حل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بداية الأسبوع بمدينة طنجة، بمناسبة افتتاح الندوة الجهوية الخامسة حول موضوع “ترشيد الاعتقال الاحتياطي” المندرج في سياق سلسلة من الندوات الجهوية، همت مدن الدار البيضاء، مراكش، أكادير وفاس للتباحث حول سبل إصلاح العدالة.
نسخة طنجة من الدورات التكوينية، التي استمرت على امتداد يومين، عرفت مشاركة عدد من المسؤولين القضائيين إلى جانب مسؤولي الشرطة القضائية والدرك الملكي والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج فضلا عن ممثلي المفوضين القضائيين والمحامين.
ويحظى موضوع الاعتقال الاحتياطي بأهمية بالغة لارتباطه بحفظ وصيانة حريات الأفراد، لكونه يقع في خط تماس بين الحق في الحرية الأساسي والجوهري والمتطلبات الجبرية للمحاكمة القضائية، حيث إن حسن تدبير هذا الموضوع يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة، التي تُعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة.
وأعلن الوكيل العام، خلال الندوة، أن الجهود المبذولة مكنت من خفض نسبة الاعتقال الاحتياطي، إذ بلغت نهاية شهر نونبر 43 % في حين وصلت شهر شتنبر 45,25 % من مجموع الساكنة السجنية البالغة 89 ألفا و814 نزيلا، كما أبرز أن جائحة كورونا أثرت على نسب الاعتقال الاحتياطي المرتفعة، حيث تراوحت على امتداد الشهور السابقة لشتنبر بين 44 و45 % وذلك راجع على الخصوص إلى انخفاض وتيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين.
وأضاف في كلمته، أن حوالي ألفي (2000) معتقل احتياطي انتهت قضاياهم بالبراءة أو عدم المتابعة خلال سنة 2020، ما يسائل جدوى الاعتقال في هذه الحالات. وفي ذلك، دعا الحسن الداكي، إلى تضافر جهود الجميع، من قضاة النيابة العامة والأحكام وكل المتدخلين في سير العدالة، عبر ترشيد مسطرة الاعتقال عند تحريك المتابعات والرفع وتيرة البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، مع التسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحاكم الأعلى درجة. مؤكدا على أن المتابعات في حالة الاعتقال يجب تبقى في إطار ضيق يستحضر طبيعته الاستثنائية، مع الحرص على توفر مبرراته القضائية المحددة في المسطرة المدنية، المتجلية في حالات التلبس، خطورة الفعل الجرمي، انعدام ضمانات الحضور وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة.
وفي ختام كلمته، دعا الوكيل العام، إلى الانفتاح على إجراءات البديلة عن الاعتقال الاحتياطي، من قبيل الكفالات المالية والأساور الالكترونية وإغلاق الحدود.. بما يحفظ مبدأ قرينة البراءة، عماد المحاكمة العادلة.