وأشرنا ضمن مواضيع سابقة حول تقييم دور الأحزاب السياسية إلى غياب تخليق المشهد الحزبي، الأمر الذي يؤدي كما وسبق أن قلنا إلى عزوف الشباب المغربي الذي يعرض بوجهه عن الأحزاب ولايرى فيها سوى مجموعه من الانتهازيين اللاهثين وراء مصالحهم الشخصية والاغتناء غير المشروع عبر مناصب انتدابية عن طريق الحزب الذي يحتضنهم ويكافئهم بهكذا طريقة..! لاحاجة إلى التذكير بأننا على مشارف انتخابات جديدة، وأن مقتضيات المرحلة والطريق إلى الوعي السياسي والمشاركة السياسية تفرض علينا جميعا من أجل إدراك وفهم مايجري أن نتصدى بكل مسؤولية لهؤلاء الخفافيش والانتهازيين! والمؤسف حقا أن وباء الانتهازية عبر كل المحطات الانتخابية السابقة والقادمة لم يعد سريا، بل أصبح علنيا ويعبر عن نفسه بدون قناع أو التستر وراء حجاب.. والانتهازيون مهما تعددت أساليبهم وأقنعتهم، فهم يسعون كعادتهم إلى اقتناص الفرص وتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الآخرين وعلى حساب المجتمع، وبمنطق الأشياء الذي لانزايد فيه على أحد فإن ما يطمح إليه «الانتهازي الانتخابي» هو الوصول إلى مبتغاه الذي لايعني أكثر من الفوز بمغانم ومراكمة ثروات بدون وجه حق وبلا جهد وبلا ضمير أخلاقي.. وبسبب هؤلاء الخفافيش تراجعت القيم وانهارت المبادئ وبسبب هؤلاء أيضا فقدت الثقة في السياسة، وحينما نتحدث عن تراجع دور الأحزاب السياسية في التأطير والتوجيه والتكوين وانعدام التواصل مع الشباب فلأن الانتهازيين، سواء كانوا قياديين أو من المنتمين الجدد، لوثوا الأحزاب والمنظمات والجمعيات على اختلاف أهدافها وتوجهاتها، وقد يمتد مرض الانتهازية إلى إصابة مؤسسات الدولة..
دعوني أقول لكم بأن الأحزاب السياسية امتلأت بالوصوليين الذين يستغلون حاجة المواطنين وخداعهم بتصريحات ووعود وهمية بعضهم وصل إلى مراكز تنظيمية متقدمة حققوا من خلالها مصالحهم وراكموا ثروات تتجاوز رواتبهم في غياب الضمير والمراقبة والمحاسبة.. تحملوا مسؤوليات مجالس بلدية وإقليمية وجهوية بل ولجوا إلى قبة البرلمان وإلى جمعيات المجتمع المدني بفعل أساليبهم الانتهازية والحربائية.. هؤلاء الانتهازيون هم سبب هذا الوضع العام الذي يعيشه المغاربة!! لابد من التذكير في هذا السياق بأن جلالة الملك قال ذات خطاب في افتتاح إحدى الدورات التشريعية «لامكان للانتهازيين بيننا» انتهت الإشارة الملكية..
أخيرا، فإن متطلبات المرحلة تفرض علينا أن نتحمل جميعا مسؤولياتنا، فالمواطن المغربي في الحاجة إلى نخب جديدة فاعلة ومسؤولة وأدوات جديدة من شأنها أن تصحح مسار العمل السياسي الحزبي وتنقيته من الشوائب ومحاربة ظاهرة الانتهازية ومتقمصي الأقنعة والمتلونين الحربائيين والوصوليين الذين يغتنمون الفرص ويستثمرونها من أجل مصالح وأهداف معينة.. أيام قليلة تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية، فهل ننجح في محاربة الوصوليين واستئصال ورم الانتهازية الذي أهلك البلاد والعباد..!؟
إدريس كردود