يعدّ موقع “كوطا” الأثري من المواقع الأثرية المهمة والجميلة بمدينة “طنجة”، نظرا لقيمته التاريخية ولاعتباره من معامل تمليح الأسماك القديمة والمهمة تاريخيا، وكذا لعودة تهيئة بنائه فى القرن الثالث قبل الميلاد، وفق ما كشفته عنه حفريات المنطقة، التي نتمنى لها العودة والتركيز على المنطقة وعلى العديد من مواقعها المهمة وشبه المنسية…
ويقع الموقع بالضبط على بعد كيلومترات قليلة جنوب مدينة طنجة، غير بعيد عن “مغارة هرقل” و”أشقار”،وهو عبارة عن مجمع صناعي لتمليح الأسماك كما أشرنا إلى ذلك، ويتكون من عدة وحدات أحواض ذات مترين من العمق…، هذا وتجدر الإشارة أن موقع “كوطا” قد سبق له وأن تهيئ بمحافظة مجهزة وشباك لاستقبال السياح وبيع التذاكر…
فإذا سلمنا أن هذه الإشارة باختصار شديد هي موقع “كوطا” الأثري، الذي يمكن للمهتم به أكثر، الاتصال بالمحافظة الجهوية للتراث والآثار، أو بالإخوة في “المرصد الجهوي لحماية البيئة والمآثر التاريخية” بطنجة، وكلاهما حيوية ونشاط وذو كرم علمي، فإننا هنا نود فقط الخروج بموقع “كوطا” من وضعيته الحالية إلى وضعية ثقافية، فنية وسياحية، وإلى كل ما يمكنه أن يفرح ساكنة مدينة طنجة من السياح والمغاربة والأجانب، وبالخصوص “صاحب الجلالة الملك محمد السادس” نصره الله وأيده، الذي يعرف الموقع حق المعرفة، كما يريد لطنجة ومجالها الكامل ضمن مشاريع طنجة الكبرى مكانة مهمة على شاطئ المحيط الأطلسي لمدينة البوغاز…
إذن ما هي حاجة موقع “كوطا” الأثري اليوم؟
لا شك أن من أولويات حاجاته دراسة لتهيئته مع مهندسين خبراء في التراث وفي الحدائق، وليس في “البهرجة الهندسية”، مع اولئك الذين ما فتئوا يتسلطون على مشاريع بدون أية رؤية هندسية ولا حس فني وجمالي، وممن يتجرؤون الخوض في كل تفاصيل تهيئة فضاءات بدون اللجوء إلى ذوي الاختصاص، وكأن الأمر لا يحتاج لذلك، أو كأن الأمر لا يتطلب دعوة تلك الاختصاصات وأصحابها إلى ممارسة عملهم، لنتفاجأ في نهايات مشاريع بنتائج لا أشكال ولا مضامين لها، ولا بد أن نتوقف لاحقا على أمثلة من هذه النماذج…
وإذا كان موقع “كوطا” في حاجة إلى دراسة تهيئته، فلا مانع أن نقترح من اليوم ضرورة تنظيفه، إضاءته، تجديد طريق مدخله إلى الموقع، النظر مع المصالح المختصة للقيام بعملية حفر فيه وتهيئته في حدود الإمكان، فتح مقهى به للاستمتاع ببحره ومناظره، وفصله بحديقة جميلة وكثيفة الأشجار والنباتات عن فندق “الميراج” والشاطئ المحاذي له من جهة الموقع، على أساس أن يأخذ الشاطئ حصة مهمة من الأرض المحاطة به، لأن الموقع له ما يكفيه وزيادة لتنشيطه والاستفادة منه، خاصة وأنه يحد من جهته الجنوبية بقصر “الملك سلمان”، وهذا ما يضمن لنا تنفيذ المقولة المعروفة “بلا ضرر ولا ضرار”…
لا شك أن موقع “كوطا” وطنجة يستحقان هذه العناية، ولا شك أيضا أن دورنا نحن هو أن نلفت نظر المسؤولين إلى مثل هذه الاقتراحات الجميلة والمفيدة…
د ـ رشيد أمحجور