مدريد تبلغُ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية وتستعدُّ لمرحلة جديدة في علاقاتها مع الرباط
قرار الحكومة الاسبانية الداعم لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي للصحراء، تحت السيادة المغربية، فاجأ العالم، حيث إنه شكل تحولا لافتا في سياسة هذا البلد الداعم منذ المسيرة الخضراء لأطروحة الانفصاليين وعصابة “المرادية” بالدزاير.
الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة الاسبانية إلى جلالة الملك بخصوص قضية الصحراء المغربية، اعتبرت أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، يشكل “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” من أجل تسوية الخلاف بشأن هذه القضية.
الموقف الاسباني الجديد جاء بعد سنتين من التوتر للأسباب المعروفة، والتي تطلبت دعوة سفيرة المغرب في مدريد للتشاور، ولم تعد لمقر عملها بالعاصمة الاسبانية إلا هذا الأسبوع، بعد أن عادت المياه لمجاريها عبر “المضيق”.
الأزمة السياسية بين البلدين كانت لها تداعيات ٌسياسية واقتصادية بجنوب اسبانيا وشمال المغرب، وبينما نجح المغرب في احتواء أزمة ” التهريب” على “ممري” سبتة ومليليه، وفي تنظيم عملية “مرحبا” خارج الطرق البحرية المعتادة التي تشمل بعض موانئ جنوب الجزيرة الإيبيرية، واجهت حكومة مدريد معارضة شديدة من طرف سكان المدن المعنية بعملية العبور، ومطالب ملحة بضرورة حل الأزمة السياسية والدبلوماسية مع المغرب.، من أجل إنقاذ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ببعض مدن جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية.
ورغم مظاهر حسن النوايا التي أبدتها حكومة السيد سانثيز “المعدّلة” إزاء المغرب، فإن الرباط استمرت في موقف المطالب بسياسة الوضوح فيما يخص قضية الصحراء المغربية والعلاقات بين البلدين.
الحكومة الاسبانية اقتنعت قي الختام بضرورة إجراء “تعديل” جوهري، على سياستها إزاء المغرب، والاصطفاف إلى جانب الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء أو تلك التي اعتبرت أن لا حل لقضية الصحراء إلا بوضع المنطقة تحت نظام حكم ذاتي واسع، تحت السيادة المغربية، وفق المقترح المغربي الذي اعتمدته منظمة الأمم المتحدة وكرسه مجلس الأمن الدولي وأقرته غالبية دول الاتحاد الأوروبي المؤثرة.
وهكذا، وبعد عامين من التوتر بين البلدين، أعلن السيد بيدرو سانثيز رئيس الحكومة الاسبانية، في رسالة وجهها إلى جلالة الملك، دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء، باعتباره “الأساس الأكثر جدية وواقعية” لإيجاد حل لهذه القضية .
وضمّن السيد شانثيز رسالته إلى العاهل المغربي، مشاعر الود والمحبة والصداقة وذكّر بأواصر التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين، والرغبة المشتركة في بناء علاقات جديدة قائمة على الشفافية والتواصل والاحترام المتبادل. وأكد للعاهل المغربي أن اسبانيا ستعمل بالشفافية المطلقة الواجبة إزاء “صديق كبي”ر و”حليف موثوق” وأن اسبانيا ستحترم على الدوام كلمتها والتزاماتها.
وفي نفس السياق أعلنت الحكومة الاسبانية ، من جهتها، عن “مرحلة جديدة” في العلاقات الاسبانية المغربية تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقيات، وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم.
ترحيب دولي بموقف إسبانيا تجاه الصحراء المغربية
لقي الاعتراف الاسباني الرسمي بالمقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي للصحراء المغربية ترحيبا إسبانيا ودوليا واسعا.
ومن بين المرحبين بالموقف الاسباني الجديد نواب أوروبيون، اعتبروا أن موقف الحكومة الاسبانية الجديد هام ّ جدا بالنسبة للقارتين الأوروبية والإفريقية وخطوة كبرى نحو تسوية هذا لنزاع الذي عمر طويلا، كما أكدوا أن هذا الموقف الاسباني الجديد “إيجابي وبناء ” إذ يعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لتسوية هذا النزاع بصفة نهائية.
من جهتها، اعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن ترحيبها بموقف الحكومة الاسبانية المدعم للمقترح المغربي بشأن الصحراء المغربية، وأعلنت أن الحكومة الأمريكية تشاطر الحكومة الاسبانية موقفها الجديد من قضية الصحراء المغربية.
واعتبر نواب آخرون وشخصيات إسبانية وأوروبية مؤثرة، من مختلف التوجهات والتيارات السياسية، أن الموقف الاسباني الجديد “خطوةٌ سياسية تاريخية مهمة، تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية، إن بلده “يُواصل اعتبار خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب جادة وذات مصداقية وواقعية وأن لها إمكانية واضحة للاستجابة لتطلعات سكان جنوب المملكة المغربية.
مدريد تبلغُ الأمم المتحدة دعمها للمبادرة المغربية
وبغاية “تدويل” وتوثيق الموقف الاسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية قام السيد خوسي ألباريس، وزير الشؤون الخارجية الاسباني بنقل موقف بلاده الرسمي الجديد إلى الأمم المتحدة، وإلى الاتحاد الأوروبي ببروكسيل، وإلى مبعوث الأمين الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، دي ميستورا، حيث أكد أن بلاده تعتبر مبادرة الحكم الذاتي “ذات واقعية ومصداقية لحل هذا لنزاع تحت راية الأمم المتحدة”.
فرنسا تشيد بمقترح الحكم الذاتي للصحراء
بعد الإعلان عن الموقف الرسمي الاسباني المدعم للمغرب، في قضية الحكم الذاتي للصحراء، أعادت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية التأكيد على أن بلادها تعتبر المقترح المغربي وأن مخطط الحكم الذاتي يشكل أساسا للنقاش الجاد وذي مصداقية.
الموقف الاسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية ينبغي قراءتُه بحسن نية، انطلاقا من فضيلة مراجعة المواقف التي لا تجانب الصواب، أو تبدو كذلك، وأن هذا الموقف، يدل على أن خطة المغرب لحل النزاع المفتعل حول الصحراء مقنعٌ بل ويسمو بشكل واضح على مخططات الجهات المناوئة للمغرب، في هذه القضية، والتي افتضح أمرها علنيا أمام العالم، وأمام الرأي العام الدولي، مع دعوة الدزاير لسفيرها بمدريد إثر إعلان اسبانيا عن موقفها الجديد من هذه القضية التي تُعتبر عصابة “المرادية” طرفا أساسيا في معاكسة مصالح المغرب و أوروبا وإفريقيا والعالم، الهادفة إلى تحقيق السلم والرفاهية في هذه المنطقة البالغة الحساسية بالنسبة للأمن والسلم العالميين.
وبالتالي فلا أحد “أركع” أحدا، ولا أحد “صفع أحدا” بل إنه “سلام الشجعان”، أنصف الطرفين معا، وحقق مصالح البلدين المرتبطين بروابط التاريخ والجغرافيا والصداقة والجوار.
عزيز ڭنوني



















