في انتظار أن تتضح الرؤية بخصوص الترتيب النهائي للنساء في الانتخابات العامة الأخيرة، نريد التأكيد هنا على أهمية المشاركة النسائية، بالنسبة للمسيرة النضالية للمرأة المغربية من أجل اكتساب مواقع محترمة في الخارطة السياسية للمغرب الجديد، الذي قطع أشواطا هامة بخصوص إفساح المجال أمام المرأة لتأخذ المكانة اللائقة بها في التمثيل النيابي على كل مستوياته.
ومعلومٌ أن نضال المرأة المغربية و“تمردها” على قيادات الأحزاب السياسية، التي كانت تفضل تزكية “الأعيان” أرغمت تلك القيادات، في النهاية، على “تسهيل” ولوج المناضلات إلى الفضاء العام للانتخابات، بدل الاحتفاظ بنظام “الكوطا” الذي، وإن مكن المرأة من الوصول إلى قبة البرلمان، إلا أنه كان يعتبر من طرف بعض المعترضين، عملا “ريعيا“، تتدخل فيه “نزعاتُ” و نزاعاتُ القيادات والبارونات والأعيان، بالرغم من كون هذه الكوطا رفعت من تمثيلية النساء بالبرلمان، من نائبتين اثنتين سنة 1993 من بين 333 نائبا إلى 81 نائبة من أصل 395 ، ما يعني نسبة تفوق 20 بالمائة سنة 2016.
وعملت القيادات النسائية، طيلة السنوات العشر الأخيرة، على الوصول إلى “المناصفة” التي ينص عليها الدستور، إلا أنها لم تنجح في ذلك النجاح الكامل ولكنها انتهت بقبول رفع حصص النساء في لوائح جهوية تم اعتمادها مؤخرا، من 60 إلى 90 مقعدا، بدل 132 المطالب بها والتي تمثل الثلث في أفق المناصفة المنصوص عليها دستوريا. هذا المطلب ساندته، أخيرا، قيادات الأحزاب وتدخلت بشأنه لدى وزارة الداخلية.
وكان ظاهرا أن النساء استفدن من الإصلاحات التشريعية الأخيرة في مجال الانتخابات العامة بالمغرب، حيث إن عدد المترشحات لمجلس النواب بلغ 2329 ما يمثل فوق 34 بالمائة بالنسبة للعدد الإجمالي للترشيحات بالمقارنة مع الانتخابات السالفة، منها 1567 مترشحة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية، و762 مترشحة برسم الدوائر الانتخابية المحلية.
وفي نفس هذا السياق، يمكن اعتبار العدد الهائل لملفات الترشح النسائية لعضوية المجالس الجماعية (فوق 47 ألفا وحوالي ثلت العدد الإجمالي للترشيحات)، ومجالس الجهة (3.936) من أصل 9.892، دليل على إرادة المرأة المغربية تكسير كل الحواجز التي كانت تعترض طريقها إلى هدف المناصفة وتحطيم “الطابوهات” والمعاملات الدونية التي تواجه بها، في مسيرتها من أجل رفع الحيف عنها وعن حقوقها السياسية في مغرب يطمح إلى الحداثة والتطور وهما هدفان أساسيان لن يمكنه الوصول إلى تحقيقهما إلا بمشاركة المرأة. وأظن أن مسؤولي المغرب الجديد، قد فهموا هذه “الحتمية” المصيرية ويعملون من أجلها.
سمية أمغار