يشهد العالم حاليا صراعا قويا بين فصيل مؤيد لأخذ اللقاحات من أجل محاربة الفيروس التاجي، وعلاج المرض الذي ما فتئ ينتشر ويتمحور يوما بعد يوم، وبين فصيل معارض يدعو إلى الامتناع عن أخذ اللقاح اعتبارا لكونه يدخل ضمن دائرة النظرية العلمية التي تدعوا إلى تقليص عدد السكان، والتي يطلق عليها نظرية ” المليار الذهبي”.
وصدحت النظرية للوجود مرة أخرى خاصة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، وما تمخض عنه من نتائج أثرت لا محالة على كافة الأصعدة، هي نظرية شكلت جدلًا بين مُؤيد ومُعارض، فمن جهة، يَعتبر المؤمنون بنظرية المليار الذهبي أنها حقيقة واقعية، ولا يُراودهم أي شك في صحتها وفيروس كورونا خير دليل، في حين، يرى مُعارضو هذه النظرية أنها ليست إلا خُرافة ولا تمُت للواقع بِصِلة.
فما هي إذا نظرية المليار الذهبي؟ وما هي علاقتها بجائحة كورونا؟ وما أصل هذه النظرية؟ كلها أسئلة سيتم الإجابة عنها في هذا المقال.
ما هي نظرية المليار الذهبي؟
فكرة المليار الذهبي تنص على أن المواد الأساسية المتاحة في كوكب الأرض من نفط وغاز طبيعي، ومياه ومعادن، وزراعة وصناعة لا يمكن أن تسع 7 مليارات نسمة، وبالتالي فالموارد المتاحة تكفي فقط مليار واحد وليس سبعة.
المليار نسمة سيكون مكونا فقط من النخبة التي تحكم الدول المتقدمة والتي ستشمل: أوروبا الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، وكندا، واليابان، وتقوم فكرة هذا المشروع على تحديد الجزء الأكثر ثراء من البشر الذين يمكنهم أن يعيشوا في العالم، وهم الأشخاص الذين يملكون كل ما هو مطلوب لحياة آمنة ومريحة، فلن يكونوا عبء على الحياة. وليتأتى ذلك تقول النظرية أن نخب الدول المتقدمة تعمل على استخدام شتى الوسائل لتحقيق المنشود، من خلال خلق حروب، ونشر الأمراض والأوبئة، وكذا التسبب في حدوث المجاعة وغيرها.
وفقًا لقول سيرجى كارا مورزا، وهو فيلسوف وعالم اجتماع وكيميائي ومؤرخ، فإن البشر الآن يقومون باستهلاك نصيب مهول من جميع موارد الكوكب، حتى أن العديد من الأبحاث أكدت أن في حالة استمرار تزايد البشر فسوف يؤدي ذلك إلى نقص في الموارد الطبيعية الأساسية للحياة في الكوكب، ومن هنا بدأ التركيز على ندرة الموارد الطبيعية.
أصل النظرية
قام الاقتصادي البريطاني توماس مالتوس في نهايات القرن الثامن عشر، وبالتحديد سنة 1798، بتأليف كتاب تحت عنوان “مقالة حول التعداد السكاني وتأثيره على تقدم المجتمع في المستقبل”.
واستعرض الكتاب أن النمو السكاني سيظل دائمًا يتصاعد وبشكل مُتزايد، بِمُعدل يفوق بكثير مُعدلات النمو الاقتصادي، مما يعني أن المستوى المعيشي المرتفع والرفاهية الاجتماعية أُمور لا يُمكن تحقيقها، وبحسب وجهة نظر توماس مالتوس، فإن حل هذه المشكلة يكمن في تراجع مُعدلات النمو السكاني من خلال عدة عوامل، مثل الحروب والكوارث الجماعية كالأمراض والمجاعات، هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى كأن يلتزم عدد كبير من الناس بالامتناع عن الزواج والإنجاب. وهي الطريقة الوحيدة التي يُمكن من خلالها تحقيق مُستوى معيشي مُرتفع للناس طالما أن أعدادهم أصبحت قليلة.
