بعد أن كانوا يعيشون وسط منازلهم لأزيد من 70 سنة وبعد القرارات والإصلاحات التي همت المدينة والتي تدخل في مشروع طنجة الكبرى وبين ليلة وضحاها وجدوا أنفسهم مجبرين على إخلاء منازلهم، لتبدأ بذلك رحلة التشرد والمعاناة.
إنهم سكان حي الحافة العريق، سكان لم تعرهم الجهات المختصة أي اهتمام، بالرغم من شكاياتهم المتواصلة واحتجاجاتهم المتكررة وبالرغم من ظروف الجائحة ومدى تأثيرها على المواطنين. فالوعود الكاذبة والتفاوضات العديدة التي تلقونها نتج عنها تشريدهم من منازل أجدادهم، وبالتالي اضطروا للبحث عن اكتراء سكن ليحتويهم هم وعائلاتهم وذووهم…
سكان الحي المذكور، نفذوا تعليمات السلطات بالإخلاء وهم كل آمل وثقة في الوعود المقدمة لهم، إلا أنهم تفاجؤوا بعدم تحقيق أي وعد من هذه الوعود وعلى رأسها النقاط التالية:
- الاتفاق على إجراء القرعة في آن واحد.
- الاتفاق على النظر في حالة المكتري الذي تعدى 20 سنة في الحي.
- إعانة الأرامل والحالات المعوزة.
- إعطاء الملف الكامل للبقعة الأرضية للمستفيد بعد عملية الهدم والخروج من البيوت، ويشمل الملف: ورقة التحفيظ العقاري والتصميم النموذجي للبناء، مع إعفاء المستفيدين من مصاريف الموثق ورخصة البناء.
- إلغاء الشرط الجزائي في عملية بيع القطعة.
- إعادة النظر في بعض الحالات المسجلة في الإحصاء لسنة 2017 والتي لم تستفد من البقع.
هذا وقد كان من المقرر أن يستفيد هؤلاء المواطنون من بقعة أرضية بحي السلام1 والسلام2 (الحرارين والمجاهدين) مع مبلغ مالي مخصص لعملية بناء البقع، إلا أن هذا القرار أيضا لم يشمل ذوي الحقوق.
وفي هذا الصدد، وفي تصريح للجريدة أدلى به (ب.ن) أحد المتضررين من عملية الإخلاء للجريدة، فإن سكان الحي قاموا بإرسال مجموعة من الشكايات مع تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرر الولاية ومقر الباشوية قصد وضع حل لمعاناتهم، إلا أنه وإلى يومنا هذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، بالرغم من أوامر والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، محمد امهيدية، والتي تروم إلى إعفائهم من جل الوثائق، إلا أن مصالح السلطات المختصة لم تنفذ تعليماته بعد.
وأضاف المتحدث نفسه، “في البداية كان الاتفاق على “سلم تستلم” في مايتعلق بجميع الوثائق (الإعفاء من أداء الموثق، العمران، الرخص…) مع مساعدة المعوزين والأرامل في بناء بقعهم الأرضية، إلا أن هذا الاتفاق ظل مجرد حبر على ورق.”
أما فيما يخص المبالغ المستفاد منها، فقد أوضح أن “الستة الأوائل استفادوا من 4.5 ملايين لشراء السلع ومواد البناء، فيما استفاد 33 شخصا من مبلغ مالي قدره 20 ألف درهم فقط، وطبعا فإن هذه المصاريف لم تكن كافية لا لشراء السلع ولا للبناء، مشيرا إلى أنه لازال هناك 33 شخصا آخرا لازال في الملاحظة، منتظرا استفادته من البقع الأرضية، رغم إحصائه سنة 2007”.
ومن جانبها، فقد أوضحت (ف.ع) أنه “وقبل أن يهدموا منازلنا أخبرونا أننا سنضطر للكراء لمدة شهرين فقط واليوم مر عام ونصف على خروجنا من منازلنا ولا زلنا إلى الآن مشردين وبدون أي مأوى”. مضيفة، “لقد أخبرونا كذلك أننا معفيون من تأدية أي مبلغ مالي إلا أننا تفاجأنا بمطالبتنا بتأدية 13 مليون للحصول على الوثائق، كأننا قد اشترينا الأرض ب 150 درهما للمتر، علما أن مساحتها تتراوح مابين 70 و75 مترا مربعا، موضحة أنه “في حالة أردنا تسجيل الأراضي بأسمائنا، فيجب أن نؤدي مبلغ 5000 درهم للموثق، أما في حالة بيعها فسيتم اقتطاع 20 في المئة من ثمنها”.
وفي تصريح آخرمثير للجدل ل(ر.خ)، فإن “مصالح السلطات المحلية المختصة كانت في البداية تطلب مني أن أغادر منزلي، مقابل إعطائي بقعة أرضية وفي الأخير استفادت والدتي وإخوتي، على عكسي تماما، وحين ذهبت للاستفسار عن الأمر، بدؤوا معي بالتفاوضات، في البداية ب 10 ملايين ثم 15 إلى أن بلغت 20 ملايين، مقابل استفادتي من دكان ما، وعندما رفضت عرضهم وطالبت ببيت يأويني أنا وأبنائي خاطبني المسؤول المعني بالأمر وقال لي (ها المحكمة مشي دعيني).
مؤسف حقا ما أصبحنا نعيشه ونشاهده من سلوك وأفعال “بعض” المسؤولين في ممارستهم للشطط في استعمالهم للسلطة، على حساب الطبقات الهشة والمعوزة، فعوض أن يقوموا بمد يد العون لهم يزيدون في الطين بلة.
وآخرا، فإن سكان حي الحافة يناشدون جلالة الملك محمد السادس ووالي الجهة بالتدخل العاجل لإنصافهم ووضع حل لمشاكلهم ومعاناتهم، لضمان استقرارهم وحقهم في السكن، باعتباره من أولى الحقوق التي يجب أن يتوفر عليها كل مواطن ولوضع حد لطغيان بعض المسؤولين الذين لا ينفذون تعليمات ووعود رؤسائهم.
رميساء بن راشد