”المدني” الذي دخل “بنص مراكشي ” على بعض نساء ورجال التعليم، خلال مسيرة “فوق سلمية” نظموها بالرباط، للمطالبة بما اعتبروه حقا مشروعا من حقوقهم المهنية ، أريد له، في البداية، أن يبقى شخصا نكرة، شبحا “مبهما” ، بل وصفته إحدى الصحف ب “الفضولي”، وكأن لا علاقة له بـ “المعركة” التي كان “بطلها” بلا منازع، وتحت أنظار من لا يمكنهم أن ينفوا “تعاملهم” معه بالعلالي، وأمام كاميرات “المدونين” الذين وثقوا بالصوت والصورة، تلك المشاهد المستفزة، التي، وإن كنا قد ألفناها، واعتدنا عليها، في “احتفاليات” مماثلة، فإننا لم نكن أبدا نرضى أن يحق على نساء ورجال التعليم، مثل ذلك العنف، لا من طرف من كلفوا، “رسميا”، بـ “تأطير” المظاهرة، ولا من تم الادعاء بأنهم “تطفلوا” على المظاهرة، وتدخلوا فيما لا يعنيهم !.
وزير العدل السابق، وحقوق الإنسان الحالي “استغرب” لما حدث، واعتبر أن ظهور شخص بلباس مدني وهو يمارس العنف ضد المواطنين في الشارع العمومي، أمرٌ “غير مفهوم” و “غير مشروع” و” لا مبرر له” لنستخلص، نحن المغفلين، من هذا القول الحكيم، أن “العمل” المشروع ، في مثل تلك الحالات، هو الذي يقوم به من يحمل خودة “فولاذية” على رأسه، و زرواطة تيليسكوبية قوية بيمينه، ودرعا “رومانيا” بشماله، ولباسا موحدا مع أعضاء فريقه، وبطبيعة الحال، “لوحة” بلون الذهب أو الفضة، على صدره، تحمل هويته الرقمية، حتى يتم التعرف عليه في حالة وجود “شكاية” ضده بممارسة عنف أو شطط، عملا بمبدأ “لا أحد فوق القانون” !
الوزير الذي تراجع مؤخرا عن قراره بالاستقالة، تنبأ بأن عمل ذلك الشخص “المدني” يستحق المساءلة وأن المساءلة لن تتأخر بإذن الله” !!!…..
وهو ما حصل فعلا، حيث صدرت الأوامر بتحديد هوية بطل “المصارعة الحرة” ضد رجال التعليم الأحرار، وتم اعتقاله بتهمة “انتحال صفة” واستعمال العنف ضد متظاهرين “عزل” بالشارع العمومي !.
إلا أن “عفاريت” وسائط التواصل الاجتماعي توصلوا، في لحظات، إلى معرفة هوية الرجل كاملة، بالاسم واللقب، وأنه “عون سلطة” بمقاطعة بمنطقة نفود الرباط، وحددوا مكان إقامته، قبل أن يتم الإعلان الرسمي عن اعتقاله ووضعه تحت الحراسة النظرية.
إلى هنا ينتهي الفصل الأول من الرواية، أما الفصل الثاني فيبدا مع خروج “تنسيقية مساعدي السلطة، أو “المقدمين” حسب الوصف المألوف ، ببيان بغية تبرير تصرف زميلهم بكونهم لم يخضعوا للتكوين والتدريب والنصح المبين ، في مجال فض التظاهرات الشعبية، ، وإنهم فقط، ينفذون أوامر رؤسائهم، وإلا تعرضوا للعزل والطرد.
واضح. ولكن، هل يبرر ذلك مواجهة مواطنين مسالمين، من خيرة أبناء هذا الوطن،بتلك الممارسات اللاأخلاقية على يد من لا صفة له سوى مساعدة السلطات السياسية عن طريق “البرككة” الإيجابية، و “الشمشمة” “الملائمة” عن بعد، دون التدخل في الشؤون التي ينظمها القانون” ويحدد صفات القيميين عليها !…..
أما الفصل الثالث، فأبطاله عائلة الولد أصلحه الله، التي أعلنت استغرابها من إلصاق تهمة “انتحال الصفة”، بمفخرة الأسرة، وأكدت أنه يعمل “عونا للسلطة” متدربا منذ خمسة عشر شهرا، وخاصة منذ انطلاق حالة الطوارئ الصحية، وأنه “غشيم” في هذا الميدان، ولم يقم بتكوين أو “تدريب” على طرق تفريق المتظاهرين، وأنه إنما خضع للأوامر، وكان ينتظر تسوية وضعه الإداري، ولربما أن يكون ذلك ما حمله على إظهار “شطارته” و”حنة يده ”…لعل وعسى أن ينجح في إثارة الانتباه إلى أنه يجمع بين مهاراته الفطرية وقوة عضلاته ، و”فتوته” وأن لا قدرة لأي دابة أن تدبّ أمامه…. إلا بإذنه !.
إننا، فقط، نريد أن نفهم، ولو من باب الفضول “السلبي”، حتى وإن لم يكن من خير يرجى من فهمنا للأمور…ولربما كان خبرنا في البعد غن فهم الأمور، عملا بالقول المأثور “ما في الهم إلا من يفهم”، وقانا الله وإياكم شر الفهم والهم معا !!!
عزيز كنوني