اعتماد العمل الخيري الإحساني في العملية الانتخابية كان على الدوام طريقة تستعملها الأحزاب السياسية لاستمالة الناخبين ومن طرف السياسيين أنفسهم،لكن هذه المرة تطل علينا مؤسسة تابعة لأحد الأحزاب السياسية باسم ” جود ” التي قدمت مساعدات غذائية مهمة للمواطنين مقابل الانتماء والولاء ،حيث اعتمدت على استغلال غير مشروع ولا أخلاقي للبيانات والمعطيات الشخصية للمواطنات والمواطنين وإعداد بالتالي بطائق الانخراط دون علم أصحابها.
كل ما سبق ذكره دفع ثلاثة أحزاب سياسية بالمغرب وهي على التوالي: ” الأصالة والمعاصرة، الاستقلال ،والتقدم والاشتراكية إلى الخروج عن صمتها ببيان استنكاري عبرت فيه عن امتعاضها الشديد ورفضها لمبدأ ظاهرة التوظيف السياسوي للعمل الخيري والتضامني لاستمالة الناخبين، وذلك حرصا على نزاهة العملية الانتخابية القائمة على مبدأ التنافس الشريف والمتكافئ الذي يجب أن يطبعها،وأن استغلال بيانات شخصية للمواطنات والمواطنين يتوجب تدخل السلطات العمومية لإيقاف وردع هذه المخالفات.
كما جاء في البيان أيضا من الأحزاب الثلاثة السالفة الذكر ” أن على الحكومة اتخاذ الإجراءات التواصلية والإعلامية لمواكبة كافة مراحل المسلسل الانتخابي منذ الآن، خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام العمومية التي عليها الاضطلاع بدورها المنصوص عليه في دفاتر تحملاتها،بخصوص إبراز التصورات السياسية على اختلافها وتعددها.
وجددت أيضا الأحزاب الثلاثة تأكيدها وعزمها مواصلة العمل من أجل تقوية الدولة الوطنية الديمقراطية بكافة مؤسساتها وتحصين الجبهة الداخلية، والسعي نحو رفع معدلات المشاركة المواطناتية،والإسهام في تجاوز أزمة الثقة في الأحزاب السياسية التي تخترق المجتمع كمدخل محوري لنجاح النموذج التنموي البديل.
وأكدت الأحزاب الثلاثة على ضرورة اتخاذ القرارات والتدابير الكفيلة بإحداث مناخ عام إيجابي قوامه الانفراج السياسي وصون الأفق الحقوقي، بما يتيح مصالحة المغاربة مع الشأن العام،ويسهم في الرفع من نسبة المشاركة، كشرط أساسي لتقوية مصداقية المؤسسات المنتخبة، مما يستدعي دينامية سياسية جديدة، ورجة إصلاحية كبرى قادرة على إفراز حكومة قوية متضامنة منسجمة ومسؤولة،من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية لبلادنا، وتجاوز اختلالات التدبير الحكومي الحالي، والعجز الواضح للحكومة في مباشرة الإصلاحات الضرورية، وتفاقم الخلافات بين مكوناتها، وتعثرها الواضح في مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
وأعربت الأحزاب الثلاثة عن اقتناعها الراسخ بكون المرحلة تقتضي أن يسود فضاءنا العام نقاش عمومي رزين ومسؤول حول حصيلة تدبير الحكومة للشأن العام، بما يترجم مبدأ المحاسبة الشعبية، وكذا حول مضامين المشاريع المجتمعية والبرامج السياسية للأحزاب، نقاش عمومي تحتضنه مختلف وسائل الإعلام العمومية والخاصة، وتتناوله وسائط التعبير والمشاركة المواطنة بالتحليل والمقارنة والنقد البناء.
وعودة لمؤسسة ” جود ” التي تعيش على ازدواجية المواقف في كارثة سياسية وسابقة في تاريخ الأحزاب السياسية الإدارية حيث أعرب رئيس ” حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش “عن علاقة وطيدة بين حزبه ومؤسسة ” جود ” في حين نفى نفيا قاطعا المدير المركزي لنفس الحزب ” مصطفى بيتاس” عن أي علاقة لحزب التجمع الوطني للأحرار بالمؤسسة السالفة الذكر.
مؤسسة ” جود” قطعت مساعداتها الغذائية الأميال لتصل لمعظم بيوت الفقراء والمعوزين ونحن نعيش على إيقاع أزمة ” كورونا ” وأيام الشهر الفضيل التي تفرض على الأسر المغربية مصاريف إضافية لمتطلبات المائدة المتباينة ، فهل نحسن النوايا ونعتبرها حركة تضامنية وكفى؟، أم أن المواطن المغربي يبحث عن سد رمقه دون الدخول في حسابات ضيقة إلى حين ميسرة.
محمد الطيب البقالي