يكاد الاجماع يتحقق حول سوء حظوظ القيمين الدينيين مع أحمد التوفيق الذي لا نحتاج إلى دليل لإبراز مدى استغراب الرأي العام لاستمراره وزيرا للأوقاف والشؤون الدينية، فوق العشرين سنة، بالرغم مما يتسرب من انتقادات حول تدبيره لشؤوون الأوقاف وطريقة معالجته لملفات الأضرحة والزوايا التي يبلغ عددها في الوقت الراهن، 6999 والتي أعلن أنها سوف تستهلك، في ميزانية العام المقبل، من أموال الخزينة العامة، فوق مليار و 200 مليون سنتيم (12 مليون درهم) !!!….
هذا الموضوع استفزّ الفريق النيابي لحزب من أحزاب “التحالف” بلجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج حيث مثل التوفيق، صباح الأربعاء الماضي، للدفاع عن ميزانية وزارته، وووجه بتساؤلات حول ما إذا كان يراقب ما اعتبر ممارسات تتنافى والدين الإسلامي الحنيف، نظرا لما تشهده تلك الأضرحة والزوايا من طقوس وممارسات غريبة وأحيانا لا أخلاقية ، وهو أمر غير مقبول في المغرب الحديث. “ولا يساهم بأي شكل من الأشكال، في بناء مواطن مثقف وواع، وفي محاربة التخلف الاجتماعي المتمكن“.
وأكدت ممثلة هذا الحزب أن فريقها إذ يثير موضوع الأضرحة والزوايا ليس من باب الاعتراض على العناية بها، لكنه يرى أن الأولى بالوزارة أن تخصص نفس العناية المادية للقيمين الدينيين ،( ونضيف من جهتنا أن الجميع متفق على أن وضعياتهم الإدارية وظروفهم المادية والمعنوية تثير الشفقة).
الوزير “الموفق” رد بقول إنه “يتوقع أن تكون الأولوية للقيمين الدينيين فيما يخص الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي” وأن القيمين الدينيين سيكونون على رأس الفئات التي ستستفيد من مشروع الدعم الاجتماعي، الذي تستعد الحكومة لتنزيله، ما سوف يمكنهم من الاستفادة من التقاعد الذي لا ينتفعون منه في الوقت الراهن.
ولم لا يستفيدون منه؟ لأن الوزارة لم تدمجهم في إطار إداري سليم ، يسمح لهم بذلك، بل إنها اعتبرت أنها بذلت مجهودا كبيرا حين قررت زيادة 300 درهم في رواتبهم لأربع سنوات متتالية وبدون خجل أو اعتبار لكرامة القيمين الدينيين “تبجح ” الوزير بالقول إن القيمين الدينيين “أصبحوا قريبين من الحد الأدنى للأجور” !!!…..وتعتبر الوزارة أن “منحة شراء الحولي، بمناسبة عيد الأضحى، من الامتيازات التي يجب التذكير بها تحت قبة البرلمان.
بالمقابل اعتبر الوزير أنه لا يمكن دمج القيمين الدينيين في أسلاك الوظيفة العمومية (بالرغم أن العديدين منهم مؤهلون لذلك ومتوفرون على شهادات أكاديمية عليا)، ولكنه “توقع” أن تكون هناك زيادات أخرى متدرجة خلال السنوات القادمة من أجل تحسين وضعيتهم الاجتماعية !.
ودائما في إطار “الوعود“، أوضح الوزير الموفق ، أن وزارته ستواصل في عام 2022 العناية بالقائمين على المساجد، بتخصيص 1,61 مليار درهم لدعم مكافآت القيمين الدينيين، وتسديد مصاريف الحج لبعضهم.
وسترصد وزارة الأوقاف، أيضا، بحسب التوفيق، 229 مليون درهم، لتغطية خدمات التأمين الصحي للخطباء والقيمين الدينيين، والمؤذنين، ومراقبي المساجد، وذوي الحقوق.
وأوضح الوزير أنه تم تخصيص 853 مليون درهم للمساجد في 2021، منها 758 مليون درهم لبناء المساجد، وإصلاحها.
هذا ولا تزال قضية الإمام المحكوم بالسجن النافذ، سعيد أبو علي، تلقي بظلالها على وزارة الأوقاف وتسلط الضوء على قضية القيمين الدينيين ، حيث إن فئة هامة منهم يرفضون منهج ما يسمى ب “شرط الجماعة” القائم على الصدقات والعطايا وهو أمر لا يحفظ كرامتهم ولا مكانتهم الاعتبارية داخل المجتمع، خاصة وأن أجرة القيم الديني، كما صرحوا بذلك، تتراوح بين 500 و 1000 درهم بالنسبة للمؤذن، والمنظف والحارس، فيما يحصل من يمارسون الخطابة والإمامة وغيرها على مكافأة شهرية تتراوح ما بين 800 و 2500 درهم حسب المدينة. أما بالبادية فالوضعية أكثر صعوبة وقساوة.
والذين اطلعوا على تعليقات متتبعي جريدة “هيسسبريس” حول خبر مناقشة ميزانية وزارة الأوقاف باللجنة البرلمانية المختصة، لابد وأنهم كونوا فكرة عن معاناة القيمين الدينيين مع الوزارة التي تتكفل بهم، وأيضا حول “نظرة” المواطنين إلى وزارة السيادة الوقفية وطريقة تعاملها مع القائمين على الشأن الديني بالمساجد.