بعد أزيد من خمسين سنة من الإهمال، ستدب الحياة في المعلمة التاريخية حلبة مصارعة الثيران بلاصا طورو بمدينة البوغاز، بعدما كانت تعيش مرحلة الموت الإكلينيكي، على غرار مسرح سيرفانتيس الذي نفض هو الآخر عنه غبار النسيان.
وخصصت كل من ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة والمجلس الجهوي ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال وجماعة طنجة مبلغ 50 مليون درهم لإعادة تهيئة معلمة بلاصا طورو، التي رأت النور في 27 غشت 1950 والتي تسع لما مجموعه 11 ألف متفرج كانوا يحجون لمتابعة عروض مصارعة الثيران.
وعرفت حلبة “الثيران”حضور أشهر مصارعي الثيران في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، فالإسبان كانوا يسعون من خلال بناء “بلاثا طورو”، نقل جزء من تراثهم وثقافتهم إلى المغرب، وذلك من خلال احتضان مجموعة من المسابقات بعد افتتاحها.
شكل تاريخ افتتاح حلبة مصارعة الثيران استثناء في طنجة، نظير الحشود الغفيرة التي توافدت على المدينة من مختلف مناطق العالم، حيث تشكلت طوابير طويلة انطلاقا من (ساحة 9 أبريل حاليا) إلى غاية أبواب الحلبة.
مباشرة بعد استقلال المغرب سنة 1956، تلقت “بلاصا طورو “ضربة قاضية أصابتها في مقتل، حيث توقفت العروض لتستأنف سنة 1970 بعرض شهد مشاركة أشهر المصارعين الإسبان، غير أن استعراضهم لم يلق نجاحا كبيرا، وبذلك يكون كآخر عرض في تاريخ الحلبة.
وسيتم تحويل حلبة مصارعة الثيران إلى فضاء للتنشيط الاقتصادي والثقافي والفني، وفضاء للفرجة بالهواء الطلق يخصص لإحياء مجموعة متنوعة من الفنون بسعة 7000 مقعد، وكذا قاعة للعرض ومطاعم ومتاجر ثقافية ومرافق أخرى، بالإضافة إلى التهيئة الخارجية للمعلمة.
وستكون ساحة الثيران محاطة بفضاء عمومي مكون من مرائب للسيارات وتجهيزات حضرية ونافورة وساحة عمومية، قادرة على استيعاب 120 شخصا، وفضاء للعرض الخارجي.
وسيمكن هذا التصميم من استعادة جمالية “بلاصا طورو” وتثمين هذه المعلمة التاريخية لجعلها رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمدينة البوغاز.
في سياق مرتبط بالموضوع، أشاد الرأي العام المحلي بكل المساهمين في هذا العمل الجبار، الذي نَفثَ في حياة الثقافة الفنية بمدينة طنجة روحا جديدة ستبقى خالدة على رمال الزمن، فبعد مسرح سيرفانتيس، جاء الآن دور حلبة مصارعة الثيران، وهذا يدل على مدى اهتمام والي جهة طنجة تطوان الحسيمة والجماعات الترابية ووكالة تنمية أقاليم الشمال بالمجال الفني والثقافي، وهي بادرة تستحق كل التنويه والتقدير.