الرأي العام الاسباني منزعج من بوادر التقارب الملحوظ بين ا|لمانيا الاتحادية والمغرب، بعد البيان الالماني الأخير حول أهمية علاقات الشراكة بين البلدين، ودعم ألخارجية الألمانية لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ومقبول من الجميع على أساس القرار 2602 لمجلس الأمن، وشددت على أن المغرب، بمشروع الحكم الذاتي لعام 2007 قدم مساهمة هامة في سياق البحث عن هذا الحلّ.
فضلا عن ذلك، أعرب مسؤولون ألمان عبر لقاءات صحافية في برلين، عن أهمية العلاقات المغربية الألمانية، وأن المغرب “شريك مهم لألمانيا التي تربطها “علاقات وثيقة مع المغرب منذ 65 عام وأنه من مصلحة البلدين لعودة إلى علاقات ثنائية جيدة ووثيقة“.
الإعلام الإسباني اعتبر أن هذا الوضع الجديد يعتبر أولى الخطوات نحو عودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل “الأزمة” الدبلوماسية والتي تشابه، في أساسها الأزمة المستمرة مع إسبانيا.
وفي هذا الصدد اعتبرت جريدة “لا راثون” الواسعة الانتشار والقريبة من الأوساط العسكرية في إسبانيا، أن الخطوة الألمانية “تتفوق فيها ألمانيا على إسبانيا وتتجه بها برلين نحو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بينما العلاقات المغربية الإسبانية لا تزال في حالة “جمود” وكدليل على ذلك عودة سفيرة المغرب إلى برلين ، على عكس ما حدث مع إسبانيا، ووجود “بوادر تقارب وانفراج” في الأزمة المغربية الألمانية، خاصة بعد بيان الخارجية الألمانية الأخير الذي أشادت فيه بمبادرة الحكم الذاتي لإنهاء النزاع في الصحراء ، وهو ما لقي ترحيبا واسعا في الرباط .
من جهته كتبت صحيفة “صوت الشعب” الاسبانية، أن المغرب نجح ديبلوماسيا في أن يكتسب دعم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والآن هناك ألمانيا التي تتجه نحو تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، وهي عوامل قد تتحول ضد مصالح إسبانيا.
ويتجلى “تذمر” إسبانيا من التقارب بين المغرب وألمانيا في خيبة أملها في “التضامن الأوروبي” ضد مصالح المغرب، هذا التضامن الذي تعول عليه كلما حدث ما تعتبره مسا بمصالحها” بالمنطقة أو بهدف “الضغط على المغرب، خاصة فيما يخص ما تعتبره إسبانبا “تحركات المغرب” لاسترجاع مدينتي سبتة ومليلية” اللتين تحتلهما إسبانيا منذ القرن الخامس عشر ، حيث ترفع شعار أن المدينتين والجزر المتوسطية المغربية تشكل حدود الاتحاد الأوروبي الجنوبية.
هذه الأطروحة تبناها عدد من أعضاء الاتحاد الأوروبي ومنها من يعتبرها المغرب دولا صديقة. ومعلوم أن إسبانيا توظف في هذا الإطار قضايا ذات حساسية خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي كالهجرة السرية والأمن والعالم كله يشهد على انخراط المغرب بقوة في محاربة هذه الآفات التي يتضرر هو نفسه منها وبقوة.
على أن إسبانيا لن تستطيع إقناع دول الاتحاد بأن الأزمة التي تواجهها في علاقاتها مع المغرب، مردها إلى الهجرة، أو إلى “تغول” المغرب في علاقاته التجارية والاقتصادية مع بلدان القارة الإفريقية، ما يشكل “خطرا” على اللمصالح الأوروبية في هذه القارة، لأن العالم كله يعلم أن قضية “الصحراء” وخصوصا أسلوب “المكر والخداع” الذي استعملته حكومة سانتيش في تعاملها مع ابراهيم غالي حين لعبت على ورقة خصوم المغرب ضد مصالح الجوار، والصداقة، والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي الواسع التي تربطها بالمغرب.
