”مسار التنمية”، تحت هذا الشعار الذي يؤسّس لمرحلة جديدة في مسيرة “حزب التجمع الوطني للأحرار” انعقد المؤتمر السابع لهذا الحزب، يومي رابع وخامس مارس الجاري، بمشاركة حوالي ثلاثة آلاف مؤتمرة ومؤتمر على 14 منصة للتناظر المرئي، 13 منها أقيمت بمختلف جهات البلاد، وواحدة نصبت بالعاصمة الفرنسية لتمكين “أحرار” مغاربة العالم من المشاركة في هذا المؤتمر الهام.
أشغال المؤتمر تمت في جوّ من المسؤولية والتعبئة، خاصة بعد أن كسب الحزب رهان الثقة، بتصدره للمشهد السياسي الوطني، وفوزه بثقة الناخبين في انتخابات 8 شتنبر الماضي، ليتولى قيادة الحكومة ببرنامج واضح، يرتكز على مجموعة من الاختيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تستجيب لانتظارات وتطلعات المواطنين، لبناء “الدولة الاجتماعية” التي شكلت نواة البرنامج الانتخابي لحزب “الأحرار” والبرنامج الحكومي للتآلف الثلاثي الذي تشكلت منه الحكومة الجديدة.
وقد ركزت مختلف التدخلات على التفاعل الإيجابي للحزب مع مطالب المواطنين عبر التواصل المباشر والانصات الدائم، تماما كما حصل مع عملية “مائة يوم ومائة مدينة” التي مكنت الحزب من لمس الحاجيات الحقيقية للشعب والتفاعل معها، بحس استباقي، في المخططات الذكية التي وضعها لتكون أساس مشاريعه وبرامجه المستقبلية، لتأطير المواطنين.
البيان الختامي للمؤتمر أكد انخراط الحزب في كل المبادرات الهادفة إلى تجاوز كل معيقات التنمية عبر مجموعة من المبادرات والمشاريع أهمها البرنامج الاستعجالي لمواجهة انعكاسات تأخر الغيث، وبرنامج “أوراش” وبرنامج “فرصة” وإنعاش السياحة إضافة إلى مشاريع اجتماعية أخرى التي ستطلقها الحكومة فيما بعد، من أجل تحسين الظروف اليومية لعيش المواطنين.
وسجل المؤتمر أن الحزب يثمن عاليا، المخطط الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية من أجل الحد من الهشاشة والفوارق الاجتماعية، كما يسجل اعتزاز الحزب بإشراف الحكومة التي يقودها على تفعيل هذا الورش التاريخي الكبير. وفي هذا الإطار أكد الحزب تجند كافة مناضليه وراء جلالة الملك، لمواصلة إرساء دعائم ” الدولة الاجتماعية” الواعدة بكل الخير للشعب المغربي قاطبة.
وذكر البيان الختامي للمؤتمر، بأن الحزب المعتز بموقعه السياسي القائم على “الديمقراطية الاجتماعية”، يشيد بعزم الحكومة على مواصلة دعم مجموعة من السلع والخدمات حماية للقدرة الشرائية للمواطنين.
وبالمناسبة، نوه البيان بالأداء الإيجابي للأغلبية، القائم على قيم الانسجام والالتزام والمسؤولية، من أجل إقرار سياسات عمومية لفائدة الطبقات المعوزة ترسيخا لمبدأ التضامن المجتمعي الذي يعتبر عنوانا “للدولة الاجتماعية”،
كما أشاد البيان بمأسسة الحوار الاجتماعي واعتماد لجان لمتابعة “تنزيل مضامينه بشكل تشاركي، مستمر ومتواصل، وضمان تحقيق نتائجه”، مشيرا إلى المقاربة التي انتهجتها الحكومة، والمبنية على إشراك الفرقاء الاجتماعيين في معالجة الملفات المعروضة.
وأشاد، أيضا، بالاتفاقات الموقعة بين الحكومة والنقابات في مجالات الصحة والتعليم، “والتي تروم إنصاف فئات واسعة من شغيلة ومستخدمي هذه القطاعات”.
