اعتبر لعثماني في جلسة مساءلة بمجلس النواب، الاثنين الماضي، أن مشروع الحماية الاجتماعية، يشكل “ثورة اجتماعية غير مسبوقة بالمغرب” ويعتبر مفخرة للمغرب وللمغاربة، وسوف يكون من شأنه تحسين ظروف عيش المواطنين و صيانة كرامتهم.
العثماني اعتبر، من جهة أخرى، أن مهمة “تنزيل” هذا المشروع الهام “ستكون خير خاتمة لعمل الحكومة” التي قال إنها “حرصت على أن تكون حكومة “اجتماعية بامتياز” الأمر الذي مكنها، يضيف، من تحقيق إنجازات هامة في المجال الاجتماعي، وفقا لبرنامجها الحكومي الذي تضمن العديد من “الإصلاحات والإجراءات” من أجل تطوير وتوسيع الحماية الاجتماعية وتحسين خدمات الرعاية الاجتماعية. على أن بعضها لا زال إما مشاريع لم تتخطى مرحلة الدراسة، أو أنها تنتظر “ساعة الحسم” من أجل أن تتحول إلى أوراش، أو مجرد عناوين لنوايا متفائلة، تندرج في هذا المجال.
ومع ذلك، فإن العثماني مقتنع بأن “إنجازات الحكومة في المجال الاجتماعي” “أسهمت بالملموس في دعم الفئات الهشة وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، أملا في توفير شروط العيش الكريم للجميع“.
يذكر أن جلالة الملك ترأس ، الأربعاء 14 أبريل الماضي، ، حفل إطلاق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة بهذا المشروع الاجتماعي الهام الذي سيستفيد منه في مرحلة أولى الفلاحون وحرفيو ومهنيو الصناعة التقليدية والتجار، والمهنيون ومقدمو الخدمات المستقلون، الخاضعون لنظام المساهمة المهنية الموحدة ولنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة، ليشمل في مرحلة ثانية فئات أخرى، في أفق التعميم الفعلي لمشروع الحماية الاجتماعية الذي سيشمل تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ، وليشمل، بعد توسيع الاستفادة منه، الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا خاصا، حيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
ويشمل هذا الورش الملكي الكبير تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024، وذلك من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات من الاستفادة، حسب الحالة، من تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة أو من تعويضات جزافية، أما المرحلة الثالثة، فتهم توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد سنة 2025، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، من خلال تنزيل نظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليشمل كل الفئات المعنية، تليها مرحلة تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025، لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار.
مبادرة ثورية في المجال الاجتماعي، يعلنها جلالة الملك، في إطار اهتماماته بالعنصر البشري الذي يبقى هو الثروة الحقيقية للمغرب، ومكونا من المكونات الأساسية للرأسمال غير المادي، الذي دعا جلالته ، في خطاب العرش، لقياسه وتثمينه نظرا لمكانته في النهوض بكل الأوراش والإصلاحات، والانخراط في اقتصاد المعرفة، وإن ما حققه المغرب من تقدم، ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج رؤية واضحة، واستراتيجيات مضبوطة يقول جلالة الملك.
يبدو واضحا أن العثماني “محظوظ” بكل المقاييس، لأن فترة “مروره” بالمشور السعيد، كانت غنية بمبادرات ملكية، في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والتجهيزية و ها هو يشهد اليوم، ثورة ملكية حقيقية في المجال الاجتماعي تتمثل في منظومة الحماية الاجتماعية، التي خطط لها الملك، ووضع تصورا شاملا لمجالات تطبيقها، وآليات تنفيذها وحدد كل ذلك في الزمان والمكان، حتى لا يبقى على الحكومة سوى أمر “تنزيل” المشروع، على مستوى التشريع، وإطار التنفيذ.
والحال أن كل ما شهده المغرب من إنجازات على مختلف الأصعدة، سواء على عهد الراحل الحسن الثاني رحمه الله، أو ولي عهده جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كان الفضل فيه يعود للمبادرات الملكية، التي تسبق أحيانا رغبات المواطنين واحتياجاتهم، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تكن دائما في مستوى الوعي بضرورة التنزيل المحكم لتلك المبادرات، التي كثيرا ما تفقد بعضا من وهجها بسبب عجز الجهاز التنفيذي عن تتبع المشاريع وعدم حرصه على أن تكون عملية التنفيذ، محكمة في الزمان والمكان، فضلا عن تعدد آليات التنفيذ وتضاربها أحيانا، مع ما يحدث ذلك من شعور بالإحباط واليأس لدى المواطنين.
ومع الإشادة الجماعية ، للمنظمات السياسية والنقابية والحقوقية والأهلية، بمشروع تعميم الحماية الاجتماعية، الذي اعتبرتها تلك المنظمات، “قفزة نوعية وتاريخية” من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، أولت منابر إعلامية دولية، اهتماما كبيرا بهذا المشروع، فكتبت مجلة “جون أفريك” في موضوعه أنه يشكل ”ثورة اجتماعية” حقيقية في المغرب، “اعتبارا للشريحة الواسعة التي ستستفيد من التغطية الصحية، خاصة النشطة بالقطاع غير المهيكل، مشيرة إلى استفادة 22 مليون مغربي من التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
وحسب ما أوردته جريدة “هيسبريس“، فإن صحيفة “لو بوان” الفرنسية، اعتبرت أن مبادرة تعميم الحماية الاجتماعية ترمي ‘
إلى دمج العاملين بالقطاع غير الرسمي في النسيج الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب بغاية تحقيق توازن اقتصادي أفضل وإنفاذ العدالة الاجتماعية.
من جهتها رأت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن المشروع يعد خطوة طموحة تراهن عليها الدولة المغربية عبر تعميم التغطية الصحية على كافة ميادين المهن الحرة , ومنها الغير مهيكلة.
أما صحيفة “نورث أفريكا بوسك“، فقد لاحظت أن هذا المشروع “يشكل ثورة حقيقية بالمغرب اعتبارا لإيجابيتها بالنسبة المواطنين ، خاصة الفئات الضعيفة. ونقلت الصحيفة الاليكترونية فقرات من خطاب وزير الاقتصاد المغربي حول الانعكاسات الإيجابية لهذا المشروع على حياة المواطنين اعتبار لكونه مشروعا يشكل ثورة اجتماعية حقيقية ستكون لها إسقاطات إيجابية على ظروف عيش المواطنين المغاربة.
فهل ستنجح حكومات ما بعد شتنبر المقبل في تنزيل هذا المخطط، التنزيل المحكم والأسلم بعد أن هيأت له العناية الملكية كل ظروف النجاح؟
عزيز كنوني