يبدو أن حزب العدالة والتنمية قد فقد البوصلة، ودخل في “متاهات” لغو “سياسي” عقيم قد لا يسعفه في الاحتفاظ بما كان معروفا به من رزانة واتزان وذكاء ، وهو الذي جعل من “الصواب” قاعدة “مقدسة” للتعامل مع النظام ومع المواطنين.
حقيقة إنه كان من الصعب على حزب أبرم حلفا “مقدسا” مع “النجاح” مند عقد من الزمان، أن يتحمل “الفشل”، وهو الذي صنع الحدث في انتخابات 2011 و 2016، ونجح في أن يركن ، جميع الأحزاب السياسية، التاريخية منها و “المحدثة” وأن يجد نفسه في “عزلة” سياسية بعد أن تخلت عنه أحزاب “التحالف” وأحزاب المعارضة على حد سواء في قضية يعتبرها مصيرية جند لها كل الطاقات التي يتوفر عليها، من هيئات منتخبة، ومنظمات موازية، وشبكات تواصل نشيطة، دون أن يحصل على إلغاء التعديلات التي صادق عليها مجلس النواب، المتعلقة بمسألة القاسم الانتخابي,
لا ينكر عاقل أن حزب العدالة والتنمية، له من المبررات ما يسعفه في الدفاع عن موقفه كما هو الشأن بالنسبة لمعارضيه الذين قدموا، مجتمعين” تبريرات ليست، حتما، غير قابلة للنقاش، إلا أن الحكمة، كل الحكمة، تكمن في النقاش، والحوار، والبحث عن مواطن اللقاء، بدل التصميم على مواقف الخلاف والتنافر والعداء. وعلى أي، فالمثل الفرنسي يقول: ليس كل من يعتقد أن الحق بجانبه، هو من يربح القضية، بل يربحها من يملك الذكاء والحكمة لشرح حقه والدفاع عنه !!! ….
وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام الوطنية، فإن “البيجيدي” يكون قد اختار “المواجهة” لفرض موقفه من قضيتين أجمعت عليهما الأحزاب الوطنية، وتقبلهما المواطنون بنوع من الحماس: يتعلق الأمر بتقنين زراعة الكيف للاستعمالات الطبية، ومسألة القاسم الانتخابي, ففي الحالة الأولى، انبرى بنكيران للتهديد بالاستقالة من الحزب إذا ما صادق وزراء ونواب حزبه على مشروع “التقنين.
ومعلوم أن الحكومة المغربية أعدت مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للكيف خاصة في مجال علاجات العديد من الأمراض التي لا زالت مستعصية على العلم مثل “الباركنسون” و”الزهايمر” والصرع، وبعض السرطانات
وبرأي العديد من الخبراء الأوروبيين، فإن المغرب يتوفر على مؤهلات هائلة في هذا المجال، من قبيل نظام بيئي ملائم (التربة والمناخ)، والقرب من السوق الأوروبية الصاعدة، فضلا عن الدراية الموروثة التي تمتع بها الفلاحون المغاربة.
أما الحالة الثانية، فإن موقف هذا الحزب، إذا صحت الصيغة التي ورد بها في قصاصات الأخبار، اعتبر ضربا من “التهريج” السياسي حيث إنه لا يستساغ أن يهدد رئيس فريق برلماني بنزول حزبه إلى الشارع ، ويتوعد الحكومة ، في حالة تمرير “القاسم الانتخابي” بأن الأمور لن تمر بسلام، كما كانت عليه الحال إبان احتجاجات 20 فبراير التي عمل خلالها الحزب على أن تمر بسلام، ” وفي الحالتين معا، يعتبر موقف العدالة والتنمية غير مقبول، لأن أسلوب التهديد يعقد المشاكل ولا يساعد على حلها، ولأن أسلوب التهديد يمكن أن تكون له “تبعات” المغرب في غنى عنها على الإطلاق.موقف بنكيران، إذا كان شخصيا، فإنه لا يهم، ولا يستحق أن يلتف إليه، ، ولكنه حين يتحول إلى “عرقلة” لعمل الحكومة بسبب اعتراض الأمانة العامة للحزب وبعض وزرائه على الاستمرار في دراسة المشروع، ومحاولة فرض نوع من “الوصاية” على الحكومة، فإنه يصبح مدعاة لتدخل حاسم من أجل فرض القانون الذي هو فوق الجميع.
أما القاسم الانتخابي فإنه من الراجح أن يأخذ به مجلس المستشارين أيضا، ويبقى دائما لحزب العدالة والتنمية الحق في أن يلتجئ إلى الجهات التي يعتقد أنها تستطيع الأخذ برأيه في الموضوع.
عزيز كنوني