القضية الأمازيغية، كانت حاضرة في المؤتمر حيث سجل البيان الختامي مركزية هذه اللغة في تكريس الطابع التعددي والغني للثقافة والهوية الوطنيتين مستحضرا مختلف المعارك التي خاضها الحزب من داخل البرلمان وخارجه لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ومؤكدا عزم الحزب على مواصلة العمل من أجل إعطاء الثقافة الأمازيغية مكانتها المحورية في نسيج الهوية الوطنية.
وبعد الإشارة إلى محطة الانتخابات الأخيرة التي بوأت الحزب صدارة المشهد السياسي، ما أهله لقيادة الحكومة، استحضر البيان السياق الصعب للوضع الدولي ارتباطا بتداعيات الجائحة التي أفرزت ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة وتحولات عميقة في النظام العالمي الذي لا زال يعيش تحت وطأتها.
وتوقف المؤتمر، أيضا، في هذا الإطار عند تطورات الوضع الدولي في عدد من مناطق العالم، التي تشهد توترات لها تداعيات على السلم والأمن العالميين، وثمن موقف المملكة المغربية، بفضل حكمة جلالة الملك وسياسته الرشيدة، الداعي إلى الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، والوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء بها، وكذا التشبث بمبدأ عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول.
وطالب المؤتمر بضرورة تشجيع المبادرات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات؛ كما أشاد بالمجهودات المبذولة لمتابعة وضعية المغاربة الموجودين بأوكرانيا، في ظل الوضع الراهن بالمنطقة، مؤكدا أن المغرب سارع إلى اتخاذ إجراءات عملية لصالح مواطنيه في تلك المنطقة.
كما استحضر المؤتمر الانتصارات الدبلوماسية المتوالية التي تحققت بفضل مجهودات جلالة الملك، دفاعا عن القضية الوطنية الأولى التي تعززت بالاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وبمصداقية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مؤكدا التجند الدائم لحزب التجمع الوطني للأحرار وراء جلالة الملك في الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد.
وقبل نهاية أشغال المؤتمر، صادق المؤتمرون على عدد من التعديلات التي تخص النظام الأساسي للحزب، بهدف تقوية أدائه، حيث تم إحداث عدد من المؤسسات التابعة لرئيس الحزب ، خاصة “مجلس الحكماء” و”ديوان الرئيس” و”خلية التواصل” و”المديرية المركزية” و “اللجنة التنسيقية”
إلى ذلك، تمت إعادة انتخاب السيد عزيز أخنوش، لولاية ثانية، رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار بإجماع عام، ووسط حماس كبير من لدن المؤتمرين الذين يمثلون مختلف جهات المغرب ومغاربة العالم. والذين جاور عددهم الثلاثة آلاف.
وإثر الإعلان عن إعادة انتخابه رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار، بعث جلالة الملك برقية إلى السيد عزيز أخنوش، هنأه فيها على الثقة المتجددة التي حظي بها من طرف مناضلات ومناضلي الحزب، “تقديرا منهم لعملك الحزبي المثمر.
وقال جلالة الملك: “كما نسأل الله تعالى أن يكون التوفيق حليفك في مواصلة عملك من أجل تحقيق ما يصبو إليه حزبك من توطيد لمكانته في الساحة السياسية الوطنية، تعزيزا لإسهامه، بمعية الأحزاب الجادة، في النهوض بالمهام الدستورية للتأطير الفعلي للمواطنين، ولاسيما الشباب منهم، وإشراكهم في العمل السياسي والهادف، وترسيخ التعبئة للمساهمة في المجهود الجماعي لرفع التحديات الحاسمة، لما فيه خير خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين”.
وجاء في البرقية أيضا ” فخصالك الانسانية وكفاءتك، فضلا على ما عهدناه فيك من روح المسؤولية والتشبث المكين بثوابت الامة ومقدساتها، ستشكل، لامحالة، دعامات أساسية لنجاحك في مواصلة النهوض بمهامك الحزبية على أحسن وجه”.
وأضاف جلالة الملك “وإذ نطلب منك، ختاما، إبلاغ عبارات تقديرنا السامي لكافة أعضاء ومكونات حزب التجمع الوطني للأحرار، لنعرب لك عن سابغ عطفنا وموصول رضانا”.