ومع ذلك، فإن الأسبان متوجسون من طول غياب سفيرة المغرب عن السفارة المغربية منذ استدعائها من طرف الحكومة المغربية للتشاور من أجل “وقفة تأملية” في العلاقات مع إسبانيا. وقد تعددت تصريحات مسؤولين في الحكومة الإسبانية عبروا خلالها عن استغرابهم من عدم عودة السفيرة إلى إسبانيا بالرغم من أن العلاقات “جيدة” بين البلدين.،
مسؤولون في الحكومة الاسبانية، أعربوا عن استغرابهم من عدم عودة السفيرة المغربية إلى إسبانيا، من بينهم، لويس ، وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، حيث صرح لوكالة “أوربا بريس”، بأن “من المفاجئ” عدم عودة السفيرة إلى إسبانيا، رغم أن العلاقات مع المغرب “جيدة”. كما أن جريدة ABC الذائعة الصيت، كتبت ما معناه أن العلاقات بين المغرب، وإسبانيا “معلقة” حتى تعود بنيعيش إلى منصبها.
واعتبرت الجريدة أن المغرب ينتظر موقفا إيجابيا من اسبانيا لصالحه في قضية الصحراء، من أجل أن تعود العلاقات إلى طبيعتها السابقة.
ومعلوم أن اللجان المشتركة العليا بين حكومتي البلدين توقفت منذ 2015، لتتأجل من سنة لأخرى دون أن يتم، للآن، تحديد موعد جديد لانعقادها، في ظل الأزمة الراهنة التي تسبب فيها استقبال إسبانيا ابراهيم غالي بهوية مزيفة ودون إخبار المغرب.
وذكّرت الصحيفة الإسبانية أنه منذ ذلك الوقت لم يحدث سوى اتصالين بين ديبلوماسيتي البلدين، الأول في 21 شتنبر ، عندما أعلن أن وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، تحدثه هاتفيا مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة.
أما الاتصال الثاني، فقد كان بين الطرفين، أيضا، عندما اتصل بوريطة بألباريس، واعتذر له عن عدم المشاركة في منتدى الاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة في 28 نوفمبر الماضي.
وترى صحيفة “إلدياريو”، من جهتها ، أن المغرب غير مستعد بعدُ لتطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين، بدليل قرار المغرب إنشاء مزرعة أسماك مغربية في محيط الجزر الجعفرية، حيث تقدمت وزارة الخارجية الإسبانية بمذكرة شكوى إلى السفارة المغربية ، بقيت بدون ردّ، “بل تم التصريح ببناء عشرات أخرى قبالة ساحل جزر الكناري، وفقا لصحيفةEL ESPANOL
ونقلت صحيفة “إل باييس” عن مصادر دبلوماسية أن إنشاء “مزرعة ألأسماك ” المغربية في مياه الجزر الجعفرية،( يعني في شواطئ الساحل المتوسطي للمغرب، قبالة مدينة الناظور)، يعتبر في _عرف الاستعمار الاسباني “احتلالا غير قانوني للمياه الإقليمية الاسبانية “
وقالت الصحيفة إن الحكومة الإسبانية تجنبت أي احتكاك مع المغرب من شأنه أن يزيد من حدة الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين..
ولعل “عقدة أنوال” لا تزال تسيطر على” وعي” و“لا وعي” الأسبان حيث إن حفنة من ثوار الريف أفنت، خلال سويعات، جيشا عرمرما إسبانيا بضباطه وجنوده، وآلياته ، وأسرت الآلاف من غزاته، ليحقق بذلك الأمير محمد عبد الكريم الخطابي انتصارا مدويا ، ويصبح رمزا كبيرا من رموز التحرير بالمغرب وبالعالم.
ومعلوم أنه غداة إعلان استقلال المغرب عن فرنسا في ثاني مارس 1956، تفاوض المغرب مع إسبانيا حول استرجاع المناطق التي كانت تحتلها إسبانيا في شمال المغرب وجنوبه، إلا أن إسبانيا لم تنسحب من جميع المناطق التي كانت تسيطر عليها إو تحتلها، بل إنها احتفظت بمناطق في شمال البلاد والجنوب، منها مدينتي سبتة ومليلية، والجزر الجعفرية ، وجزيرة البرهان، وجزر الحسيمة الثلاث، وجزيرة باديس، وكذا مدينتي طرفاية وإفني اللتين استرجعهما المغرب فيما بعد، والصحراء المغربية التي كان الفضل لمبدع “المسيرة الخضراء” رحمه الله، في عودتها لأحضان الوطن، عشرين سنة بعد ذلك.
عزيز كنوني