مأساة هي تلك التي وقعت بطنجة الكبرى صبيحة الثلاثاء، والتي تسببت في انهيار مشروع بناء ونقل أحد العمال إلى المستعجلات، إذ بعد أن فارق وودع عمال مشروع بناء شقق “طنجة مول” أسرهم وقصدوا مكان عملهم لكسب قوتهم اليومي وإعالة والديهم وأفراد أسرهم، شاءت الأقدار أن يعيش 17 عاملا يوما مرعبا بكل مقاييسه نتيجة لمجموعة من الخروقات التي تطال هذا المشروع.
عن الحادثة:
وسط غياب تام لصاحب المشروع وبشارع يوسف بن تاشفين بطنجة وبالضبط بالقرب من مول ابن بطوطة، علت أصوات الصراخ لمجموعة من العمال الذين وجدوا أنفسهم عالقين داخل ورشة البناء، بعد انفجار إحدى قنوات الصرف الصحي وبعد انجراف التربة عليهم.
هذه الفاجعة التي تسببت بنقل أحد العمال إلى المستشفى بعد أن ظل عالقا، بل وغارقا في أسفل هذا المشروع، وبعد أن ظل أعضاء الوقاية المدنية يحاولون إخراجه لأكثر من ساعة ونصف، لم تكن محض صدفة وإنما كانت هذه الحادثة نتيجة لخطأ الشركة الفادح، حيث فضلت الشروع في بنائها والاقتصار على حفر 10 أمتار فقط تحت الأرض، عوض أن تستمع إلى مسؤولي القطاع الذين أوصوا بحفر 25 مترا أولا قبل الشروع في عملية البناء، وذلك لتفادي مشاكل انجراف التربة التي تعاني منها المنطقة بسبب قربها من الشاطئ.
ومن جهة أخرى وبعد أن خالفت هذه الشركة قوانين البناء، تكون قد عرضت العمال بل وربما السكان مستقبلا لخطر كبير وذلك لعدم معالجتها أولا لأحد أكبر الأسباب التي كانت وراء هذه الحادثة وهي مشكلة “الحفرة” التي تقع داخل هذه الورشة والتي من شأنها أن تعيد هذه الحادثة مجددا.
شهود عيان:
وعلى هامش هذا الحادث، وفي تصريح لحارس الحي، أوضح من خلاله أنه وخلال مزاولته لعمله يوم الثلاثاء، سمع صوت صراخ قادم من الورشة المعنية، فظن بداية أنه مجرد شجار عادي بين العمال، إلا أنه وبعد رؤيته لشاحنة نقل “الرمال” وهي تفر هاربة من المكان، “ذهبت جاريا ووجدت أن التربة تغزو المكان، والعمال يطلبون النجدة وهم عالقون داخل الورشة”.
ومن جانبه، فقد أوضح لنا أحد سكان الحي أنه وبعد أن جاءت شاحنة نقل السلع، انسكبت الرمال في أسفل البناية وهو الأمر الذي أدى إلى انفجار قناة الصرف الصحي وتضارب التربة مع الماء، لتنسكب بعد ذلك على العمال وتتسبب بانهيار جزئي في الورشة. وأضاف المتحدث أنه ورغم حلول الوقاية المدنية بعين المكان “إلا أنها لم تستطع في البداية إنقاذ جل العمال من الحادثة، نتيجة لطغيان الماء وانجراف التربة بالمكان، ليتم بذلك استدعاء شركة “أمانديس” للحد ومنع تدفق المياه بنسبة كبيرة.
فاجعة الثلاثاء جعلت ذاكرتنا تعود للوراء قليلا، عند انهيار المركب التجاري ابن بطوطة قبل بنائه في سنة 2011، الأمر الذي يجعل المرء يلتفت بل ويطرح ملف التعمير والفوضى التي تطاله، فرغم الفجائع المتكررة التي تقع نتيجة لخروقات هذا الأخير، إلا أن الأمر لا زال مسكوتا عنه، إذ يكفي أن تكون حقيبتك ممتلئة لتخول لك خرق جميع القوانين والتسبب في مختلف الحوادث، حتى أنك عند إذ ستجد من يتستر عن أخطائك الفادحة، كما حدث مع مشروع البناء هذا.
ومن جهة أخرى لابد من تحميل مسؤولية ماحدث هذا الأسبوع بالخصوص للمسؤولين الذين كانوا السبب الرئيسي لهذه الكارثة وعلى رأسهم الشركة المفوض لها تدبير الماء والكهرباء “أمانديس” التي لم تحرص على جودة بنيتها التحتية، وعلى قنوات صرفها الصحي، خاصة في مشروع بهذا الحجم.
وآخرا، بيت القصيد هو أن هؤلاء العمال لن يكونوا الآخرين ولن تكون الفاجعة التي شهدتها المدينة هي الأخيرة كذلك لو لم توجد حلول عاجلة لهذه الشركات التي ترى نفسها فوق القانون وكذا للمواطنين الذين يعملون بشكل يومي في انعدام تام لشروط العمل الكريم، حيث يتم استغلالهم بأبشع استغلال.