شكل حضور المرأة في عديد السياقات منعطفا كاشفا لتحولات ومتغيرات كثيرة في المشهد السياسي، لا سيما أن المرأة المغربية أثبتت جدارتها في عديد المناصب والمسؤوليات، إلا أن هذه المكاسب تظل محدودة خصوصا مع التغييرات التي ستطرأ على أنظمة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والتي ستضعف لا محالة حضور المرأة في المشهد السياسي من خلال مؤسسات التشريع ببلادنا، وإيمانا بأن المجتمع المدني لعب دورا حاسما في تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي وتمكين جميع النساء والفتيات من التمتع الكامل بحقوق الإنسان الأساسية للمرأة، من هنا جاء تفكير المعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتكوين في تنظيم برنامج تأهيل القيادات النسائية في دورته الثالثة والذي اختير له شعار “الريادة السياسية للمرأة رافعة أساسية للتنمية” أيام 09،03 و10 أبريل 2021 بالمقهى الثقافي رينشهاوسن وبفندق سولازور، وذلك في إطار تعزيز ودعم الدور القيادي للمرأة بطنجة من خلال تزويدهن بالمهارات الأساسية للقيادة والتفاوض وكسب التأييد لمطالبهن بناء على رؤية نسوية.
وتضمن البرنامج العام للدورة الثالثة ورشتين مهمتين لتقوية قدرات النساء في المجال السياسي وتمكينهن من ميكانيزمات الريادة والقيادة السياسية، حيث الورشة الأولى كانت تحت عنوان”تمكين المرأة من القيادة السياسية” من تأطير الدكتورة “حفصة الرمحاني” وذلك يوم السبت 03 أبريل 2021 بالمقهى الثقافي رينشهاوسن. حيث قدمت المفاهيم الأساسية للنوع الاجتماعي والقيادة، والتأكيد على:
- أن التمكين السياسي يجب أن يسبقه التمكين الاجتماعي والاقتصادي.
- إن المعرفة والعلم ضروريتان لتمكين النساء في المجال السياسي خصوصا الدراية بالقوانين التنظيمية سواء ما يهم الأحزاب بالدرجة الأولى أو ما يهم القوانين التنظيمية للمجالس المنتخبة سواء على المستوى المحلي أو الوطني، وأيضا المعرفة بالجانب الحقوقي الذي تأتي فيه الحقوق السياسية والمدنية بالدرجة الأولى.
- إن العمل على تخليق الشأن العام المحلي يعتبر من الأولويات وذلك عن طريق جعل الكفاءة والجودة هو المعيار في فترة التزكيات وليس المحاباة والمحسوبية “ومول الشكارة”كما يقال في لغتنا العامية.
الورشة الثانية كانت تحت عنوان”تعزيز القيادات السياسية للنساء” من تأطير الأستاذة “إلهام الرحيوي ” وذلك يوم الجمعة 09 أبريل 2021 بالمقهى الثقافي رينشهاوسن. حيث تناولت الأستاذة إلهام صفات المرأة القيادية ومنها:
- قدرة استعمال الذكاء العاطفي وقوة التأثير على الآخرين.
- التوفر على شخصية قوية.
- أن تكون شخصية القيادية محفزة ولها دراية بالمستجدات.
- أن تكون قادرة على خوض العملية الدائرية للنساء القياديات والتي تعني أن تكون قادرة على حل المشكلات.
- أن تملك القيادية رؤية على المدى القريب والبعيد ولها قدرة على التغيير.
أما الندوة الختامية من برنامج تأهيل القيادات النسائية في دورته الثالثة، كانت تحت عنوان “من المشاركة إلى الريادة النسائية للنساء: الواقع والرهانات” وذلك يوم السبت 10 أبريل 2021 “بفندق سولازور” بطنجة.
ولقد عرفت الندوة استعراض أربعة محاور للنقاش، والتي تناول من خلالها الأستاذ “محمد علي الطبجي” (مستشار بديوان رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة والذي ناب عن ذ.فاطمة الحساني رئيسة الجهة) في المداخلة الأولى محور “الجهوية المتقدمة وتحديات إدماج المرأة في النموذج التنموي الجديد”، حيث أكد أن الرهان على النساء سواء على المستوى الجهوي أو الوطني ينبغي أن تطبعه إرادة سياسية حقيقية تبتدئ بتقبل الرجال المناصفة في مهام المرأة انطلاقا من البيت ووصولا إلى الجهات التي تعمل فيها. وأشار على أن سبب ضعف تمثيلية النساء هو عدم ثقة الرجل مبدئيا من عمل المرأة، الأمر الذي يستبعدها في صناعة القرار، وأن المناصفة يجب أن تفرض داخل الأحزاب بالدرجة الأولى. كما أكد أن المرأة قادرة على خوض غمار السياسة، لكن ينبغي أن تمنح لها الفرصة وينبغي تغيير بعض الأفكار في المجتمع التي تهم المرأة.
