فسحتنا ما زالت متواصلة بخصوص المداخل السبعة الرئيسة لمدينة تطوان، حيث سنحط الرحال عند “باب التوت”، وعليه فإننا سنفتح قوسا بهذا الخصوص، إذ يوجد بابان “قديم وجديد” يحملان نفس الاسم، فالقديم يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر ميلادي، يقع في الجهة الغربية من المدينة العتيقة، وبالضبط بجوار الحي المعروف ب “الطرنكات”.
أما الباب الجديد فهو حديث المَنشَأ، يرجع تاريخه إلى بداية القرن التاسع عشر ميلادي، إلا أن هذا الباب تم هدمه سنة 1958 من أجل التوسعة وربط المنطقة المعروفة بالفدان بالمحور الطرقي في إطار عملية تهيئة المدينة، لكون هذه التوسعة لها أهميتها حيث تربط الطريق المؤدية إلى فاس وطنجة وباقي المدن الجنوبية.
وفي نفس السياق أشار المرحوم محمد حكيم بن عزوز في أحد مناشيره حول التطور الطبوغرافي لمدينة تطوان، إلى أن الباب الأول أُنشئ خلال المرحلة السابعة من التطور الطبوغرافي للمدينة، أي خلال القرن السادس عشر عند بناء حومة “الطرنكات”، في حين أن باب التوت الجديد ينضوي ضمن مرحلة أوائل القرن التاسع عشر، وهو الذي تمت إزالته عند بداية الاستقلال.
أما بخصوص مصدر تسمية “باب التوت” وحسب تحليل الكاتب عبدالسلام بن أحمد السكيرج في كتابه “نزهة الإخوان في أخبار تطوان”، فهو راجع إلى كثرة أشجار “التوت” بالمنطقة المحاذية له، ونظرا أيضا إلى أن سكان المنطقة كانوا يهتمون بتربية دودة القَز التي تنتج الحرير، حيث كان السكان يجلبون أوراق أشجار التوت لإطعام تلك الدودة، كما أن تسمية الباب لها ارتباط بالمثل الشعبي القائل “شوف او سكت” وهو منقوش على الباب، وذلك للاستدلال، بأن ما تراه يدل على الواقع، وليس من حاجة للتساؤل، حسب رواية الكاتب السكيرج.
واسترسل الكاتب في مؤلفه المشار إليه آنفاً أن هذا الباب كان يحمل إسما اسبانيا وهو ـ Puerta del Cid، وذلك ما بين 1860 ـــ 1862 ومعناها باب السيد نسبة إلى أحد أبطال إسبانيا الأسطوريين الذي حارب المرابطين في الأندلس، كما أطلق عليه الإسبان في فترة الحماية الاسبانية سنة (1913) اسم Puerta de Tanger، أي باب طنجة.