها عن طموحها ـ الذي نتمنى لو كان التزاما ـ في أن يصبح هذا القطب العمراني مدينة بيئية، مسجلة أنه سيتم تخصيص 40 في المئة من المساحة الإجمالية للمدينة إلى المساحات الخضراء.
ويشار إلى أنه حسب مصادر مطلعة، سيتم تسليم عدد من المساكن خلال الأسابيع المقبلة، كما أن المشروع يحتاج لمستثمرين ومتعهدين لاستكمال تشييده، إذ يتطلب ما يناهز 24 مليار درهم، لا يتوفر منها سوى 1.4 مليار درهم.
وإذا كان من الواضح أن تخطيط وإنجاز مدن مهيكلة منظمة سيسعف في تجاوز مشاكل كثيرة متناسلة، من بناء عشوائي وتوابعه.. فإن الطموح شيء والواقع شيء آخر، فها نحن أمام انتظار أزيد من ثلاث عشرة سنة لتسليم أولى المنازل.. وهو دليل على عجز كبير في تحقيق المراد، يخفي وراءه العديد من المشاكل التي لم يستطع المدبرون تجاوزها إلى حدود اليوم، سواء تعلقت بالمساطر الإدارية والترخيصات، أو بالتمويل والتسويق.. فإذا كنا لا نستطيع الالتزام بهكذا أحجام من المشاريع، فلنلجأ إلى المثل الشعبي “لبس قدك يواتيك”.