نعود مجددا لإثارة موضوع بالغ الحساسية وعلى جانب كبير من الأهمية اعتبارا لما له من آثار وخيمة وانعكاسات مجتمعية خطيرة.. نتحدث ضمن هذا العدد عن بعض الجوانب السلبية لظاهرة البطالة التي تعرف ارتفاعا مستمرا وانتشارا واسعا في ظل ظروف استثنائية وصعبة للغاية ترك فيها الحبل على الغارب في غياب مبادرات وإجراءات حكومية من شأنها التخفيف من آثار الأزمة.. وانسجاما مع ماتنشره بعض الصحف والمنابر الإعلامية في خضم انشغالات واهتمامات فئات واسعة من المواطنين، نؤكد وفقا مصادر رسمية أن مؤشر البطالة في تزايد، ذلك ما تكشف عنه المندوبية السامية للتخطيط..!! ولكم أن تتصوروا كيف أن عشرات الآلاف من المغاربة أصبحوا معرضين للضياع بسبب ما يعانونه من عطالة قد يؤدي استمرارها إلى نتائج كارثية؟! نحن أمام أرقام مهولة وخطيرة تبعث على غير قليل من القلق والحيرة والاندهاش!؟ تأملت جيدا في ما أصابنا من مآسي وإحباطات ومشاكل بتداعياتها وآثارها السلبية على الوضع والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، فوجدت من ببن هذه الآفات مايشكل انتكاسة حقيقية وقنبلة موقوتة تهدد أمن واستقرار البلد باستمرار، بل هي أم الكوارث والويلات والمآسي.. ومنها تتفرع المعضلات والمشكلات الاجتماعية التي تنمي في الشخص العاطل مشاعر اليأس والإحباط والتذمر !؟ لا يختلف اثنان في أن آفة البطالة من أهم المشكلات الاقتصادية في المجتمع باعتبار النتائج والانعكاسات السيئة المترتبة عن هذه الآفة التي تشكل خطرا على استقرار البلاد..
تأسيسا على كل هذا، فإن منظمة العمل الدولية تورد تعريفا للعاطل «بانه كل شخص قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه لكن دون جدوى.. من منطلق هذا التعريف الصادر عن منظمة أممية، فإن البطالة في المجتمع المغربي إشكالية وعقبة كأداء في وجه التنمية وآفة تكتسح البلاد وتجثم بكلكلها على ربوع الوطن.. فالكل قادر على العمل والكل يرغب في العمل والكل يبحث عن العمل، وهذا الكل لايجد العمل؟! وأصبح البلد شبه عاطل يعاني من أزمة حقيقية تطرح الكثير من التساؤلات قد لانجد لها جوابا مقنعا..!؟ إلى أين تمضي بنا هذه الأزمة التي عطلت وتعطلت معها لغة الكلام، بل أدخلت البلاد في نفق مظلم لايرى منه بصيص أمل..!؟ أينما حللت وارتحلت وأنت تبحث عن العمل لاتجد من يصغي إليك ولا من يقبل منك طلبا اسمه «البحث عن الشغل» والبطالة أنواع كما نعلم جميعا.. وإذا كانت البطالة «المقنعة أو المخفية » كما هو الشأن في كثير من الإدارات العمومية التي تغض الطرف عن موظفات وموظفين معينين «غير مرئيين» لايحضرون إلى مقرات عملهم للقيام بما يقتضيه الواجب -فبأي وجه حق تؤدى وبصفة منتظمة الأجور والرواتب التي تذهب إلى جيوب «موظفين أشباح» دون مقابل من الجهد أو العمل ودون حسيب ولارقيب؟ هم في مأمن من التتبع والمحاسبة.. تحت مظلات المحسوبية والزبونية وتدخلات من هنا وهناك على قاعدة «باك صاحبي» كما شرحت ذلك بغير قليل من التفصيل في احد المواضيع السابقة بشان الدعم الموصول المخصص لبعض الفنانين.. «الاستثناء والقاعدة»..
أعود لأذكر أن البطالة المقنعة ذات الوجه الخفي لها مضاعفات سلبية بل خطيرة على الاقتصاد والتنمية والمجتمع بصفة عامة بسبب انعدام الإنتاج في مجال من المجالات.. الموظفون الأشباح نموذج في سياق تشخيص الوضع؟؟ ولعل أخطر أنواع البطالة كما تقدم تلك التي توجد في صفوف الشباب، بالتأكيد، هي قنبلة قابلة للانفجار في كل وقت دون سابق إشعار..!! بطالة الشباب مؤشر لقلق اجتماعي يستمر في التمدد والارتفاع بما ينمي مشاعر القلق والإحباط المعنوي في صفوف الشباب؟! بطالة الشباب، نؤكد مرة أخرى قنبلة، حارقة قد تأتي على الأخضر واليابس إذا لم تتدارك الحكومة الأمر وتبادر بالسرعة اللازمة لنزع فتيل هذه القنبلة قبل فوات الأوان!! العاطلون من الشباب هم خريجو جامعات مغربية وحملة شواهد ودبلومات من معاهد ومراكز التكوين المختلفة.. العاطلون من الشباب هم المتظاهرون في الشارع العام.. الرافعون لشعارات تندد بالاختيارات السياسية «اللا شعبية» للحكومة .. المتجاهلة لمطالب المتظاهرين منذ سنوات بدون نتيجة!! الشباب هم من يحمّل الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع وفي صدارتها ارتفاع مؤشرات البطالة بعد أن بلغت حدا لايمكن تصوره على الإطلاق ولايبعث على الارتياح والأمل والتفاؤل..!؟ نقف عند هذا التوصيف العام لوضعية الشباب المغربي العاطل الذي يئن تحت وطأة ظروف إستثنائية!؟ على الجانب الآخر فإن شريحة واسعة من فقراء الوطن ينهشهم الفقر وتخترق أجسادهم النحيلة أمراض يطول بها المقام ولاتغادرهم إلا إذا دقت ساعة رحيلهم.. جيوش من العاطلين والمتسولين والمعوزين وأطفال الشوارع غالبيتهم يعيشون وضعيات صعبة والحاملين لعاهات ميوؤس من علاجها.. والهائمات والهائمين على وجوههم.. عنوان مرحلة تقودها وتؤطرها الحكومة الحالية.. سيتابع المغاربة مرة أخرى تفاصيل الشأن الحكومي بما له وما عليه على إيقاع نفس التوجهات والاختيارات السياسية التي لن تغير شيئا في هذا البلد وستستمر في ظل الوضعية الحالية مشاكل ومعاناة الفئات الاجتماعية بدرجات لاتقل حدة عن معاناة الخمس سنوات السابقة إن لم أقل ستزداد استفحالا؟! ولن يتوقف مسلسل الظلم والاستبداد والشطط ولن ينال البسطاء من هذا الشعب حقوقهم البسيطة المستحقة.. وستستمر الاحتجاجات ومسيرات الشجب والتنديد بسياسة الحكومة واختياراتها !؟ حكايات من الواقع المعاش في تفاعلات متتالية ومستمرة لن تتوقف إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!! وتبقى دعوات المواطنين من البسطاء والمهمشبن والمحرومين ممن طالهم الظلم والقهر والاقصاء.. سارية المفعول لاينتهي أجلها.. ولايشملها التقادم.. دعوات ليس بينها وبين الله حجاب..
إدريس كردود