من المتوقع أن يكون عزيز أخنوش قد استأنف مشاوراته ، خلال نهاية الأسبوع، لجس نبض الفرقاء على اختلاف مشاربهم، بشأن احتمال مشاركتهم في حكومة ائتلافية برئاسة التجمع، حيث ينهي المرحلة الثانية باستقبال قيادة التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية والحركة الديمقراطية الاجتماعية وفيدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد.
وكانت مشاورات رئيس الحكومة المعين، قد انطلقت، كما هو معلوم، الأسبوع الماضي، باستقبال أخنوش قادة أحزاب الأصالة والمعاصرة والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.
هذه المشاورات التي مرت، جميعها، في جو رصين جاد ومسئول وحماسي، من المفروض أن تكون قد أقنعت رئيس الحكومة المعين، بالأحزاب التي يمكنه التحالف معها، لتشكيل أغلبية حكومية منسجمة ومتماسكة وذات برامج متقاربة وتضم عناصر “في المستوى“، قادرين على تنفيذ “الاستراتيجيات” الكبرى لسياسة المغرب في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتنموية بشكل عام.
وباستثناء “العدالة والتنمية” الذي لم يبق أمامه سوى مجال المعارضة التي استهوت أيضا ممثلي اليسار، الذي أهلكته الانقسامات الداخلية بعد أن كان رصيده الشعبي “متفائلا“، حيث “نفرت” من المعارضة جلّ الأحزاب التي تمت استشارة قياداتها، التي توحدت في التعبير عن رغبتها في المشاركة في حكومة أخنوس ، فيما لا يزال موقف التقدم والاشتراكية متدبدبا وغير واضح.
بل إن تصريحات “زعماء” الأحزاب السياسية، إثر لقائهم بأخنوش، سارعوا إلى التعبير عن “رغبة” أحزابهم، بما فيهم وهبي زعيم “الأصالة والمعاصرة” الذي اتخذ موقفا “عدائيا” من أخنوش، في المراحل النهائية للحملة لانتخابية، الأمر الذي يبرز قلة “النضج” السياسي للقيادي “البامي“، الذي اختار أن “يتغزل” في “العدالة والتنمية” ويكيل بدوره الاتهامات “الثقيلة” لزعيم “التجمع الوطني للأحرار“، وهو يعلم أن “الحمامة” سوف تطير بعيدا وأنه لن يلحق بها إلا بإرادة غريمه عزيز أخنوش. وهو ما صار فعلا، و هو، أيضا، ما يمكن أن يدفع بـ “البام” إلى معارضة “هشة” في وجه ائتلاف حكومي قد يكون متينا بشكل لن تقوى عليه فرق المعارضة رغم “فصاحة” بعض “نجومها” ومشاهيرها في مجالاتهم !.
وقد حملت تصريحات القيادات الحزبية إثر لقائها مع رئيس الحكومة المعين، إشارات واضحة وإيجابية، للرغبة في المشاركة في الائتلاف الحكومي المقبل ، بمن فيها قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث خرج بعض مناضلي هذا الحزب، بموقف يطالب بمشاركة الاشتراكي في الحكومة اعتبارا لوجود “التقاء” في برنامج الحزبين رغم تناقض أيديولوجيتهما ، واستعداد الاشتراكيين لإنجاح مرحلة التنزيل العملي للنموذج التنموي الجديد.
وبينما يوجد قلق متنام من تحجيم دور المعارضة، خلال الولاية المقبلة، بسبب الرغبة في الإستوزار لدي جل الأحزاب السياسية، وتداول أخبار عن أن المعارضة سوف تنحصر في أحزاب صغيرة، إلى جانب “العدالة والتنمية” المنتهية ولايته، قد تكون غير مؤثرة، بدليل أن “الاستقلال” و “الأصالة والمعاصرة” وهما حزبان قويان، كانا في المعارضة خلال الولاية الماضية، دون أن يؤثر ذلك على تمرير المشاريع بالبرلمان.
وبالتالي فإن الرؤية لن تتضح إلا بعد أن ينهي أخنوش استشاراته مع ممثلي الأحزاب وأخذ رأيهم في الحقائب الوزارية المعروضة عليهم، مقابل تلك التي يطالبون بها، قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة التي ينتظر أن تكون جاهزة قبل الدخول البرلماني المقبل. (الجمعة الأولى من شهر أكتوبر).
ولا شك أن أخنوش قد انتبه ، خلال “المائة يوم” و “المائة مدينة” إلى الرغبة الحادة للمواطنين في حكومة تحقق التغيير، بالفعل، لا بـ “النوايا الحسنة” ولا بالبرامج الفلكية. وأن هذا التغيير المنشود لن يتحقق على يد وجوه “مستهلكة” عمرت طويلا في مراكز القرار دون أن تنتج قرارات لصالح التغيير الذي أصبح مطلبا ملحا، في الرؤية والأسلوب وتدبير الشأن العام، وفي تعامل الإدارة، بجميع مكوناتها وفصائلها مع الشعب، تعاملا متكبرا، متعجرفا، متغطرسا، وفي كثير من الأحيان، ظالما، قاهرا، الأمر الذي يحدث “زلزالا” مدمرا في مشاعر المواطنين نحو إدارتهم وبلدهم.
قال أحد حكماء المغرب: إن المغاربة لا يثورون بسبب الفقر أو الجوع، بل بسبب الظلم والحكرة !
عزيز كنوني