س. من هو محمد أجناح المريني؟
ج. مرحبا بك أستاذي ومرحبا بجريدة طنجة في جمعية سكان وتجار رنشهاوسن للتنمية البشرية،
قبل أن أقدم نبذة عن شخصي فأنا دائما ما أؤمن بأن الأعمال المبذولة والخدمات المنجزة هي أكبر متحدث عن الشخص، أعتبر نفسي من الناس الذين يحبون العمل في صمت تاركا النتائج هي الفيصل والحكم ، وإن كان لا بد من سرد نبذة عن بعض مراحل حياتي بصفتي محمد أجناح المريني فأنا مواطن مغربي من مواليد 1953 م حفظت ما تيسر من القرآن في المسجد بعدها التحقت بالمدرسة الاسبانية ” رامون كاخال”.
قضيت طفولتي بين مستر خوش ، حي المترو ، عشابة ، واد اليهود، الرميلات ، المجاهدين ، السواني ، كانوا زملائي من المغاربة والإسبان يقطنون في هذه الأحياء وكنا نلتقي مع بعضنا في آخر الأسبوع للتمتع بالعطلة ، 1976 التحقت للعمل بالمستشفى الإسباني بطنجة التابع لوزاراة الشؤون الخارجية الإسبانية سنة 1976 ، كما التحقت بالعمل النقابي سنة 1983 من هنا ستبدأ رحلتي كمندوب للعمال وكاتب عام نقابي لمستخدمي المستشفى الإسباني لمدة ثلاثين سنة وستنتهي كاتب عام للاتحاد الموحد لمستخدمي المصالح الاسبانية بالمغرب.
س. كيف جاءت فكرة تأسيس الجمعية ؟
ج : إن الدافع الأول لإنشاء الجمعية هو حماية مصالح السكان والتجار لكن بعد تصنيف البناية كمعلمة ” رنشهاوسن ” كمعلمة تاريخية توثق ذاكرة مدينة طنجة، بدأت الجمعية في تبني استراتيجية أكبر وأعمق فقد أقامت شراكات مع جمعيات محلية، واخدة على عاتقها كل ما هو تنويري ثقافي واجتماعي يشهد على هذا كثرة الورشات التي نظمناها كاليوم العالمي للبيئة، واليوم العالمي للمرأة ، والذاكرة المئوية لمعلمة رنشهاوسن ، واليوم العالمي للكتاب ، ويوم دراسي الذاكرة والتراث والثقافة ، كما لا أخفي عنك أن ولوجي للعمل النقابي في سن مبكر أعطاني إلمام ودروس في التضحية والبذل والعطاء وكيفية الاستماع للآخر والمحاولة الدائمة للبحث عن الحلول والحمد لله فقد وظفت هذه الخبرات المتراكمة في تسيير جمعيتنا منذ بدايتها سنة 1992 م.
س. ما هي أهم البرامج التي اشتغلت عليها جمعية ” رنشهاوسن ” ؟
ج. ينتاب الجمعية كثير من الفخر والحبور أنها كانت السبب في تصنيف البناية سنة 2005 فرغم الإمكانيات المحدودة أنداك فقد قامت بتبليط البنايات في إحدى زيارات جلالة الملك لمدينة طنجة والذي استحسن الوضعية التي آلت إليها البناية وأعطى أوامره السامية المطاعة بتصنيف البناية كمعلمة تاريخية.
ومن بين برامج جمعية رنشهاوسن كذلك عقد شراكة مع عمالة طنجة – أصيلة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتاريخ 05 يونيو 2011، ومشروع تهيئة وتجهيز ورشة للتكوين في مجال خياطة الملابس الجاهزة بمقر الجمعية وذلك في إطار تعزيز التكوين في مجال الخياطة لفائدة الفتيات المنقطعات عن الدراسة وإدماجهن في سوق الشغل، وذلك تجسيدا و تفعيلا لسياسة القرب طبقا لمبادئ وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
من بين برامج جمعية رنشهاوسن كذلك اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية ونيابة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بطنجة – أصيلة وجمعية سكان وتجار رنشهاوسن للتنمية البشرية بطنجة سنة 2015 اعتبارا ” للتوجيهات السامية بخصوص الاعتناء بالتربية غير النظامية والتعبئة الوطنية للحد من تفشي ظاهرة الأمية.
