تجوب طرقنا وشوارعنا، سواء داخل المدينة العتيقة أو بالمدينة الحديثة، كاميونات تحمل بطريقة مكشوفة، “خردات” من آثاث المنازل، المتهالكة، من مطارب وسداريات وكاتريات وأفرشة وحمامات كهربائية وثلاجات وطابلات وغيرها مما تخلص أصحابها منها ببيعها بيع البالي لأصحاب هذه الكاميونات الذين يجوبون أنحاء المدينة مستعملين “مكبرات الصوت” المزعجة، في لفت انتباه سكان الدور والعمارات لمرورهم ومنادين من يرغبون ببيع “البالي” من تجهيزات يودون التخلص منها.
جمع “المتلاشيات” أو “البالي” على الدواب، ثم الكروسات فيما بعد، وأخيرا “البيكوبات” وحتى الكاميونات، عادات عهدناها في القرى والمداشر والأحياء الهامشية في المدن الكبرى، ولم يكن في الأمر ما يثير الانتباه طالما أن في الأمر تخفيفا عن البائع والشاري في أتعاب الحركة والنقل، ولكن، أن يتطور الأمر إلى أن تزحف أسواق البالي “المتحركة” إلى قلب المدن الحديثة وتتجول بين العمارات أحيانا في ساعات الصباح الباكر، معلنة عن وجودها وعن أصناف التجهيزات المنزلية التي تقبل التعامل بشأنها، عبر مكبرات الصوت، وبأصوات مزعجة ولهجات غير مألوفة، في غالب الأحوال، فهذا أمر يستحسن أن ينظر إليه من باب أنه “معابة” في أيامنا هذه، ومدننا هذه، خاصة وأنه توجد بطنجة أسواقٌ للبالي منتشرة بعدد من أحياء المدينة من طريق فاس إلى سوق كاساباراطا الذي يمكن اعتباره “مدينة البالي” بامتياز.
فهلاّ انتبه المسؤولون إلى هذه القضية، بغاية تقنينها وتنظيمها وليس إلغائها لأنه لا يمكننا أن نقف ضد أرزاق عباد الله، ونحن نعلم معاناة الباعة المتجولين الواقفين على باب الله، من أجل كسب لقمة العيش لأسرهم، بعد ما سدت أبواب الرزق في وجوههم. ولابد أنه توجد حلولٌ لمشكلتهم على غرار المعمول به في العديد من دول العالم. إذ الغاية أن لا يزداد الفقراء فقرا ومهانة، وظلما و “تمرميدة” وحكرة. الحل ، إذا، مسألة تدبير نظام وانتظام.
عزيز كنوني