لم تهدأ بعد بعض الجهات الوازنة وصحافتها في الجزائر لمجرد أنها تسمع بنجاحات للمغرب حتى تفقد صوابها خطأ، فكل الإنجازات المغربية عوض أن تخلق لديها روح المنافسة الشريفة والتقليد، أو البحث عن سبل التعاون والتضامن، فإنها مافتئت تفقد توازناتها وتنتهج ردود أفعال تفقدها توازناتها، لتكون لها ممارسات عدوانية بعيدة عن كل نضج وحكمة وتعقل، ناسية أن الأمر يتعلق بجارة يجمعها وإياها وحدة الدين، اللغة، الثقافة والتاريخ، وهناك حتى علاقات عائلية فيما بين شعبي البلدين، وغير ذلك من الأمور التي لا تتوفر عموما لدولتين جارتين…
وعوض أن تكون هناك دبلوماسية ذكية تحاول كسب البلد الجار تضمن معه أفاق التعاون والتضامن بكيفية أفضل من أن أي بلد آخر، وأن تعمل معه على إحداث قوة اقتصادية في المنطقة وخلق سوق إفريقية – عربية، وحتى أوروبية، فهي فضلت اللجوء من بين ما لجأت إليه إلى تمويل عدد من المنتخبين لدفعهم للبحث عن تدخل لدى الأمريكين للتأثير على الرئيس لإعادة النظر في اعتراف بلده بمغربية الصحراء، ظنا منهم أن هذا الإعتراف صنيع لحظة، أو أنه لم يخضع لدراسات وأبحاث ومناقشات أمريكية طويلة، دفعت بالدولة الأمريكية لاتخاذ مثل هذا القرار…، ظنا منهم أن للموضوع علاقة بموضوع تجديد فتح مكتب التواصل المغربي – الإسرائيلي الذي هو حق دستوري وديمقراطي للمواطنين اليهود المغاربة في كل من المغرب وإسرائيل، من الذين سيحتاجون مستقبلا إلى سفارة تدير مصالحهم الإجتماعية، السياحية والإقتصادية…
هذا علما أن البلد الجار له نسبته من اليهود الجزائريين الذين يعيشون بين الجزائر وإسرائيل ولهم كل الحقوق في التواصل بين البلدين، الأمر الذي من المفروض أن يجد حلوله عوض الإستغراب والتدخل في الشؤون المغربية في هذا الموضوع أيضا…
هذا ولم تفوت هذه الجهات الوازنة وصحافتها فرصة اتهام المغرب بالضرب بعرض الحائط لكل إمكانيات السلم وحسن الجوار بين البلدين الجارين، وتحريض الشعبين، مطبقة في ذلك المثل المغربي القائل: “ضربونا وبكاو، وسبقونا وشكاو”، هذا في حين تتضاعف الأفعال العدوانية والتحريضية للجزائر في جميع الإتجاهات محاولة تطويق كل العلاقات المغربية وحصارها حتى في أنشطتها الديبلوماسية والثقافية…، وهذا أيضا في ظرف بدأت وثائق مكتوبة ومصورة تخرج من الجزائر نفسها تشهد ضد العدوانية التي مارسها وكرسها الرئيس الجزائري السابق الهواري بومدين مفتعل مشكلة الصحراء وصانع البوليساريو، الذي ترك وصيته للعسكر الذين جزاهم بتوشيح صدورهم بدرجة الجنيرالات، الذين ما فتؤوا يحرضون ويحاربون المغرب، ويمولون البوليساريو لانتزاع الصحراء من مغربيتها منذ موت الهواري إلى يومنا هذا، في حين تعرف الجزائر حراكا شعبيا يطالب الدولة بتحسين وضعية الشعب الجزائري قاطبة…
د. رشيد أمحجور