س: هل يمكنك أن تقربنا أكثر من تاريخ معلمة “رنشهاوسن”؟
ج، رنشهاوسن هي معلمة تاريخية وإرث تاريخي حضاري لمدينة طنجة تم بناؤها حسب بعض الروايات في بداية القرن الماضي سنة 1889 والتي بناها ألماني من ماله الخاص يسمى “أدولف رنشهاوسن” ذات الجذور الروسية الجرمانية ، إنها تراث يحيل على الإنسان العبقري المبدع بناية رنشهاوسن شاهدة على هذه العبقرية وهذا الرأسمال اللامادي الذي يمكن إدراجه ضمن التعدد اللغوي والثقافي الذي عرفته مدينة طنجة لما كانت عاصمة دبلوماسية للإمبراطورية الشريفة منذ 1856 وكذلك تندرج ضمن الرؤية المرجعية التي تخص حفظ وتثمين هذا التراث وهي الرؤية المقترحة من بعض الهيئات الدولية كالبنك الدولي واليونسكو والسياسات الوطنية ، ومن أجل الرقي بالمنطقة المحتضنة لهذا التراث والتربية التي تجدر ونشأ فيها والبيئة المحيطة به من ميناء ترفيهي ومرافق سياحية تابع له، نعتبر معلمة رنشهاوسن ” هذا التراث اللامادي ” منتج لآثار اقتصادية وعائدات مادية يمكن الظفر بها نتيجة طبيعته الإنسانية المشتركة باعتبارها تحفة فنية تحكي تاريخ مدينة طنجة وذاكرتها الحية والتقاليد التي تتوارثها الأجيال عبر التاريخ.
س: ما هي أهم المشاكل التي تعترضها البناية؟
ج : إن أهم مشكل تواجه البناية هو الإهمال المتعمد من طرف ملاكها الشيء الذي نتج عنه تسريب مياه فصل الشتاء إلى داخل البنايات لمدة عشرين سنة ،ما خلف انهيار بعض أسقف البنايات الفارغة من السكان ، وتوجد كذلك شقق أخرى جد متردية لا تبشر بالخير ، فطلاء الواجهة لا ولن يخفي الأضرار المترتبة عن الإهمال الممنهج للبنايات، لذا أضم رأيي ومخاوفي كرئيس الجمعية إلى انشغالات الساكنة وأصحاب المحلات التجارية، وكل الغيورين على المآثر التاريخية سيما وأنها تعتبر ذاكرة جماعية ومعلمة من معالم التي تؤرخ بوضوح لتاريخ المراحل الزمنية التي قطعتها المدينة عبر عصور من تلاقح الحضارات المتعاقبة والديانات المتعايشة والثقافات المتنوعة داخل هذا الصرح المعماري المتميز.
س: ما رأيك في تأهيل المدينة القديمة؟
ج: بصفتي رئيس جمعية سكان وتجار رنشهاوسن للتنمية البشرية لا يمكنني إلا أن أنوه بالإصلاحات الجارية في المدينة العتيقة والحلة الجديدة التي أصبحت عليها مما أضفى على المنطقة والمدينة ككل جمالية متميزة ارتاح لها كل من عاينها وتمتع بمشاهدتها ، لكن يبقى هاجس الجمعية كبير وتخوفها عميق لعدم إدراج بنايات رنشهاوسن ضمن مشروع التهيئة الجديدة للميناء الترفيهي والمدينة العتيقة.
كلمة أخيرة :
محمد المريني أجناح : في نهاية هذا اللقاء باسمكم أشكر جريدة طنجة على الاستضافة،كذلك يمكنني أن أقول إن هذه المباني التاريخية لمدينة طنجة تصنف ضمن الكنوز الوطنية الحية،لأن الإنسان يمتلك مهارات ومعارف فنية مما يجعلها تحكي التاريخ وتغذي الإبداع من خلال خدمات رمزية تؤسس عليها قاعدة المجتمع،نحن إذن بصدد قيمة لا مادية متوارثة تدخل ضمن حكم المباني التاريخية من حيث التقييد أو ترتيب الصور المنقوشة والرسوم الصخرية والأحجار المكتوبة والكتابات على المباني التاريخية أو القبور أو غيرها… وبناء على القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية نتمنى أن يعاد الاعتبار لهذه المعلمة ” رنشهاوسن ” كمثيلاتها من المباني الأخرى التاريخية بوصفها رأسمالا لا ماديا اكتسبته المدينة عبر التاريخ ضمن الأنسجة الحضرية العتيقة والقديمة.
محمد الطيب البقالي