بعد أن فرضت الحكومة المغربية نظام التعاقد سنة 2016، بحجة احتياج قطاع التعليم لعدد كبير من المدرسين، وبعد الإضرابات والاحتجاجات الكثيرة التي شنها الأساتذة المتعاقدون، تنديدا بالموضوع، عادوا يوم الثلاثاء لتنظيم وقفة احتجاجية، بل مسيرة حاشدة، انطلقت من ساحة الأمم بطنجة، تضامنا مع زملائهم الذين تعرضوا للتعنيف بالعاصمة الرباط، الأسبوع المنصرم، رفعت خلالها شعارات رافضة للاعتداء الذي تعرضوا له من قبل القوى الأمنية، في حين اجتاح هاشتاغ “#protect_teachers_in_morocco” “احموا الأساتذة في المغرب”، مواقع التواصل الاجتماعي، كرد على الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الأساتذة، والتي تتقاطع مع حقوق الإنسان.
وكانت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، قد دعت إلى خوض إضراب وطني، خلال أيام 22 و23 24 من مارس الجاري، “كاستمرار في المعركة البطولية التي تخوضها هذه التنسيقية قصد إسقاط مخطط التعاقد والإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، وسيرا على درب الشهيد عبد الله حجيلي وكل الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن المدرسة والوظيفة العموميتين في تشبث دائم بخيار المقاومة والصمود والتحدي المتواصل لكل أساليب القمع والتضييق”.
أماعن مطالب الأساتذة فتنحصر في أربعة محاور رئيسة، تتجلى في إسقاط وإلغاء التشغيل بالتعاقد مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في التعليم المدرسي العمومي، وإحداث المناصب المالية من الميزانية العامة في قوانين المالية السنوية لدى وزارة التربية الوطنية، فضلا عن إلحاق الأساتذة المفروض عليهم التعاقد بالصندوق المغربي للتقاعد بدلا من النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR، مع فتح الحركة الانتقالية الوطنية الجغرافية لعموم الأساتذة وفق المذكرة الإطار.
وفي هذا الصدد، وحسب عثمان الطويل، عضو لجنة الإعلام الجهوية للتنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد بجهة الشمال، فإن هذه الاحتجاجات قد جاءت دفاعا عن الوظيفة العمومية، وعن الحق في التوظيف العمومي، خاصة بعد الهجمة البربرية المتوحشة التي تم توقيعها على مختلف فئات الأساتذة.
وأضاف المتحدث نفسه، أنه وعوض أن تقوم الحكومة بالاستماع إلى مطالبهم، وحل ملفاتهم العالقة، ارتأت أن توظف المقاربة القمعية، معتبرا أنها الحل الوحيد الذي تتخذه الوزارة حاليا.
ومن جانبه، أوضح جواد الحمري، عضو التنسيقية الإقليمية للأساتذة بمديرية طنجة أصيلة، أن هذا النضال كان وسيظل مستمرا إلى أن تضع الجهات المسؤولة حلولا حقيقية لملفهم، وتستجيب لمطالبهم. كما حمل مسؤولية الأوضاع المزرية التي يعيشها قطاع التعليم وهدر الزمن المدرسي الذي يضيع فيه التلاميذ، للمسؤولين الذين لم يلتفتوا لهذا الملف الذي وصل صيته وتداوله العالم أجمع، نافيا وجود مبدأ تكافؤ الفرص في هذا القطاع، لا من حيث التلاميذ ولا الأساتذة، إذ كيف يمكن لهذا التكافؤ أن يتحقق بوجود أستاذ مرسم وآخر فرض عليه التعاقد؟ أستاذ يتمتع باستقرار مهني وأستاذ آخر بدون حقوق.
وآخرا، هذا الاختلاف الذي يعمل الأساتذة جاهدين، منذ سنوات، على تغييره هو اختلاف ترفضه القوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقع عليها المغرب. وعليه فإن الوزارة أصبحت اليوم مجبرة على إعادة النظر في هذا النمط من التوظيف الذي أربك المدرسة العمومية، وزعزع استقرار منظومة التعليم.
رميساء بن راشد