حضر هذا الملتقى كل من الوزير المنتدب السيد محسن الجزولي ورئيس الجهة السيد عمر مورو ووالي جهة طنجة تطوان الحسيمة السيد محمد مهيدية.
بداية، وفي كلمته الافتتاحية لأشغل هذا الملتقى، تقدم عمر مورو بشكره وامتنانه لجميع الحاضرين على تلبيتهم الدعوة، خاصة للوزير المنتدب على حضوره الشخصي. ولم تفته الفرصة لتجديد امتنانه للسيد والي الجهة على دعمه الموصول لكل المبادرات التي تهدف إلى هذه التنمية، مشيرا إلى أنه وفي ظل واقع دولي وإقليمي، يسوده الغموض والاضطراب ورغم التغييرات المتسارعة وفي ظل ما خلفته وتخلفه التداعيات المرتبطة بالأزمة الصحية العالمية “كوفيد 19” ورغم كل المعطيات تستمر بلادنا ولله الحمد في مسيرة البناء والتقدم، بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله.
وما الانتصارات الدبلوماسية، بخصوص قضيتنا الوطنية الأولى وكذا التنظيم الناجح والاحترام التام للمواعيد الدستورية وتعيين حكومة جديدة، إلا دليل على متانة البناء المؤسساتي ورجاحة الاختيارات الاستراتيجية الجديدة. وفي هذا المضمار وتماشا مع مخرجات تقارير النموذج التنموي الجديد لبلادنا، وضعت الحكومة على رأس أولوياته مسألة التشغيل كعنصر أساسي في صلب الاختيارات الاجتماعية والاقتصادية الكفيلة بضمان الارتقاء في الأوضاع العامة للمواطنات والمواطنين، فتأهيل النسيج الوطني الاقتصادي والرفع من تنافسيته وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية، مرتبط جدليا بثالوث الاستثمار والتكوين والتشغيل. وقد كان ذلك الدافع الأساسي لاختيارنا لموضوع هذا الملتقى. كما أشار إلى أن دستور المملكة أعطى لمجلس الجهة مكانة متميزة، ضمن الوحدات الترابية التي لها علاقة بالتنمية وتحسين جاذبية المجال، بالإضافة إلى أن دينامية أجرأة مقتضيات الجهوية المتقدمة تقتضي إعادة ترتيب الأولويات على مستوى الفعل الجهوي، بشكل يتماشى مع الاستراتيجيات الوطنية والتوجهات الحكومية وذلك لتفادي تضارب الجهود وتبديد الطاقات، حرصا على تحقيق التكامل والنجاعة باعتبارهما إحدى التوصيات الأساسية للتقرير المتعلق بالنموذج التنموي، السالف ذكره.
وبناء على ذلك وبالرغم من تعدد المحاور واختلاف القطاعات التي يلامسها موضوع الملتقى، إلا أننا حرصنا على إشراف ومشاركة القطاع الحكومي، المكلف بالتقائية السياسات العمومية وهي رسالة أردنا من خلالها تأكيد انخراطنا في مجهود أكبر، لتحقيق التكامل والتناغم بين الفعل المركزي والجهوي، حرصا على إنجاح رهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسساتية. كما أشار المتحدث إلى أن الجهة ومنذ اليوم الأول لتشكيل هياكلها، حرصت على إعطاء دفعة قوية لمسألة الاستثمار والتكوين والتشغيل وذلك بالموازاة مع الجوانب الاجتماعية والثقافية والبيئية، موضحا أن الورقة التأطيرية لهذا الملتقى استعرضت بعض أهم الاشكاليات والتحديات التي تواجه الثالوث على مستوى الجهة ولعل أبرزها حجم الاستثمارات ومدى أثرها في خلق الثروة وفرص الشغل الكريم وكذا مدى ملاءمة العرض التكويني لواقع سوق الشغل.
هذه الإشكاليات وغيرها ستكون في صلب نقاشات هذا اليوم الدراسي الهام والذي يجتمع فيه كل المعنيين بمسألة الثالوث على مستوى التراب الجهوي. وأكد المتحدث أنه وفي هذا الإطار لا بد من استحضار أهمية دعم الاستثمار والشغل مع تنويع الاقتصاد ومصادر الثروة وتحقيق التنمية المستدامة ومحاربة الفوارق المجالية وتحسين إطار عيش الساكنة وهو ما يتطلب منا أخذ هذه الأبعاد بعين الاعتبار، عند مناقشة وصياغة مخطط عمل الجهة للفترة المقبلة، متوخيا من هذا اللقاء تسليط الضوء على الإشكاليات المحلية والإقليمية والجهوية المرتبطة بقضايا الاستثمار والتكوين والتشغيل وطرق مقاربتها وإيجاد الحلول الملائمة لها، مع مراعاة اختصاصات كل طرف، من أجل استثمار التراكمات المنجزة والفرص المتاحة، بهدف تحقيق نتائج ملموسة. ذلك أن جلب الاستثمار يتطلب بلورة مشاريع للتنمية المندمجة، صناعيا وفلاحيا وسياحيا وغيرها، كما يتطلب الاستثمار إنجاز قفزة نوعية على مستوى الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيات الحديثة والاقتصاد الأخضر والأزرق.
