نظمت الشبيبة الاتحادية بعمالة طنجة أصيلة ندوة حول موضوع “الجهوية المتقدمة في ضوء تعديلات الأخيرة لمنظومة القوانين الانتخابية” وذلك بتاريخ يوم الأحد 28 مارس 2021 بمقر الكتابة الإقليمية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعمالة طنجة-أصيلة ،في إطار أوراش و دورات المرحوم المجاهد الأستاذ “عبد الرحمن اليوسفي” التكوينية ،هذه الندوة الحضورية أشرف على تأطيرها الدكتور “محمد يحيا” أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة.
حيث انطلقت أشغال هذه الندوة على الساعة الرابعة و النصف عصرا بكلمة افتتاحية ألقتها مسيرة الندوة السيدة “هاجر الزوالي” والتي رحبت بالحضور الكريم كل باسمه وصفته بعد ذلك أعطت الكلمة للدكتور “محمد يحيا” أستاذ التعليم العالي في القانون العام بكلية الحقوق بطنجة، الذي قدم كلمات الشكر والامتنان للكتابة الإقليمية للحزب و لمنظمة الشبيبة الاتحادية بعمالة طنجة-أصيلة و لكل الحضور على دعوته للمساهمة في هذه السلسلة التي تهدف للتأطير والتكوين من جهة ومن جهة أخرى للنبش في الذاكرة لسيرة عطرة ورمز للعطاء والكفاح الطويل لشخصية مميزة أعطت الكثير للمغرب، ثم انتقل إلى تقديم عرضه حول الجهوية المتقدمة على ضوء التعديلات الأخيرة لمنظومة القوانين الانتخابية بالمغرب.
واستهل مداخلته:
الدكتور “محمد يحيا” موضحا بأن الشعب المغربي يعيش على وقع سنة انتخابية بامتياز، متسائلا عن الافتراضات والانعكاسات التي مست منظومة القوانين الانتخابية وانعكاس ذلك على الجهات مع لزومية ربط المسؤولية بالمحاسبة، ثم تطرق إلى الخطاب الملكي الذي يعتبر خطابا توجيهيا للمؤسسات الدستورية المنتخبة ،وعلى رأسها البرلمان،مبينا أن تلك التوجيهات تبقى بعيدة التنزيل لحدود الساعة…
كما أشار الأستاذ المحاضر بأن العمالات و الأقاليم هدفها دعم المجال القروي والنهوض باقتصاد البلاد رغم ضعف الإمكانيات…
و توقف الدكتور ” محمد يحيا” عند التفاوض المجالي بين الجهات جغرافيا و اقتصاديا و ثقافيا وأن ذلك سبب تحفظا كبيرا على تقسيم الجهات و أعطى المثال بجهة طنجة تطوان الحسيمة كنموذج على هذه التفاوتات….إضافة إلى أن انعدام خط سياسي واضح يحترم التحالفات السياسية المركزية على مستوى تدبير الجماعات الترابية و على رأسها المجالس الجهوية يعتبر تناقضا صارخا مع مفاهيم الديمقراطية و الحكامة و الأخلاق السياسية،حيث ينتمي منطق الأغلبية و المعارضة في هذه المؤسسات الدستورية مما أدى إلى وجود مؤسسات دستورية هجينة ،وبالتالي فقدان المواطن للثقة أكثر وأكثر في هذه المؤسسات، حيث أن ذلك سيجعل إمكانيات إنجاح النموذج التنموي الجديد ضئيلة ما لم تحسم هذه المعوقات السياسية المرتبطة بالانتخابات و الأحزاب السياسية أساسا …
أما أبرز ما جاء في تدخل الدكتور “محمد يحيا” حول التعديلات الأخيرة التي شهدتها منظومة القوانين الانتخابية بالمغرب،فتتلخص أساسا في إلغاء اللائحتين الوطنيتين للشباب و النساء و تعويضهما بلوائح جهوية،كما أعطي فيهن السبق للنساء لضمان تمثيلية المرأة في المؤسسة التشريعية والجماعات الترابية و تسهيل ولوجها لهذه المؤسسات و إعطاء الفرصة لتمثيلية الشباب على هذا الأساس.
و لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص يضيف الدكتور “محمد يحيا” جاء ضمن هذه التعديلات تعديل جوهري سينهي حالة إقصاء النخب و سيعمل على إعطاء فرص حقيقية لنخب جديدة لم تكن لها أية حظوظ للولوج للمؤسسة التشريعية و الجماعات الترابية التي تخضع للاجتماع الانتخابي اللائحة، وعلى رأسها إلغاء العتبة القاصية و استبدالها بالقاسم الانتخابي مع احتساب أكبر البقايا في المرحلة الثانية من إحصاء الأصوات و كل ذلك على قاعدة عدد المسجلين. وأوضح الدكتور المحاضر الفرق بين النمطين الانتخابيين كما تطرق إلى مجموعة من التغييرات الهامة التي تضمن تكافؤ الفرص و إتاحة المجال لوصول نخب جديدة لمراكز المسؤولية بإقرار مجموعة من حالات التنافي، وأكد أنه يجب توسيع حالات التنافي أكثر في أكثر من مركز تسيير و تدبير المؤسسات الدستورية المنتخبة.
أستاذ القانون الدستوري و الإداري بجامعة عبد المالك السعدي أكد على أن هذه التعديلات كلها تبقى ناقصة ما لم تتغير عقلية الكائن السياسي و الانتخابي و يغير نظرته إلى الانتخابات المبنية على المصلحة الخاصة إلى بناء هذه النظرة والدافع على البعد الوطني و الحس بالمسؤولية.
واعتبر الدكتور “محمد يحيا” أن القاسم الانتخابي الذي تم إقراره في هذه التعديلات منعطفا جديدا وثوريا في إنهاء وضع اتسم بعدم التجانس في التجربتين الحكوميين بعد دستور 2011 و اللتين تميزتا بالعبث وانعدام المسؤولية و انتفاء كل معنى لمفهومي الأغلبية و المعارضة كما هو متعارف عليه في الدول الديمقراطية و جاءت هذه التعديلات لإعادة بعث الأمل في استكمال البناء الديمقراطي…
أما الجهوية المتقدمة فتبقى رهينة باستمرار إصلاح منظومة القوانين الانتخابية حتى تكون المجالس الجهوية بعد تحقيق عدالة مجالية واقتصادية و اجتماعية قادرة على إعطاء الجهوية المتقدمة المعنى السامي السياسي و التنموي الذي جاء في روح و نصوص الدستور، والذي جاء في التصور السياسي والقانوني للدولة المغربية ،كما جاء في سلسلة من الخطب الملكية السامية التي أشار الدكتور يحيا إلى بعضها و تلا بعض فقراتها.
و قد تلت مداخلة الدكتور “محمد يحيا” نقاشا مسؤولا ومستفيضا من طرف عدد كبير من الحضور والتي عقب عليها الأستاذ المحاضر لترفع أشغال الندوة في حدود الساعة السادسة مساء، والتي حرس المنظمون على احترام القواعد الاحترازية الوقائية من كوفيد 19، وبالتالي كانت حلقة مهمة من حلقات برنامج تكوينات وندوات إحياء للروح العطرة لأحد مؤسسي الحزب المرحوم عبد الرحمن اليوسفي.
محمد الطيب البقالي