تفاجأ الرأي العام، نهاية الأسبوع الماضي بانتشار خبر مثير، حول إلغاء تكليف أستاذة متعاقدة، بجهة فاس – مكناس، لتدريس اللغة العربية بإحدى الثانويات، وذلك بقرار إداري ، بدعوى عدم قدرتها البدنية على مزاولة مهمة التدريس. وكان طبيعيا أن يحرك هذا القرار مشاعر التضامن لدى العديد من أساتذة “التعاقد” ليسارعوا إلى إعلان تضامنهم مع زميلتهم وإلى اتخاذ موقف صارم من قرار المديرية الإقليمية الذي اعتبروه مجحفا وجائرا.
وهكذا قررت التنسيقية الجهوية للأساتذة “المتعاقدين” بجهة فاس – مكناس خوض إضراب جهوي ليومين وأصدرت بيانا استنكاريا استعرضت فيه معاناة الأستاذة مع المديرية الإقليمية حيث تعرضت لمعاملة مهينة، بوصف التنسيقية، لا تليق بأسرة التعليم، وإذ أنها وجدت من قال لها بنبرة ساخرة ، إنها “لو طلبت خدمة “جباس” وصادف أن أصابه مرض، فماذا تفعل؟ سوف تطلب جباسا غيره“، في إشارة واضحة إلى أنه قد يتم الاستغناء عن خدماتها بسبب مرض ألمّ بها، لا يؤثر إطلاقا على ملكاتها البدنية ولا العقلية.
كما أنها تواصلت مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ولم تحصل سوى على وعود اعتبرت “فارغة“.
وكانت المديرية الإقليمية بتاونات قررت إنهاء تكليف أستاذة اللغة العربية وجدان سليم، 26 سنة، استنادا لإرسالية المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بهذا الإقليم، تتضمن نتيجة الفحص الطبي الذي يفيد عدم قدرتها البدنية على مزاولة مهام التدريس. إلا أن الأستاذة وجدان استغربت لقرار الطبيب بشأنها، دون معاينة قدرتها على التدريس داخل القسم، مؤكدة أن المرض الذي أصيبت به على مستوى المخيخ في يناير 2021 نتج عنه ضعف في تناسق الحركة بين الرجلين أثناء السير ما لا يمنعها من المشي ولا من القيام بواجبات التدريس بصورة كاملة.
وكانت الأستاذة وجدان سليم تتابع دراستها في سلك الدكتوراه بكلية الآداب بفاس، دون أن يمنعها المرض من التدريس أومن متابعة تكوينها بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفاس طيلة السنة الماضية كما لم يمنعها من المشي مؤخرا في مسيرة احتجاجية .
وقد حاولت إقناع المديرية الإقليمية بقدرتها على التدريس بصورة عادية، غيران المسؤول عن المديرية أخبرها أن الأكاديمية هي المسؤولة وأنه لا يملك حلا لهذا الملف”، كما أن أن مدير الأكاديمية رفض استقبالها بصفتها الشخصية بدعوى أن حل الملف يقتضي اجتماع جميع الأطراف المعنية، وهو ما اعتبرته الأستاذة محاولة لطي ملفها وطردها في النهاية.
إلا أن عزيمتها وعنادها وقوة إيمانها بحقها كامرأة، وبقدراتها الذاتية والعلمية والمهنية، وقوة التضامن الواسع معها، عززت من موقفها ودفعتها إلى الاستمرار في المواجهة، رقم ضعف موقفها ، إداريا، أمام تعنت الإدارة واستنادها إلى تقرير طبي مجانب للواقع، في اعتبارها، كما ألحت على تأكيد ذلك أكثر من مرة ، عبر تدويناتها بخصوص وضعها الصحي، وخيبة أملها في تحقيق حلمها بسبب تعنت الأكاديمية والمندوبية في فرض قرار إلغاء التكليف، كبداية طريق نحو إلغاء التوظيف.
إلى أن انتصرت إرادتها بعد أن تمت دعوتها لفحص طبي رسمي مضاد، أكد بتمام الوضوح، ” قدرتها الكاملة” على مزاولة مهام التدريس، الأمر الذي رفع عنها قرار إلغاء التكليف السابق وأهلها للعودة لمهامها .
الخبر ابتهج له كافة زملائها سواء في التنسيقية أو داخل أسرة التعليم عبر المغرب، أو داخل الهيئات المدافعة عن حقوق المرأة حيث نجحت في انتزاع حقها في الوجود، بعد ما كانت قاب قوسين أو أدنى من الضياع.
سميّة أمغار