أشرت في الجزء الأول من موضوع «انتهاء زمن الحكومة واقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية»، إلى أن المغاربة لن يشهدوا مرور صيف مثل صيف هذه السنة الاستثنائية في كل شيئ.. وأؤكد مرة أخرى إلى أن حالة الاستثناء والترقب والإثارة هي ما سيميز الانتخابات التي تفصلنا عنها أيام قليلة..
وجريا على العادة المتبعة مع اقتراب موسم الحصاد الانتخابي، فإن حمى الانتخابات هذه ترتفع وتيرتها في كافة ربوع الوطن، تمنع فيها بسبب ظروف الجائحة التي أحكمت سيطرتها على البلاد والعباد التجمعات الخطابية التي تمرر فيها الأحزاب السياسية شعاراتها المضللة ووعودها الفارغة التي لم تعد موضع ثقة الناخبين ولم يتحقق منها أي شيء على أرض الواقع.. وأمامنا حكومة كفاءات تضم أحزابا مغربية أنهت ولايتها وانصرفت بصمت وفي هدوء دون تحقيق ماوعدت به في الانتخابات السابقة.. فيما الشعب المغربي الذي خاض ومايزال، بغير قليل من الصبر وضبط النفس، معارك الانتظار، يترقب.. ينتظر.. ويتطلع إلى نتائج الاستحقاقات القادمة دون بصيص أمل فيما سيأتي بعد هذه الانتخابات لكنه -أي المواطن- يرصد ويتتبع خطوات وتحركات محترفي الانتخابات والوجوه المألوفة التي لاتريد مغادرة الساحة الانتخابية مع الأسف، بل تصر كعادتها على «التخلويض» والخوض والنزول إلى مستنقع المعركة الانتخابية ومواجهة المنافسين بكل الوسائل المتاحة المشروعة وغير المشروعة.. والبقية تعرفونها.. ثم نأتي إلى الحديث عن الصنف الثاني من بعض الكائنات الانتخابية الانتهازية التي تستعد لخوض التجربة، قد تكون الأولى من نوعها أملا في أن تحتل مكان الصدارة، علما بأن مشوارها المؤطر بأبجذية سياسية ليس من الأهمية بمكان، بل يحتاج إلى كثير كلام وتفصيل ووقفة تأمل؟! ففي كل محطة انتخابية تطل علينا فئات مختلفة ومتنوعة من الانتهازيين دون تحديد انتماءاتهم المهنية ولا من أين جاؤوا تشتهي نفسهم أن يصبحوا أبطالا وهم يتبجحون ليل نهار على صفحات التواصل الاجتماعي ما يفيد أنهم أبطال.. صناديد لايشق لهم غبار.. متميزون.. مثيرون.. فاعلون.. عصاميون.. رائعون.. قادرون على تحقيق المستحيل.. غير أن ما يجري على أرض الواقع لاعلاقة له بما ينسج من خيالات وتصريحات ووعود قد تغري البسطاء السذج وضعاف العقول والنفوس وعديمي الضمائر ممن «يتبعون جيلالة بالنافخ».. المثير في الأمر لدى هؤلاء الانتهازيين أنهم غارقون في الأمية السياسية حتى النخاع ويوهمون الناس بأنهم قادرون على تحقيق أعمال وإنجازات «دونكيشوطية» ورد الاعتبار للعمل الجماعي وسياسة القرب وخدمة مصالح السكان والقائمة أطول مما تتصورون.. وحتى نكون أكثر إنصافا، رغم محاربتنا لمظاهر الانتهازية المقيتة، فإن بعض الأحزاب السياسية تسعى، بل تتهافت وتتسابق، إلى استقطاب كائنات انتخابية «موالين الشكارة» مصنفون ضمن فئة الأعيان لايقلون أهمية عن فئة الانتهازيين، ولكل طريقته ووجهته، فهم يحضون بتزكيات محترمة رغم وجود شبهات فساد تحوم حول بعضهم.. وليس خاف علينا جميعا مسلسل المتابعات القضائية لعدد كبير من المفسدين، فيما لازالت قضايا فساد أخرى معروضة أمام المحاكم..!!
(يتبع)
إدريس كردود