مدخل :
لا ينكر أحد من المسلمين مدى الأهمية التي يحظى بها القرآن في حياة المسلم دينيا ودنيويا، لما يشتمل عليه من المعاني الأساسية والثابتة في عقيدته، وما يتضمنه من أصول العقيدة وأحكام الشريعة ومحاسن الأخلاق، لذلك حرص المسلمون كل الحرص، منذ نزول أول آية من كتاب الله على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على حفظ القرآن وفهمه وتعليمه للناشئة جيلا بعد جيل، وعلى نشره بين الأمم والشعوب. ولم يكن اهتمام المغاربة بكتاب الله وما يرتبط به من علوم القرآن بأقل من اهتمام باقي المسلمين به، فقد قامت المدارس القرآنية العتيقة والمساجد والزوايا وغيرها، المنتشرة في الجبال والبوادي والحواضر، بدور رائد في الحفاظ على كتاب الله وتدريسه وتحفيظه للناشئة ذكورا وإناثا.
وبما أن التعليم الديني في المراكز التعليمية القديمة كان يستهدف بالأساس فئة الذكور، إلا أن تعليم البنات لم يحظ بنفس العناية والاهتمام. ومع هذا، فإن بعض السيدات المغربيات المتعلمات كن يقمن بمهمة تعليم البنات مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظهن سورا من القرآن، داخل بيوتهن الخاصة تطوعا واحتسابا لله. وكانت هذه العملية تتم في أغلب الحالات في ظروف تتسم بالسرية التامة، وتفتقر إلى أدنى درجة من التشجيع والرعاية من طرف المجتمع.
أهداف المشروع :
1 – خلق نواة لمدرسة قرآنية خاصة بالبنات توفر لهن تعليما متوازنا ومتكاملا.
2 – إحياء تعليمنا القرآني وتطويره وتطعيمه بالوسائل التعليمية الحديثة.
3 – تكريس الأخلاق الإسلامية في نفوس المتعلمات وتحصينهن ضد التيارات الأجنبية الهدامة وتربيتهن على مبادئ الإسلام وقيمه.
4 – دعم التعليم النظامي وربط الجسور بينه وبين المدرسة القرآنية وإقامة توازن تام بينهما.
5 – تشجيع البنات على حفظ القرآن وفهمه وأدائه، وإتاحة الفرصة لهن لإبراز مواهبهن في هذا المجال، وخلق آفاق للتنافس فيما بينهن.
6 – الإسهام في إذكاء الروح الإسلامية داخل الأسرة المغربية عن طريق تربية البنات وتوعيتهن، وتأهيلهن للقيام بدورهن الطبيعي في الحياة كأمهات ومربيات للأجيال المقبلة.
الإطار العام للمشروع :
لتحقيق الأهداف السالفة الذكر، نقترح أن تتلقى التلميذات دروسا تسير وفق البرامج الدراسية المقررة من طرف وزارة التربية الوطنية في السلك الأول من التعليم الأساسي الخاصة بتدريس مادة القرآن الكريم، بالإضافة إلى دروس في سيرة شهيرات نساء الإسلام من أمهات المؤمنين وصحابيات وعالمات وغيرهن، على أن يشتمل المشروع في مرحلته الأولى التجريبية تلميذات هذه المرحلة ويعمم في حالة توفر أسباب النجاح لاحتضان الأقسام الدراسية اللاحقة.
التأطير التربوي :
يقوم بتأطير هذه الدروس ويشرف عليها أساتذة من الجنسين متخصصون في القرآن وعلومه ممن تتوفر فيهم الكفاءة العلمية والبيداغوجية والمستوى الأخلاقي الرفيع، وينبغي الإشارة هنا إلى أن الهدف الأساسي لهذه الدروس ليس فقط تلقين التلميذات المعارف بقدر ما هو موجه أساسا للتربية الدينية والأخلاقية.
توزيع الحصص الزمنية :
تتم صياغة استعمال زمان خاص يملأ أنصاف الأيام الفارغة في استعمال الزمان الأصلي للتلميذة على أن يخصص صباح كل أحد أسبوعيا لدروس السيرة النبوية بما فيها سيرة النساء المسلمات المشهورات في التاريخ الإسلامي، وتنطلق الدراسة صباحا ابتداء من الساعة 8.30 إلى غاية الساعة 11.30 أو مساء من 2.30 إلى 5.30 ويتولى أستاذة المادة مهمة توزيع الحصص الدراسية حسب ما يقتضيه المستوى الدراسي الأصلي للتلميذات، بعد تقسيمهن إلى وحدات دراسية متناسبة تضم متعلمات من نفس المستوى التعليمي.
المضامين والطرق البيداغوجية :
يجب على الأستاذ مراعاة الأساليب التقنية والطرق البيداغوجية الخاصة بكل مادة في العملية التعليمية، وأن يعوّد تلميذاته دائما على الأداء السليم للنص واتباع قواعد التجويد المتعارف عليها، مع مراعاة التدرج اللازم بحسب السن والمستوى والفروق الفردية. ويحملهن على القراءة في المصحف مع تدريبهن على اصطلاحات في الرسم والضبط وأماكن الوقف. وكذلك استعمال الوسائل التعليمية المساعدة كاستخدام الأشرطة والأسطوانات والتلفزة.. في قراءة النص القرآني قراءة نموذجية، كما يقوم بكتابة النص المطلوب حفظه بخط واضح صحيح على السبورة، مع الحرص على علامات الضبط. وأن يلجأ في تفسيره للنصوص القرآنية إلى أبسط الأساليب وأقربها إلى فهم وإدراك التلميذات، متجنبا الغوص في المفاهيم والتأويلات العميقة التي يصعب عليهن استيعابها.
وختاما، وبعد تقديمي لهذا المشروع المتواضع، أرجو أن أكون قد وفقت في تبليغه سائلة الله عز وجل أن يهيء له أسباب القبول والرضى، وأن يجعله خالصا لوجهه تعالى نافعا لعباده، إنه سميع مجيب.
طنجة في 28 ربيع الأول 1443
الموافق لـ 04 نوفمبر 2021