كلما حل موسم الخريف ومع بداية الموسم الشتوي إلا وتعرف أوراش الصناعة التقليدية وخاصة الحياكة والدرازة نوعا من الانتعاش والنشاط الذي لا تعرفه خلال المواسم الأخرى، إذ يكثر الإقبال خاصة في البوادي الشمالية على اللباس التقليدي المعروف باسم “الجلابة الوزانية”.
في مدينة وزان “دار الضمانة”، وعلى الرغم من أن جائحة كورونا أدخلت الحرفيين في إجازة مفتوحة وغير مدفوعة الأجر، إلا أنّ ذلك لم يمنع الحرفيين وأصحاب المحلاّت من مواجهة “شبح” الرّكود من خلال عرضِ منتوجاتهم التّقليدية التي تُزيّن طرقات “المدينة القديمة”.
يتزايد إقبالُ المواطنين من كل صوب وحدب على “الجلاّبة الوزانية” خلال فصل الشّتاء، فهذا اللباس التقليدي له مكانة خاصة عند المغاربة سواء في المدينة وبصورة خاصة في البوادي، اعتبارا لكونه يقي الجسم من الرأس إلى القدمين من قر البرودة وخاصة في المرتفعات والمناطق الجبلية.
هذا الأمر دفعنا للتجول في محلات الحياكة والدرازة بأزقة المدينة العتيقة لطنجة، فإذا بنا نجد نشاطا متوسطا لا سيما فيما يخص اقتناء الأثوبة أو الجلباب كمنتوج جاهز، هذا الأمر دفعنا لاستفسار أحد الصناع التقليديين المنحدر من مدينة وزان الذي أكد لجريدة طنجة: “الحمد لله دابا كاين الرواج، كنا مقتولين شحال هادي، لكن دابا خِدمة موجودة، والعروض كتكثر نهار على نهار”، وأشار: “نتمناو نبقاو على هاد الحال ويتزاد الطلب على الجلالب، نتماعشوا شويش”.
من جهته، صرح أحد المواطنين لجريدة طنجة، وهو مولع باقتناء الجلباب الوزاني: “ما نعرف نغلي بلا جلاب”، وهذا له مدلول واحد كون ارتداء الجلباب عرف سائد على المستوى الوطني بالدرجة الأولى وله أيضا دور اجتماعي يعطي الإنسان الذي يرتديه مكانة لدى الأسرة والمجتمع بصفة عامة.
إذا نبشنا في تاريخ الجلباب، نجده يمتد إلى آلاف السنين، ويعود أصل كلمة الجلابة إلى اللغة العربية وبشكل أدق من كلمة “الجلباب”، ومازالت تحتفظ بمكانتها المميزة لذا جميع المغاربة فهو يعد جزء من هويتهم.
يتميز اللباس التقليدي المغربي عموما والجلابة خصوصا بالتنوع الكبير الذي استمده من التنوع الثقافي والجغرافي اللذان يميزان المغرب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، حيث تمازج الطابع الأمازيغي والعربي الأندلسي والصحراوي والإسلامي وحتى اليهودي فترك بصمته الواضحة على اللباس التقليدي المغربي.