موضوعان اجتماعيان، وإن اختلفا عن المواضيع التي نعالجها، عادة، في هذا الركن، إلا أنهما يشكلان حالتين اجتماعيتين جديرتين بالاهتمام.
الموضوع الأول، يتعلق بما تداولته بعض منابر الإعلام من أن وزارة التعليم قررت الاستغناء عن خدمات فئة كبيرة من المربيات بقطاع التعليم الأولي العمومي، وذلك بدعوى أنهن لا يتوفرن على شهادة البكالوريا، بالرغم من أنهن قضين سنوات في هذا القطاع ! .
وقد تم إخبارهن بقرار الاستغناء عن خدماتهن، كما وصل إلى علمنا، دون مقدمات، و دون الالتفات لما راكمنه من خبرة واسعة وتجربة طويلة خلال مدة عملهن في قطاع التعليم الأولي العمومي، ودون اعتبار أن الخبرة والتجربة الميدانيتين، تعتبران من المؤهلات القوية للعمل، وأنهما تشكلان مرجع تأهيل للعمل، قبل وفوق الحصول على العديد من الشهادات الأكاديمية.
ثم إن قرارا “خطيرا” من هذا القبيل، إذ يتعلق بتوقف مواطنات مغربيات عن العمل، بجرة قلم، يمكن اعتباره قرارا إداريا مجحفا، بعد عملية توظيف عادية، بنت عليها المربيات حياتهن الشخصية والأسرية، وتصرفن اعتمادا على ما يوفر لهن ولأسرهن، هذا العمل، من فوائد مادية ومعنوية، تمكنهن من تدبير شؤون حياتهن في جو من الاستقرار والطمأنينة، مسألة هي أقرب إلى الإجحاف منه إلى القرارات الإدارية التي تتخذ دون اعتبار رواسب تلك القرارات وتبعاتها الاجتماعية والإنسانية والنفسية، ذلك أن الإنسان ليس “بيدقا” على رقعة شطرنج، يمكن “تحريكه” في كل الاتجاهات، وفق أحكام “اللعبة“، بل هو كائن بشري، بخصوصيات نفسية وسمات عاطفية ومشاعر إدراكية متميزة، لا يمكن التعامل معه بمثل هذا الاستخفاف واللامبالاة، خاصة والجميع يعلم أن الشهادة المدرسية أو الأكاديمية ليست هي الإنسان وأنها لا تقوم حتما مقام الخبرة والتجربة، وأن أعدادا من أصحاب الشهادات العالية يثيرون الشفقة، وأن “اللباس لا يصنع الراهب ” كما قال البابا كريكوار التاسع (1227-1241(.
وعلمنا ، من مصادر إعلامية، أن قرار الاستغناء عن فئة كبيرة من مربيات قطاع التعليم الأولى ، عرض الوزير شكيب بنموسى للمساءلة بالبرلمان عبر سؤال كتابي من نائب عن “الأصالة والمعاصرة“، ونتطلع إلى رد عادل من وزير التربية والتعليم، وإن كنا غير مطمئنين إلى إمكانية إيجاد حلول إرضائية لهذه القضية الإنسانية. ولكن “ما ضاع حق وراءه طالب“!
أما الموضوع الثاني فإنه يسائلنا جميعا كمجتمع، وإدارة ومنظمات أهلية. فقد تظاهر أطفالٌ من مركز رعاية اجتماعية بطنجة، هذا الأسبوع، أمام بناية ولاية الجهة، بسبب حرمانهم من الالتحاق بالمدرسة بعد الدخول المدرسي، حسب أقوالهم التي نقلتها عنهم منابر إعلامية محلية.
وخلال تظاهرتهم بباب ولاية الجهة وأمام مقر المركز الذي يأويهم، تنديدا بالأوضاع المزرية التي يعيشونها داخل مؤسستهم ، رفعوا شعارات تعبر عن حزنهم من منعهم من الالتحاق بالمدرسة، بعد الدخول المدرسي الأخير بداية شهر أكتوبر الماضي.
كما أنهم أعربوا عن خيبة أملهم في المركز الذي ألحقوا به، إما بسبب فقدانهم لأولياء أمورهم، أو عجز هؤلاء عن التكفل بهم، وأن هذا المركز، لم يعد يوفر لهم ظروف العيش اللائق، إنسانيا، في أدنى حدوده، وأن حرمانهم من التعليم أو التكوين المهني، يهدد مستقبلهم ويعرضهم حتما للضياع.
الأطفال الذين خرجوا للتظاهر أمام مقر الولاية ثم أمام مقر المركز، هذا الأسبوع، قالوا أيضا إن المركز الذي لم يعد، ومنذ حوالي أربع سنوات، يوفر لهم ظروف الكفالة و الرعاية بالشكل المطلوب، ولو في أدنى حدودها، والأسوأ الآن هو تهديد مستقبلهم عبر حرمانهم من دخول المدرسة كما هو الشأن بجميع أقرانهم من الأطفال.
وإلى جانب ذلك، قال هؤلاء الأطفال إنهم يعيشون نوعا من حياة التشرد داخل المركز الذي لم يعد يوفر لهم أبسط مستلزمات الإيواء والتطعيم، و وجود أفرشة وأغطية للنوم، وأن الطعام كارثي، واللباس مفقود و العديد من “هبات ” المحسنين وكذا بعض الأنشطة الجانبية، يتم التلاعب بها لفائدة الغرباء والأقارب.
موقع “طنجة 7″ حاول، دون جدوى، أن يتواصل مع مدير المركز من أجل معرفة حقيقة الوضع داخل هذه المؤسسة الاجتماعية، ،لكن المدير تهرب من الرد لأسباب شخصية وإدارية.
هاتان الحالتان نعرضهما على “أولي الأمر منا“، أملا في أن ينظر إليهما بما تتطلبان من حكمة وعناية، لأن أصحابهما يستحقون، فعلا، أن يلتفت إليهم بما تتطلب قضيتهم من عطف وحنوّ وكرم وعدل وإنصاف
سمية أمغار