على الرغم من الإصلاحات والاهتمامات التي طالت جل مرافق مستشفيات المدينة فإنها لم ولن تكون كافية للحد من الإهمال الذي يقع فيها بشكل يومي. هذه المستشفيات الجهوية والمختبرات الطبية التي تعرف إقبالا عليها من مختلف مناطق الجهة كانت ولازالت لا تتحمل أي قدر من المسؤولية، بل ولم تكفها معاناة المواطنين من آثار تفشي فيروس “كورونا” المستجد ومدى تأثيره على معيشتهم وانعكاساته السلبية عليهم، فزادتهم هي معاناة من نوع آخر، ففور دخولك أحد هذه المؤسسات ستجد طابورا طويلا للمرضى الذين ينتظرون أدوارهم، فمع تفشي الوباء ومع الاكتظاظ الذي تعرفه أقسام المستعجلات وفي إطار الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء “كوفيد19” حاول مسؤولوا هذه المستشفيات والمراكز التقليل من هذا الاكتظاظ وأحدثوا فضاءات وأماكن للانتظار، وأصبح بذلك المرضى ينتظرون أدوارهم، واحدا تلو الآخر. هذه خطوة تحتسب حقا خصوصا في هذه الفترة الحرجة التي تعيشها بلادنا، إلا أنها رغم إيجابياتها لم تخلو من السلبيات أيضا، فهؤلاء المرضى منهم من ينتظر لساعات طوال ومع ذلك لا يصلهم الدور، ومنهم من لايتحمل ساعات الانتظار، نظرا لحالته الصحية الحرجة…
وانتقالا إلى جناح الأطفال بمستشفى محمد الخامس، ستجد هناك طابورا آخرا ينتظر قدوم الأطباء المكلفين، وفي هذا الصدد كنا قد تحدثنا مع إحدى الأمهات التي كانت ترغب في أن توقع لها إحدى الطبيبات المشرفة على ملف ابنتها المريضة، أشارت لنا أنها تأتي باستمرار إلى المستشفى إلا أنها في كل مرة لاتجد المعنية بالأمر، لأن هذه الأخيرة ملتزمة ببعض العمليات وهذا مايمنعها مرارا من القدوم إلى المشفى، كما جاء على حد لسانها، وأضافت قائلتا “ابنتي برات الحمد الله والأوراق باقي مبغاو يتوقعوا”.
كما أن قسم الولادات لم يسلم بدوره من انتقادات وافديه، فحسب أحد سائقي سيارات الأجرة فقد كان قد أخد زوجته التي كانت حاملا آنذاك للمشفى، إلا أنها لم تلق أي اهتمام ولم يكترث لأمرها أي أحد، مما أدى إلى سقوط جنينها في تلك اللحظة. وأكثر من هذا أنه عند إجهاضها، طلب الطاقم الطبي من الزوج أن يشتري أحد الأدوية الذي هو في الأصل توفره البلاد للمواطنين بالمجان.
وللأسف، فأغلب مرافق هذه المؤسسات الصحية لا تخلو من شكايات المواطنين ومعاناتهم معها، فحتى القيام بالتحاليل المخبرية أصبح يتطلب مجهودا أكبر، إذ على المريض أن يأتي في الأيام المحددة، وطبعا سيكون هناك طابور في انتظار كل مريض.
لقد أصبح من الواجب والضروري اليوم الالتفات إلى هذه الخروقات وإيجاد حلول لمشاكلها، حلول حقيقية لا ترقيعية، حلول تراعي ظروف المواطن وأحواله. وهذا لن يتم إلا بتحمل كل مسؤول ماعليه من واجبات ومسؤوليات.
وللإشارة وكما هو معلوم، فإن السكن والصحة والدراسة، أمور تعتبر من الحقوق والأولويات التي يجب أن يستفيد منها كل مواطن، إلا أنه وللأسف لازال هناك من لايتوفر على أي حق من هذه الحقوق. ولكن إلى متى سيبقى الحال على حاله؟ بل وإلى متى سيبقى صوت ومطالب المواطن مجرد حبر على ورق؟
رميساء بن راشد