أمكراز يدعو إلى تطوير ثقافة السلامة المهنية!
بعد أن اعتقد أنه برأ وزارته وحكومة البلد من أي مسؤولية في فاجعة معمل طنجة، التي ذهب ضحيتها عدد من العمال، اختناقا وغرقا، بسبب فيضانات داهمة، ليترك الانطباع بأن وزارته ”قايمة باشغالها” على أحسن ما يرام !، ها هو الوزير، “معجزة البيجيديان” ينتقل دون مقدمات، إلى المطالبة بنشر “ثقافة السلامة وظروف العمل” ويدعو إلى ضمان بيئة عمل صحية وآمنة !….
الوزير استغل مناسبة الاحتفال “باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية” لتوجيه “دعوة” من أجل “تكثيف الجهود” للنهوض بالصحة المهنية !….
ويحق التساؤل: ما هي الجهة المعنية بهذه الدعوة “الكريمة”، إذا كان أمر السلامة الصحية وظروف العمل السليمة، من صميم مسؤولية الدولة، عبر الوزارة المعنية بالشغل بالدرجة الأولى ثم رجال ونساء القطاع ؟ !
وإلا، فمن عليه أن “يكثف” الجهود للنهوض بالصحة المهنية، أكيد أنها ليست وزارة الثقافة والإعلام، أو وزارة الفلاحة وما جاورها، أو حتى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية !….
ربما نكون مخطئين إن لاحظنا أن وزارة الشغل والإدماج المهني، لم تقدم نصوصا تشريعية للحكومة والبرلمان بهذا الشأن، بشأن النهوض بثقافة السلامة وظروف العمل.
ولكن، هل من المعقول أن ينتظر الوزير من أصحاب المصانع “السرية” النهوض “بثقافة السلامة المهنية” ، وجعلها في صلب “الاهتمامات اليومية للحكومة” !؟ أو أن يتقدموا بمشاريع تطوير تشريع قد لا يخدمهم في النهاية !…
وكغيره من الوزراء الأفذاذ، انقضّ أمكراز على كلمة “استراتيجي” لوصف مجال الصحة المهنية، إذ أن هذه الكلمة قريبة جدا إلى لسان الوزراء كلما أرادوا تأكيد أهمية مشروع ما أو مخطط ما، وهي تكفيهم تعب البحث عن أوصاف دالة قد تكون مستعصية، ثم إن الكلمة “أعجمية” “جامعة مانعة” تعكس حالة نفسية ومزاجية، وتختزل تفكيرا “أعجميا “مطاوعا. !
معادلة غير عادلة
لاحظوا غرابة هذه المعادلة الغير عادلة بطبيعة الحال:
إن 20 بالمائة من الأسر الغنية، بالمغرب تحصل على أكثر من نصف المدخول الإجمالي لمجموع العائلات المغربية وعددها حوالي 8 ملايين. وتقول مندوبية التخطيط صاحبة هذه الدراسة: إن مستوى هذه الفوارق في الدخل “يعتبر ” مرتفعا” يفوق العتبة المسموح بها اجتماعيا !
وكانت “المندوبية” قد نشرت دراسة أخرى في أواخر مارس أظهرت أن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي سببتها الجائحة، ضاعفت معدل الفقر سبع مرات ومعدل الهشاشة مرتين !…
بالمقارنة مع الدخل السنوي، للمغاربة الأغنياء والمغاربة الفقراء يتضح أن متوسط الدخل السنوي لدى 20% من المغاربة الأعلى دخلا، يعادل حوالي عشر مرات دخل العشرين بالمائة، الأكثر فقرا.
فأين نحن من بيانات العثماني حول تراجع الفوارق الاجتماعية ومعها الفقر والهشاشة، بفضل مخططات الحكومة في مختلف المجالات الاجتماعية؟ والحال أن المغرب قذف به إلى “قاع” لائحة التصنيف الأممي العالمي لدخل الفرد من الناتج الإجمالي بالدولار. حيث حل المغرب في الرتبة الثانية والعشرين بعد المائة، بعيدا وراء بلدان مجاورة كإسبانيا والبرتغال بل وعدد من بلدان العالم الثالث ، وبعضها يواجه اضطرابات عسكرية وسياسية لا تسعف اقتصادها كثيرا !. ومنها ليبيا، ولبنان، والأردن، وغيانا والغابون وصربيا، والبوسنة والهرسك ، وحتى تيمور الشرقية !!!…..
