أيّ ناموسة لدغت عبد الإله بن كيران، جعلته ينتفض غضبا في وجه رئيس حزب منافس بكلام لا يليق بسياسي ملتزم، خاصة وأن الأمر يتعلق بخصم في مواجهات انتخابية، تكون فيها الأفضلية للأكثر حيلة وذكاء وموهبة، وامتثالا، وفق المتفق عليه عالميا، من كون الديمقراطية “لعبة“، وأنها “أسوأ” نظام، باستثناء كل الأنظمة الأخرى !.
بنكيران قال إنه قرر العودة للسياسة، ومخاطبة الناس عبر الفايسبوك، بدل مخاطبتهم من المقابر، حيث كان يحول خطاباته إلى دروس في الوعظ والإرشاد. وهذا، بطبيعة الحال، حقّ من حقوقه في التعبير عن رأيه، إلا أن التعبير الحر والمسؤول عن الرأي، يقتضي بعض اللياقة واللباقة والحذر، فضلا عن واجب التحفظ، طالما أن المتحدث كان قائدا حزبيا ورئيسا للحكومة، وبالتالي فكلامه له وزنٌ واعتبار ٌخاص.
وحين يواجه بنكيران خصما حزبيا يجرده من “الأهلية” لترأس الحكومة، في حال حصول حزبه على ما يتطلبه الدستور لذلك، فإن ذلك يتخذ أبعادا أخرى ويتيح فرصا
لتأويلات يمكن أن يكون فيها ما يسيء للمتحدث قبل المقصود بالنقد و التقريع. فما بالك أن يشكك بن كيران في قدرة غريمه على تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة، بسبب افتقاده للشخصية السياسية و “لماض” يدافع عنه. ولـ “حضور” وازن بين الناس ……
ومع أن يكون في كلام بنكيران بعضٌ من الصواب فيما يدعي، فهل يعطيه ذلك حق اتهام غريمه بـ “العجز السياسي” حين ترشح للانتخابات الجماعية بدل التشريعية
وهل يبيح له ذلك الطعن في الذمة المالية لأخنوش، هكذا جزافا، بدون بيان أو دليل، وأنه فقط رجل أعمال “تحيط به الشبهات” وأنه يعتمد على المال للوصول إلى رئاسة الحكومة….
المال، أيها المعلم، وسيلة من وسائل “المغامرة” الانتخابية في العالم أجمع, ولعلك سمعت بـ “عشاء الألف دولار” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومشاهد مماثلة في مختلف دول العالم. إلا أن في المغرب، الوضع أشد شقاء ولأواء، حيث إن الديمقراطية تواجه عاملي الفقر والجهل, بالإضافة إلى فقدان الثقة في الأحزاب والحكومات والمجالس، والسياسيين بوجه عام، وإذا استمرت الحال على هذا المنوال، فإن المغاربة سيفقدون الثقة في أنفسهم.
وهل يحق لبن كيران أن ” ينذر” المغاربة، بسبب أخنوش، باحتمال العودة لأحداث 20 فبراير أو أن يومئ، في سياق انتقاده لزعيم التجمع إلى أن “هناك أشياء تحضر في الخفاء” و“أننا” لا ندعو إلى الثورة، وأننا لن “نقربلها” ولكننا لن ننبطح أيضا. وأن الدولة “إذا أرادت أن “تضرب” ليست بحاجة إلى أخنوش” !!!.
كلامٌ صعبٌ في الظروف الحالية، ظروف الانتخابات العامة التي تشهد، عادة، مجابهات جارحة بين الرفقاء, إلا أنه من المؤسف أن لا يدخل هؤلاء الرفقاء في حساباتهم أنهم قد يدعون غدا إلى المشاركة في تدبير الشأن العام، حكاما أو معارضين، ويبقى، فقط، أنهم نغصوا علينا متعة الانتخابات، إن بقيت للانتخابات متعة تستحق أن تُعاش أو أن تذكر !
عزيز كنوني