الثامن من مارس، محطة هامة يخلد بمقتضاها المجتمع الدولي عيد المرأة، ويحتفي به ما يزيد عن ثلتا سكان الكرة الأرضية.
وعلى غرار المجتمع الدولي، يحتفل المغرب بهذا اليوم، عن طريق تنظيم تظاهرات ثقافية تقوم بها جمعيات نسائية على مستوى ربوع المملكة، من خلالها تعبر عن تصورها لتطوير مجموعة من الحقوق والمطالبة بالمزيد من الاهتمام بالعنصر النسوي ومطالبة الوزارة الوصية بتدعيم النصوص المتعقلة بحقوق المرأة وتفعيلها على أرض الواقع.
وفي نفس السياق، فإن أغلبية الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تهم المرأة عموما تنحصر في المدينة، بمعنى أن المرأة القروية تعتبر خارجة عن هذا السياق، ولا يعنيها الأمر في شيء، وكأنها من الدرجة الثانية، وهذا طرح مجانب للصواب، ولا يمكن اعتماده قانونا ولا شرعا، علما أن المرأة القروية تسدي خدمات يعجز عنها أشباه الرجال.
ما تقوم به المرأة القروية ليس بمقدور مثيلتها في المدينة أن تقوم به، فهي تسدي خدمات لا يمكن الاستهانة بها، فهي تقوم بالحياة الأسرية وتساهم في التنمية المحلية، فضلا عن حفاظها على الهوية المغربية. فمن بين أهم الأعمال التي تقوم بها، جلب المياه من الآبار أو ما يمكن أن نطلق عليه بإدارة المياه، فهي التي تحمل عبء تدبير هذه المادة داخل البيت، كما تقوم بجلب الحطب لإضرام النار للطهي أو لتدفئة أسرتها. وهذا يكلفها جهدا وطاقة ووقتا وهي تساعد أيضا الرجل في عملية الحرث، غرس الخضروات، نزع الأعشاب الضارة، جني الثمار، الخضر والفواكه، غسلها وترتيبها في أكياس لتسويقها إضافة إلى الحصاد ونقل المنتوجات الفلاحية وجمع التبن، ليحين وقت تسويق المنتوجات الفلاحية، من خلال نقل المنتوجات من (حليب، و زبدة و مستحضرات الطعام كالخضراوات أو بعض البقوليات) إلى الأسواق الأسبوعية أو الأسواق المجاورة، وهي تقوم بهذه المسؤولية لوحدها، انطلاقا من البحث عن وسيلة النقل، ثم التسويق، ثم العودة للبيت، لتستدرك ما فاتها من أشغال.
تظهر المعاناة الأساسية للمرأة القروية منذ طفولتها، فالفتاة القروية تعاني التهميش والفقر كما يساهم الجهل والحواجز الثقافية في تقييد حركتها. وعدم توفر أعداد كافية من رجال التعليم وغياب البنيات التحتية يؤدي إلى عدم تمكنها من الولوج للمدرسة. فهي تظل محرومة من حقوقها في عدة مجالات، كما تتعرض هذه الأخيرة إلى التزويج المبكر.
وفي الأخير لابد أن نشير إلى أن المرأة المغربية، ما زالت إلى حدود تاريخه تعاني الإقصاء والتهميش، فهي تحرم من متابعة تعليمها، إذ أن نسبة الهدر المدرسي قد تصل أحيانا عند النساء إلى 80٪، تنقصها مجموعة من الأمور والحاجيات الضرورية للعيش مقابل الانحياز إلى العنصر الذكوري وغياب المساواة في الحصول على بعض الامتيازات، فضلا عن التعنيف الممارس في حقها من طرف بعض الأسر وأولياء الأمور الذين لا يعرفون في تربية الأنثى سوى الجَفاء والقهر.
فتحية تقدير للمرأة القروية المغربية المناضلة بامتياز في بيتها وفي الحقل وخارج محيطها، حيث تعاني الأمرين لكن لا تعرف للشكوى معنىً، تكابد وتتحمل العديد من المسؤوليات وبصمت.