إنتاج الفيروسات إذن واحدة من أحدث الخطط المُتبعة في الوقت الحالي والتي تساعد على تحقيق الهدف الأسمى ألا وهو التخلص من جميع سكان العالم إلا مليار فقط من البشر. الفيروسات في العالم الحالي أصبحت واحدة من أخطر الأسلحة التي تترك تأثير استراتيجي على جميع الدول، وأحد أسوأ الآثار لتلك الفيروسات أنها تستهدف فئة كبار السن وتقوم بتهديد حياتهم، كما تعمل على انخفاض عدد السكان، ولكن الفيروسات لا تقف عند هذا الحد، بل تمتد آثارها إلى آثار اقتصادية من الممكن أن تؤثر على الدول النامية لمدة سنوات.
وبالتالي فأنصار النظرية يدعون إلى تقليص العدد لغرض التنعم بخيرات الكرة الأرضية من دون تنغيص من الشرائح المجتمعية والطبقة المتوسطة، اللذان يشكلان معا أكثر من أربعة أخماس وزيادة من سكان العالم، الشيء الذي ترتب عنه ندرة في المواد الغذائية حسب المنظرين الجدد للعولمة.
نظرية المؤامرة
يمكن ببساطة ربط كل الأحداث ببعضها البعض، فالمؤمنون بنظرية المليار الذهبي يعتقدون أن نشر الأمراض هو أحد الوسائل المُستخدمة في عملية تقليص التعداد السُّكاني للعالم، ولهذا تم توظيف جائحة كورونا واللقاحات لدعم هذه المُعتقدات التي تستند إلى كتابات توماس مالتوس، وبالتالي تحقيق رغبة البعض في التخلص من المنتمين للعالم الثالث.
وللإشارة فأصحاب النظرية هدفهم الوحيد إثارة نوع جديد من الصراع الحضاري خاصة عند أهل الكتاب والمسلمين، حيث القرآن الكريم ينص على ما يلي: “وما من دابة في الارض الا على الله رزقها”.
وقال تعالى: {وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ} وليس لنا في السماء ملك ولأن الرزق لو كان ملكاً لكان إذا أكل الإنسان من ملك غيره أن يكون قد أكل من رزق غيره، وذلك محال لأن العبد لا يأكل إلا رزق نفسه.
وقيل لبعضهم: من أين تأكل؟ فقال: الذي خلق الرّحى يأتيها بالطّحين، والذي شدق الأشداق هو خالق الأرزاق.
وقيل لأبي أسيد: من أين تأكل؟ فقال: سبحان الله والله أكبر إن الله يرزق الكلب أفلا يرزق أبا أسيد. وقيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟ فقال: من عند الله فقيل له: الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟ فقال: كأن ما له إلا السماء يا هذا الأرضُ له والسماءُ له فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد:
وكيف أخافُ الفقرَ والَّلهُ رازقي ورازق هذا الخلق في العُسْرِ واليُسْرِ
تَكَفَّلَ بالأرزاقِ للخلقِ كُلِّهمْ وللضَّبِّ في البيداءِ والحُوتِ في البحرِ
ان أصحاب النظرية السالفة الذكر بها نوع من التخويف الشيطاني، وفي نفس الإطار تهديدا لهم بالرزق، ونحن نقول؛ “وما من دابة في الارض اِلا على الله رزقها”.
وأصحاب النظرية ان كان هدفهم تخويف البشرية من الموت، والقتل فنحن نقول: “ولكل أمة اجل، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”.
هل نظرية المليار الذهبي علمية؟
رغم كل ما يقال عن نظرية المليار الذهبي إلا أنها لا تستند على أي دليل علمي قاطع يُؤكد صحتها، وبالتالي فجميع الشواهد والوقائع التي تتوافق مع بعض جوانب النظرية لا يمكن اعتبارها بشكل من الأشكال أدلة قطعية، وما يؤكد ذلك هو ان النظرية الشهيرة لتوماس مالتوس، تعرّضت لوابل من الانتقاد، وظهر فيها الكثير من نقاط الضعف التي تجعلها غير دقيقة، ومن أبرز هذه النقاط هي أن مالتوس لم يقم بتحديد المعايير التي استند إليها لوضع نظريته بشكل واضح.