ولعل التدوينة الأخيرة للصدر الأعظم، حول تراجع نسبة الفقر بالمغرب، تلك التدوينة التي قوبلت بسخرية عارمة من طرف “قبائل” الفايسبوك، لخير دليل على الارتباك الحاصل في تدبير الشأن العام والرغبة “البروبغاندية” في تلميع الحصيلة – الحصلة لـ “لعشر الأواخر” قبل أن ينفخ سيدنا إسرافيل في الصور !
ملحقة سوق كاساباراطا
سوق “كاساباراطا”، نبت عشوائيا بمنطقة “الدور الرخيصة” وهو مشروع إسباني أقيم على عهد الإداراة الدولية، ليكون نسخة من الدور الرخيصة الفرنسية HLM (Juillet 1928 _ Luis Loucheur)
وبينما تغير نسبيا شكل المنطقة، شهد السوق توسعا “عمرانيا” واسعا، ليتحول إلى “مركز تجاري” كبير، يحرك يوميا الملايين إن لم تكن ملاييرا. وذلك بفضل حركات التهريب للسلع المختلفة حيث يجد المرء كل ما يريد من أثاث وسلع استهلاكية وملابس جديدة و ملابس “قلب- شقلب” التي يحج إليها المتسوقون من مختلف جهات المغرب !.
وأمام الاكتظاظ الكبير الذي شهده السوق، الذي لم يدخل “الياجور” إليه إلا بعد سنوات من نشوئه، حيث إن السوق كان يستضيف سوق الماشية كل خميس وأحد، و أيضا سوق مواشي عيد الأضحى ، فإن مسؤولي ذاك الزمان
قرروا إقامة مجموعة بنايات بطوابق، بمحاذاة السوق ليستوعب الدكاكين “البراكية” التي تحول بعضها لاحقا، إلى “الأسمنت” المسلح.
إلا أن تلك البنايات، على جماليتها العمرانية ظلت شاغرة لتتحول تدريجيا إلى مشروع خراب، وإلى “أوكار” استقرار ليلي، وفق أقوال أصحاب السوق، بالنسبة لأعداد النازحين إلى طنجة، من متسولين، ومتسكعين ومتشردين ومشاغبين و”متربصين”……
والسؤال سؤالان: لمَ تم إهمال مشروع معماري بهذا الحجم ومنذ سنوات
ولمَ لم بتم التفكير في استغلاله، إن لم يكن كسوق ‘كاسابارطي” ففي مصالح أخرى قد تهم الجماعة أو العمالة أو الشبيبة والرياضة أو غيرها. المهم أن تتم الاستفادة منها لصالح الأهالي والإدارة معا. وحتى إن وجدت مشاكل عقارية، مثلا، فالدولة تتوفر على كل الآليات القانونية لتؤمم تلك البنايات وتسخرها في خدمة الصالح العام.
مهرجان “الفيكينغ” القادمين من الجنوب
هرعت جموع المغاربة إلى شواطئ مدينة الفنيدق، لتحضر، بكثير من التأثر، لحظة وداع شبان صمموا على مواجهة غول الموج الثائر، ليس بحثا عن أصداف البحر، بل طمعا في عبور الأبيض الموشح بدماء من سبقوا إلى المغامرة، في اتجاه مدينة سبتة المغربية، التي لم يكن المغرب قادرا ، مند 1415 إلا أن يسجل أنها مدينة “محتلة” !
قصة هؤلاء الشبان معلومة بتفاصيلها سواء في الداخل أو الخارج، نجا من نجا منهم، ومات من مات، يرحمهم الله، وصدرت بيانات في الموضوع، تعطي وجهة نظر من يعنيهم الأمر، مهنيا، بينما الأمر يهمنا، نحن جميعا، إنسانيا وأخلاقيا ووطنيا…….