وذكر عمر مورو بأهم التساؤلات التي يراد تقديم إجابات بخصوصها، ضمن هذا اللقاء، منها على سبيل المثال، لا الحصر، “أي استثمار لأي تنمية جهوية؟”، “أي توجه استراتيجي للجهة في مجال التنمية؟”، “أي منظومة تعليمية نريد من أجل تأهيل الطاقات وتوفير الموارد البشرية المؤهلة والقادرة على الإبداع والتطوير والتأقلم؟”، “ما نوع المشاريع المهيكلة التي يجب التسريع بها على مستوى الجهة؟”.
وختم عمر مورو كلمته، آملا تفعيل قوة الذكاء الجماعي واستثمار مخرجات الدراسات السابقة التي بلورتها مختلف المؤسسات المشاركة وربطها بالأشغال والمشاريع المستقبلية، ثم جعلها بمثابة ميثاق وأرضية للتنمية الجهوية.
ومن جانبه وفي كلمته التوجيهية للملتقى، رحب السيد الوالي بالسيد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية وشكره على حضوره، كما نوه بمبادرة هذا الملتقى الذي سيكون له الأثر الإيجابي على مستوى طرح الأفكاروتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف الفاعلين والمتدخلين خلال أشغال هذا الملتقى الهام، الذي يعتبر مناسبة لتوحيد الرؤى وخلق تصور جماعي حول المبادرات الرامية إلى تشجيع الاستثمار وتثمين الرأسمال البشري، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، خاصة الواردة في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى عيد العرش السعيد، حيث أعلن جلالته أنه “لا يمكن توفير فرص الشغل أو إيجاد منظومة اجتماعية عصرية ولائقة، إلا بإحداث نقلة نوعية في مجالات الاستثمار ودعم الإنتاج الوطني”.
وذكر السيد الوالي بالمناسبة، بالإمكانات الهائلة التي تزخر بها جهة طنجة تطوان الحسيمة التي تشهد نهضة حقيقية، بفضل الأوراش الملكية الكبرى والمشاريع التنموية المهيكلة التي وفرت لها بنى تحتية بمواصفات جيدة، تمكنها اليوم من الاستفادة من موقعها الاستراتيجي كملتقى للطرق التجارية العالمية، في تعزيز تنافسيتها واستقطاب استثمارات وطنية ودولية.
وأشار السيد الوالي من زاوية أخرى إلى دينامية العنصرالبشري بالجهة الذي شكل رافعة للتنمية وعاملا أساسيا للرفع من إنتاجية النسيج الاقتصادي الجهوي واعتبرأن إنشاء مدينة المهن والمهارات التي ستبدأ عملها، العام المقبل، باستقبال 3200 متدرب، سنويا، يشكل خطوة حاسمة وإسهاما قويا في تعزيز قابلية التشغيل لفئة واسعة من الشباب.
وخلص السيد الوالي إلى اعتبارأنه بالرغم من الانجازات المهمة، تبقى التقائية السياسات رهانا حقيقيا للرفع من مردوديتها ونجاعتها ، مذكرا بإحداث اللجنة الجهوية للتنسيق، بغاية تحقيق انسجام عمل المصالح الجهوية.
وختاما، ألح السيد الوالي على ضرورة مساهمة الجميع في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد وميثاق التنمية وميثاق الاستثمار، كما دعا كافة الفاعلين الترابيين بالجهة إلى تضمين البرامج الجهوية
والإقليمية لآليات تحفيز الاستثماروالتشغيل، خاصة عبر خلق بنك مشاريع جهوية جاهزة للإستثمار، على غرار ما أنجزته الدولة وذلك من أجل دعم جاذبية الاستثمارات.
ودعا المشاركين، في ختام كلمته التوجيهية، إلى الأخذ بعين الاعتبار مخرجات أشغال اليوم الدراسي حول التشغيل والتكوين الذي تم تنظيمه في مارس 2019 من طرف ولاية الجهة، متمنيا للمشاركين في هذا الملتقى كامل النجاح والتوفيق في أشغالهم.