بمجرد الإعلان عن نتائج الاستشارة الشعبية ليوم الثامن من شتنبر الجاري، سارعت قيادات الأحزاب الثلاثة المتصدرة، “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال”، إلى تشكيل “حلف” حزبي يفرض تقاسم رئاسة الجماعات بينها، وفق توافق لم يعلن عن تفاصيله بالكامل، بالرغم من أن أهدافه كانت واضحة، بيّنة للعموم.
وقد أعطيت لهذا الأمر تأويلاتٌ عدة، منها أنه يتعارض مع مبدأ الاختيار “الشعبي” المطلق، في العملية الانتخابية ، وأنه تدخلٌ تحكمي خارجي في الاختيار العام المباشر، الذي هو جوهرُ العملية انتخابية، ومنها أيضا “تدجين” المناضلين والحجزُ على اختياراتهم باسم الانضباط السياسي والولاء الحزبي !!!…..
قياديو أحزاب التجمعّ والأصالة ّوالاستقلال، طلعوا، ثلاثتهم، هذه المرة، بتحالف مارسوا به نوعا من الوصاية على الناخبين، من أحزابهم، أو من أحزاب أخرى، أو من عامة الشعب، في اختيار رؤساء وأعضاء مجالسهم المنتخبة انتخابا ديمقراطيا، يوم 8 شتنبر، بفرض إملاءاتهم على المنتخبين والناخبين، على حد سواء، بغاية “توزيع” الكعكة، الانتخابية ، وخلق أغلبيات “مخدومة”، بما يخدم مصالح التحالف الثلاثي، الذي يتوسع أفقيا وعموديا باعتبار الحاجة، (الناظور نموذجا) والذي يهدف إلى فرض نوع من “الوصاية” إن لم نقل “السيطرة” على المجالس، محليا وجهويا.
وقد يصعب الاعتقاد أن “التحالف الثلاثي” كان عفويا، وأنه لم يكن “مخدوما” مسبقا بين “خصوم الأمس” “حلفاء اليوم” بغاية وضع اليد على المجالس المنتخبة بما يخدم مصالح أحزاب التحالف قبل مصالح المواطنين في الجماعات والجهات !.
وكان طبيعيا أن تتحرك بعضُ الهمم ضد إملاءات التحالف، الأمرُ الذي دفع بقياداته إلى التهديد بعقوبات تأديبية في حق الثائرين ضد “التعليمات” التي تضمنها بيان 14 شتنبر بخصوص طنجة، حيث اتفق منسقو الأحزاب الثلاثة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، على التنسيق المشترك لتشكيل المجالس المنتخبة لطنجة والجهة، واعتبروا أن هذه العملية تأتي “انسجاما مع مخرجات الانتخابات الأخيرة” ، حيث قرروا إسناد رئاسة مجلس الجهة للسيد عمر مورو منسق حزب التجمع الوطني للأحرار المحترم، مع الانفتاح على باقي الأحزاب السياسية من أجل تشكيل المكتب المسير، فيما أسندوا رئاسة مجلس جماعة طنجة لحزب الأصالة والمعاصرة، في شخص منسقها الجهوي السيد منير الليموري المحترم، ورئاسة مجلس عمالة طنجة اصيلة إلى حزب الاستقلال في شخص منسقه الجهوي السيد عبد السلام أربعين المحترم. طبعا “مع الانفتاح على باقي الأحزاب السياسية من أجل تشكيل المكتب المسير”. !!!……
وعلى نفس المنوال تم “توزيع” رئاسات المقاطعات الأربع بطنجة ، ولضمان نجاح الخطة، تعمد التحالف على أن يتقدم مرشحوه “منفردين” بعد إخلاء المجال أمامهم من المنافسين. وفق مبادئ الديمقراطية كما هي متعارف عليها “حزبيا” في المغرب !….
و لـ “تبريد الطرح” في نظرنا، حمل بلاغ “التحالف” التزام أحزابه الثلاثة بالعمل على “الارتقاء بأداء المجالس المنتخبة وتحسين تدبير الشأن العام المحلي والجهوي، والانخراط في دينامية التغيير، وتحسين خدمات المرافق العمومية وهي من أولويات المطالب الشعبية ليس فحسب بجهة طنجة، بل وفي مختلف جهات المغرب الاثنتي عشرة، وهي، بالضبط ما عجزت عن تحقيقه حكومات الاستقلال الـ 33، وبالضبط حكومتا الائتلاف السداسي الأضلاع الأخيرتين، التي كان “الأحرار” ضلعها الأقوى، على الإطلاق !.
عزيز كنوني