معاناة النساء مع الإصرار الممنهج على إقصائهن من العملية الانتخابية في جل مراحلها أمر يصعب على الفهم.
فأمام جهود الدولة في تعبيد الطريق للمرأة أمام الوصول للمجالس المنتخبة، عبر وضع آليات مناسبة لذلك، وإشاعة فكر المساواة والمناصفة، سواء على مستوى التشريع أو داخل هيئات المجتمع المدني، تتعنت، جهاتٌ سياسية تغلبها “ذكوريتها” المفرطة، في إقصاء “ممنهج” للمرأة، سواء من قياداتها أو من حقها في تدبير الشأن المحلي، عبر المجالس المنتخبة.
وللتنديد بهذا “الإقصاء” المراد به تهميش دور المرأة والتشكيك في قدراتها على تدبير الشأن العام المحلي والوطني، أصدرت أربع وستون جمعية حقوقية بيانا من الدار البيضاء، تطالب فيه بتمكين النساء من تسيير الجماعات، وتستنكر قيام عدد من الجماعات، على المستوى الوطني، بعملية إقصاء مكشوفة للمرأة من حقها في تمثيلية مناسبة داخل مكاتبها، الأمر الذي يخالف مقتضيات الدستور الذي عزز حضور المرأة في المشهد السياسي فضلا عن فسح المجال أمام المرأة لولوج مناصب التدبير والقرار في العديد من المجالات السياسية والإدارية والقضائية والاقتصادية المدنية والعسكرية، من خلال عدد من الإجراءات القانونية الهادفة إلى تحقيق المساواة والمناصفة والوقوف في وجه كل أشكال التمييز ضد المرأة.
وسجل البيان قلة تفاعل جل الأحزاب السياسية مع المقتضيات الدستورية والقانونية فيما يخص المساواة والمناصفة، وذلك من خلال انتدابها للعنصر النسوي في العديد من مكاتب الجماعات المحلية. محملة هذه الأحزاب مسؤولية “تغييب المرأة” وعدم تزكيتها في لوائحها الانتخابية أو “دفعها إلى التنازل عن هذا الحق “بطريقة مهينة“.
ولاحظ البيان أن السلطات المحلية المشرفة على تشكيل مكاتب المجالس المنتخبة لم يبد منها أي اعتراض أو ملاحظة فيما يخص هذه المخالفة الواضحة لمقتضيات الدستور كما أن المحاكم لم تلتزم بحقوق التمثيلية النسائية وفق ما ينص عيه القانون. وكان من المفروض الإقرار ببطلان مكاتب الجماعات التي لم تحترم القوانين التنظيمية للانتخابات.
واعتبر البيان أن هذا التصرف يضرب في الصميم المسار الديمقراطي الذي يشهده المغرب فيما يخص التمكين السياسي للمرأة عن طريق المساواة والمناصفة وتكافؤ الفرص.
يشار إلى أن منتخبة واحدة تم إنصافها من طرف القضاء، في الدعوى التي أقامتها ضد مجلس جماعي بكلميم، بينما خسرت ثلاث منتخبات الدعوى اللائي سجلنها ضد مجالس جماعية في مناطقهن، بدعوى أن كلمة “يتعين” الواردة في القانون التنظيمي لا تحمل معنى “الوجوب“، وفق ما جاء على لسان إحدى عضوات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب.
و تلاحظ الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة بأن خطاب التغيير الذي بدأ الترويج له مباشرة بعد انتخابات 08 شتنبر 2021 ليس له وقع على مستوى التمكين السياسي للنساء على مستوى رئاسة الجماعات أو انتخاب نواب الرئيس.
وكانت الحركة قد طالبت بأن تتحمل الأحزاب السياسية الفائزة في انتخابات 08 شتنبر 2021 مسؤوليتها التاريخية لضمان التفعيل السليم لمقتضيات الدستور و للقوانين التنظيمية للجماعات،
كما طالبن وزارة الداخلية بالحرص على تمكين النساء من الولوج إلى مكاتب المجالس المنتخبة بنسبة لا تقل عن الثلث.
سمية أمغار