خبران مثيران طلعت بهما الصحافة هذا الأسبوع، لهما ارتباط بقضايا المرأة، التي هي الموضوع الأساس لهذا الركن الأسبوعي في جريدة طنجة.
الخبر الأول، يتعلق بدراسة مغربية سكسونية حول تعنيف النساء بالمغرب والخبر الثاني، “يقلب الآية” ويرسم صورة” سيريالية” للعنف الأسري ضد الرجال !.
قد لا يبدو الغرض واضحا من “تزامن” الخبرين، ولو مع اختلاف المصدر، ولكن الخبر مثيرٌ بشكل كامل، و يوحي بالكثير من “الخلفيات” المعتمدة والمتعمدة.
الدراسة المغربية التي حظيت بـ “دعم” بريطاني، انكبت على بيان العنف المبني على النوع الاجتماعي في فترة الحجر الصحي” وتركزت على ضعف “التبليغ” بالعنف من طرف النساء، وحاجة النساء إلى “ثقافة التبليغ” التي تفتقر إليها نسبة عالية جدا من النساء ضحايا العنف المنزلي، كما تفتقر إلى معرفة واضحة بقانون محاربة العنف ضد النساء ، ما يتطلب، في نظر “الدارسين” من الدولة والمجتمع
مزيدا من الجهد للتعريف والتوعية بمضامين هذا القانون التي تجهل نسبة عالية من السيدات مدى الحماية “القانونية” التي توفرها لهن، في حالة التبليغ.
وتحدثت الدراسة عن بعض خصوصيات العنف خلال فترة “الحجر” الكوروني“،فيما يخص مساحة بيت الأسرة، مكان جريمة العف المنزلي وعن نسب النساء المعنفات وفق استفسار ميداني، اللائي ينتمين لثلاث جهات: طنجة، الشرق، الرباط، ، منهن متزوجات ومطلقات ومتخلى عنهن، وعازبات، وأرامل وأمهات عازبات.وتو التركيز على التبليغ عن العنف وضرورة إشاعة “ثقافة التبليغ” بين المعنفات !
والملاحظ أن هذه المعلومات تحتاج إلى بيان أن العنف ضد النساء لم يعد “طابوها” في عالم ذكوري متشدد، ومتحكم، ومستبد، بل إن أمره افتضح، وزاد افتضاحا بفضل المنظمات النسائية الجادة، التي اشتغلت، لسنوات في تعرية الواقع المزرى الذي كانت تعيش بداخله النساء، والذي لم تنجح فئات عريضة منهن في الإفلات منه، بعدُ، وبفضل التطور الحاصل في المجتمع، بعد نجاح المرأة في الحصوص على تعليم عال، وولوجها دوائر تدبير الشأن العام، وأيضا إلى عدد من مراكز القرار، وانتشار نجاحاتها في شتى العلوم وحصولها على إشادات عالمية بجهودها وأدائها الرفيع، والأهم من كل ذلك، تمكنها من درجة عالية من استقلالها الاقتصادي، ما مكنها من أن تفرض وجودها و“تلغي” إلى الأبد، خرافة “القوامة“، التي فقدت اليوم كل معنى من معانيها وكل سبب من أسباب وجودها !
المرأة المغربية عرفت، اليوم، طريقها إلى الخلاص، و “التخلص” من “الحجر” الذكوري” المفروض عليها منذ الجاهلية الأولى ، ولكن المشكل هو في كيفية “تخليص الفئات الواسعة” من النساء التي فرضت عليهن ظروفهن الشخصية أو الأسرية، أو الاجتماعية، تحمل العنف الأسري في صبر وأناة، والإحجام عن “التبليغ“، ليس لأنهن بحاجة إلى “ثقافة” التبليغ، أو لأنهن “يجهلن” وجود حماية قانونية لهذا “التبليغ” الذي قدم وكأنه الحل السخري لمعانان النساء مع التعنيف….
إنهن بحاجة إلى قوانين تحميهن من الآثار السلبية لبعض القوانين، ومن “جهالة” بعض المسؤولين، بدرجات متفاوتة على تطبيق القانون وإلى “ثورة” في العقول وفي المفاهيم حتى تحتل المرأة مكانتها داخل المجتمع، كإنسانة كاملة الإنسية ومواطنة كاملة المواطنة، وتختفي تلك النظرة “البهيمية” إلى المرأة.
إن “التبليغ” في الظروف الحالية، سور خرساني يفصل بين عالمين ، من جانب، عالم الصبر والإذعان والتحمل، ومن الجانب الآخر، نار جهنم، تغرق فيها المرأة المشردة بأطفالها، بعد أن يكون زوجها أو معيلها قد تخلى عنها وأولادها، بطرق لا يمكن الجزم، دائما، أنها “قانونية“.
إن الخوف من هذه “الجهنم” هو الذي يدفع المرأة إلى الصبر والتحمل، والرجاء في فرج الله الكريم.
الخبر الثاني، مثير بكل معنى الكلمة، وهو من بنات أفكار المندوب الحليمي الذي طلع بدراسة نفيد أن الرجال، هم أيضا ضحايا “العنف الأسري“. بمعدلات انتشار واسعة في مختلف فضاءات العيش وبأشكال المختلفة…. !
وفي هذا الصدد، كشف الحليمي المثير للجدل في جل بياناته وإحصائياته، أن ما يقرب من ثلث الرجال تعرضوا للعنف الزوجي ! فإما أن يكون هؤلاء الرجال من نوع جديد أو تكون تلك النسوة من “جيل جديد” لأن المجتمع المغربي لا يعرف ظاهرة تعنيف الرجال من طرف النساء إلا في حالات نادرة، يمكن اعتبارها استثناء الاستثناء، قد تحدث في حالات ضعف عاطفي لا مجال لإنكار وجوده.
وعلى أي، فسنعود لهذا الموضوع مستقبلا.
سمية أمغار