وانطلق التحقيق في موضوع هؤلاء الشباب الذين حققوا “المغامرة” بنجاح، رغم صغر سن بعضهم وضعف بنياتهم الجسدية إلا أن إرادتهم كانت أقوى من البحر الهائج والموج الثائر. لينتزعوا إعجاب الأسبان قبل مواطنيهم الذين استكبروا فيهم روح المقاومة وصلابة العزم على ركوب المخاطر من أجل “حلم” لم يكتمل في سبتة، بل في مخافر الشرطة!….
البحث الأمني ينطلق من “فعل” الهجرية السرية الغير مشروعة، لأن للهجرة ضوابطها وقوافيها ليصل إلى “تحديد خلفيات وظروف القضية” وما إذا كانت لها “ارتباطات” محتملة مع شبكات الهجرة الغير مشروعة التي غالبا ما تنشط في بلدان لا توفر لأبنائها فرص العيش الهادئ الكريم !…
وحتى تتضح الرؤية في حقيقة هؤلاء الفتية الذين غامروا بحياتهم من أجل هدف اعتقدوا أنه يستحق المغامرة ، يمكننا تقدير أن البطالة والفقر والعوز والتهميش والحكرة، أسبابٌ يمكن أن تكون من الدوافع لتلك المغامرة.
حقيقة إنه تم إطلاق بعض المشاريع التي يعتمد عليها في امتصاص غضب السكان، وما دامت في المدينة “تحركات” سكانية فمعنى ذلك أن الرضى عن تلك التدخلات ليس شاملا ،خاصة وأن البديل جاء متأخرا جدا، وقد لا يكون قادرا على استيعاب الآلاف المؤلفة ممن تشردوا بسبب الإغلاق القانوني والشرعي لمعبرين “طاراخال” و “بني أنصار” !…..
عنف “رسمي” !!!…..
هل أصبحت “الزواطة” والركل والصفع والضرب والإهانة قدرنا في هذا البلد “الأمين”، كلما فتحنا أفواهنا للمطالبة بحق أو التنديد بظلم، أو حتى التعبير عن رأي أو عن حاجة نرى أنه لم يتم الاستجابة لها أو مراعاتها ؟ !
مثل هذه الحالات تكررت خلال السنوات الأخيرة، وبالأخص خلال الجائحة المسلطة علينا، خاصة على يد بعض رجال “القوات المساعدة” التي يقال في شأنها الشيء الكثير.
ولقد رأينا كيف أن بعض رجال هذه القوات تعاملوا بعنف شديد مع مخالفين لتدابير الحجر الصحي، بداية الجائحة، حيث لم يكن الشباب قد اعتادوا على ” مغادرة الشوارع عند مغرب اليوم”، وكيف تم التعامل الخشن مع متظاهرين بالشارع العام مطالبين بحق أو منددين بظلم، دون احترام للمكانة الاعتبارية ولسنّ بعض الشخصيات المعنفة، زعماء سياسيين، مناضلين، حقوقيين وغيرهم، ولا تزال صور وأشرطة فيديو تشهد على ذلك.
حديثا نقلت إلينا أشرطة مدونين صورا مؤلمة، لم نقو على مشاهدتها لعسكري من رجال القوات المساعدة، وهو يضرب بعنف ويركل بشدة فتى غضا عقابا له على “محاولة” “التنصل” من وضعية البؤس المادي والمعنوي الذي يعيشه والقفز، سباحة، إلى حيث يظن أنه سيلقى مصيرا أفضل.
والحال أن المغرب بلد حق وقانون، والمخالف للقوانين تطبق في حقه مسطرات الزجر والمتابعة “مدنيا” لا ضربا ورفسا، إذ ليس من حق أي أحد أن يهين كرامة مواطن أعزل أو أن يبهدله وهو يعلم أنه في وضع لا يسمح له برد الإهانة بأحسن منها !. هذا بينما شاهدنا التصرف الإنساني لبعض رجال الأمن الذين تعاملوا بوطنية وإنسانية مع المخالفين، فكانوا ناصحين مرشدين لا جلادين متجبرين !…..
ولتجاوز مثل هذه “الممارسات” المشينة في حق الوطن والمواطنين، نأمل أن تتم مراجعة ومراقبة “التربية الحقوقية” لبعض رجال القوات المساعدة والضرب بيد من حديد على كل من تطاول، بغير حق، على حقوق المواطنين، كما نص عليها الدستور.
عزيز كنوني