أما المداخلة الثانية تناولت المهندسة “شرفات أفيلال” (وزيرة سابقة، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية) محور “المرأة بين التمكين الدستوري ومؤشرات الواقع”، حيث أكدت على أنه يجب على المرأة أن تصل إلى نسبة الثلث حتى وإن لم تصل إلى المناصفة، وأن يلعبن دورا سياسيا مهما، كما أكدت ضرورة لعب النساء دورا مهما في التعبير عن القرارت التي تهم النساء السياسيات.
في حين تطرقت الأستاذة “نعيمة ابن عبود” في المداخلة الثالثة لمحور “مساهمة المرأة في تدبير الشأن العام المحلي – طنجة نموذجا”، حيث أكدت على أن النساء حاضرات وأنهن أصبحن صانعات القرار ويساهمن في التنمية سواء على المستوى المحلي أو الوطني. وأن الريادة السياسية يجب أن تكون عبر ثقة المرأة في نفسها ودعم المحيط لها، وأن دعم المرأة داخل الأحزاب يجب أن يكون مدعما من لدن الأعضاء حتى تستطيع العمل بأريحية.
واختتمت المداخلات الأربعة بمداخلة أخيرة على لسان الدكتور “الحسن الجماعي” والذي أشار في محوره إلى “التمثيلية النسائية للنساء في المجالس المنتخبة: أي مستجدات”، حيث أكد أن المناصفة ليس من المبادئ الدستورية، بل هدف دستوري تسعى الدولة لوصوله بخلق مجموعة من الآليات، أهمها آليات للتمييز الايجابي “الكوطا”، وأكد أيضا على أن المناصفة يمكن أن تبرز عبر عملية التناوب في مسألة التمثيلية السياسة.
للإشارة فإن تسيير فقرات الندوة الختامية أوكلت للدكتورة ” هاجر بغوز” وتميزت بحضور نوعي للمشاركات في البرنامج وممثلي بعض الهيئات الجمعوية والسياسية وبقوة مداخلات الأساتذة المحاضرين، كما عرفت نقاشا مستفيضا وجادا وتفاعلا مسؤولا من طرف المشاركات والمشاركين حيث خرج البرنامج بمجموعة من التوصيات كانت على الشكل التالي :
أولا: المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة هي الضامنة للحقوق القانونية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة في المجتمع.
ثانيا: ضرورة إشراك وإدماج المرأة في تفعيل القوانين.
ثالثا: دعم وتأهيل النساء كفاعلات سياسيات من أجل تمكين سياسي حقيقي.
رابعا: استثمار الكفاءات النسائية وإنصافهن وتمكينهن للوصول إلى مراكز القرار وضرورة التشاور معهم.
خامسا: ضرورة تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية لضمان نجاح النموذج التنموي الجديد.
وأخيرا ضرورة تفعيل وتحفيز المشاركة السياسية الفاعلة من قبل مختلف القوى والشرائح الاجتماعية بشكل عام والقوى والشرائح المغيبة عن دائرة النشاط السياسي والمهمشة في المجتمع بشكل خاص.
الندوة الختامية من برنامج تأهيل القيادات النسائية عرفت تكريم بعض الوجوه السياسية النسائية في سنة سنوية دأب المعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتكوين على فعلها، حيث قدمت تذكارات وشواهد تقديرية لنساء رائدات على المستوى الجهوي، حيث صوب الاختيار هذه السنة على كل من:
ذ. ” فاطمة الحساني ” رئيسة جهة طنجة تطوان الحسيمة وعضو الديوان السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة.
ذ.” نعيمة ابن عبود ” نائبة عمدة مدينة طنجة وعضة الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية.
د.” حفصة الرحماني” متخصصة في التدبير الترابي وقضايا الشأن العام المحلي.
كما تم تكريم د.” الحسن الجماعي ” أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة على هامش هذا البرنامج النسائي المحض لإسهاماته المتعددة في قضايا المرأة والنوع الاجتماعي.
برنامج التأهيل القيادات النسائية تم وضع نقطة النهاية على فقراته بتوزيع شواهد المشاركة على المشاركات والتقاط صور للذكرى، مع تنظيم حفل شاي على شرف الحاضرات والحاضرين من الضيوف.
محمد الطيب البقالي