حكاية “ياسين قنب” هي حكاية العديد من الشباب الذين تم استغلالهم وإقبار موهبتهم في غياب أي فرصة لإبراز مستواهم الرياضي المحترف وجعل الرياضة مهنة يعيشون من خلالها كمحترفي كرة القدم وغيرها من الرياضات.
موهبة مقبورة
ياسين رياضي محترف يمارس kungfu و Capoiera، لكن للأسف وبالرغم من مستواه الاحترافي وأداءه المتميز الذي خَوله لعب أدوار سينمائية ووصلات إشهارية وعروض بهلوانية شاهدناها على القناة الثانية إلا أن بعض المحسوبين على قطاع السينما من ممثلين ومخرجين وشركات إنتاج استغلوا موهبته وأدائه الاحترافي مقابل دراهم بخسة تراوحت بين 100 و 1000 درهم كحد أقصى.
استمر هذا الاستغلال المتكرر لموهبته فترة طويلة، مل بعدها من الوعود الكاذبة لمخرجين وممثلين من أجل أن يشارك في أفلامهم السينمائية وجعل موهبته صَنعة يتقاضى عليها أجرا محترما يليق بما يقدمه كمؤدي مشاهد خطيرة، تتطلب مهارات خاصة، إلا أن الأمر كان ينتهي دائما بالاستغلال المُغرض حيث يَطلب منه المنتجون تعاونه أحيانا بدون مقابل مادي وإن وجد فإن المبلغ لم يكن يتعدى 1000 درهم في أحسن الأحوال.
فكرة الهجرة
عندما طال به الأمد، وطال انتظار أن تتحول هوايته إلى حِرفة يكسب منها قوت يومه، قرر الرحيل مستغلا بطاقة الفنان للحصول على تأشيرة استطاع أن يسافر بها إلى ألمانيا للبحث عن مراده في ولوج عالم الفن السينمائي كمؤدي مشاهد خطيرة كما هو معروف في أفلام الحركة حيث يُعوض الشخص “الكومبارس” بطل الفيلم في تنفيذ الحركات الوعرة والخطيرة التي تتطلب مهارات خاصة فيتقاضى بموجب عقد أجرا يليق بتلك المخاطر. هنا تتدخل شركة الإنتاج وحدها دون مخرج أو ممثل كما يحدث عندنا بطريقة استغلالية إن لم نقل فيها نصب واحتيال.
غياب الاستحقاق
غياب الاستحقاق والاستغلال المغرض هو من جعل ياسين يهاجر إلى ألمانيا لعله يجد من يُقَدر قيمته الحقيقية كرياضي محترف أولا وكإنسان بسيط يريد أن يحقق ذاته أيضا.
للأسف هناك العديد من الشباب وأبطال الرياضة خصوصا، لا يَجِدون من يحتَوِيهم ولا من يدعمهم، رغم أن مستواهم الرياضي جيد جدا. وهنا نتساءل بأسف شديد، ما نفع القاعات الرياضية ومختلف الجامعات الرياضية ومعها وزارة الشباب والرياضة نفسها بل وحتى الصناعة السينمائية، ما نفعهم جميعهم إن لم يستطيعوا على اختلاف اختصاصاتهم احتواء مثل هؤلاء الأبطال؟ هو سؤال سيظل بدون جواب طبعا ما دامت كل هذه القطاعات لا تحتكم لمَنطق الاستحقاق والاحتواء وتقدير الرأسمال البشري الذي يزخر به بلدنا المغرب كي لا أقول إنهم لا يهتمون بالرياضة من الأساس.
كيف أصبح ياسين مشردا في الغابة؟
عندما هاجر من المغرب إلى ألمانيا نزل عند أحد معارفه، لكن كغالبية الجالية المقيمة بالمهجر فإنهم لا يستحملون مثل هذه الزيارات التي تطول في انتظار الفرج والتي قد تقحمهم في مشاكل قانونية قد يفقدون على إثرها أوراق إقامتهم فيحاولون طبعا التخلص من ثقل هذه المسؤولية وشبهة التستر على مهاجر غير قانوني بأية وسيلة حتى وإن استدعى الأمر التبليغ بوجود شخص في وضعية غير قانونية. هكذا وجد ياسين امرأة ألمانية وهي أم عازبة لطفلتين أقام عندها في منزلها بعدما ترك منزل الشخص الذي حط عنده الرحال أول ما وصل إلى ألمانيا في خطوة اعتبرها طريقة للاندماج السريع في مجتمع له عاداته وقوانينه الخاصة، لكن الأمر لم يدم طويلا بعدما نال منه المتربصون به الذين أبلغوا الشرطة عن مكان إقامته فما كان منه إلا أن هرب إلى الغابة ليعيش للأسف كمتشرد.
قناة اليوتوب Kaneb Yassine TV
وجد ياسين ضالته في قناة اليوتوب حيث يعرض فيها حياته الخاصة رغم الظروف القاسية التي يعيشها، لكن يبدو أنه أمام المتربصين به، الحساد كما يصفهم، لم يجد ملاذا آمنا سوى كوخ في الغابة صنعه بنفسه مستغلا ظروفه المأساوية لإنتاج محتوى على اليوتوب يتقاسم فيه معركته مع الحياة. لقد وصل لحد الآن إلى مائة ألف متابع على قناته يكسب منها 1000 درهم كل شهر في مفارقة عجيبة وكأن الألف درهم تلك هي نصيبه مهما غير الجغرافية والناس.
وقد لاقت فيديوهاته إقبالا جماهيريا واستحسانا وتعاطفا من الناس حيث يتواصلون معه ويدعمونه معنويا وماديا أحيانا ليستطيع استكمال مشوار البحث عن فرصته لتحسين ظروف عيشه والحصول على أوراق الإقامة.
خاتمة
نتمنى لياسين الذي يمثل هذه الفئة من الشباب الرياضي الطموح كل التوفيق والنجاح كما نتمنى أن تتغير عقلية المسؤولين عن مجال الرياضة ببلادنا حتى لا نفقد المزيد من الطاقات الشبابية على قوارب الموت وفي الغابات الخالية بسبب لدغة ثعبان أو برد قارس أو حتى جوعا.
محمد العودي