كلما تحدثنا عن مدينة أصيلة، إلا ونستحضر ميزة تمتاز بها هذه المدينة الشاطئية الصغيرة الهادئة التي لا يتجاوز عدد سكانها الأربعين ألف نسمة، وتشتهر كونها مدينة الثقافة، وإشعاعها في ذلك مرتبط بالموسم الثقافي الذي ينعقد بها سنويا.
كما أن المدينة لها ميزة ثانية جعل اسمها يبقى مخلدا على صفحات التاريخ، ويتجلى ذلك في المعلمة التاريخية التي تحمل اسم “كُدية السلطان”، هذا الإسم له ارتباط وثيق بالزيارة الملكية التي قام بها السلطان محمد الخامس إلى مدينة طنجة الدولية أنذاك إبان فترة الحماية سنة 1947 حيث ألقى جلالته خطابه الشهير وسط حشود غفيرة من سكان مدينة البوغاز ونواحيها وبهذ المدينة الهادئة توقف السلطان محمد الخامس في المكان الذي يُرمز له باسم “كدية السلطان” والواقعة على مستوى الطريق الوطنية 02 المؤدية إلى العرائش، والرباط، وبالضبط قرب المدرسة الفندقية الحالية، وذلك بطبيعة الحال في إطار التقاليد التواصلية التي يعتمدها السلاطين العلويون، حيث تناول وجبة الغذاء في المكان المذكور، وهي فرصة جمعت السكان “الزيلاشيين” والوافدين من النواحي مع السلطان محمد الخامس لتقديم البيعة والولاء لعاهل البلاد، وقد كانت فعلا فرصة تلاحم من خلالها الشعب بقائد البلاد المغفور له السلطان محمد الخامس.
هذه المعلمة هي عبارة عن مجسد من الأسمنت المسلح غير القابل للتلف أو التّصدع بفعل عوامل الرياح أو الأمطار، شُيد فوق ربوة عالية، يشاهد من مسافة بعيدة، فهو يشبه المنارات التي توجه السفن التائهة في البحر، وقد دشنت هذه المعلمة بموافقة الملك محمد السادس نصره الله حينما كان وليا للعهد سنة 1987، على اعتبار أن تبقى معلمة لذاكرة المقاومة المغربية والإفريقية، ورمزا لوحدة البلاد، تلاحما بين الشمال والجنوب، فضلا عن كونها رمزا للكفاح المسلح للقارة الأفريقية التي يعتبر محمد الخامس أحد أبطالها.