قال النجم الإيطالي السابق باولو مالديني، إن كرة القدم الحديثة مملة، لأن جل الفرق تعتمد على احتكار الكرة الذي يقتل الفرجة. وأوضح مالديني في حوار مع صحيفة «فرانس فوتبول» الفرنسي (نشرت ترجمته يومية “الصباح” بقلم الزميل العقيد درغام)، أنه يحبذ كرة القدم المفتوحة، والتي تعتمد على المغامرة واللعب الهجومي. وأضاف مالديني صاحب عدة ألقاب، كأس القارات (2) وكأس العالم للأندية (1) وكأس السوبر الأوربي (4) وعصبة أبطال أوربا (5) وبطل إيطاليا (7) وبطل كأس إيطاليا (1) والسوبر الإيطالي (5)، أن طريقة لعب الفرق اليوم تغيرت كثيرا. في ما يلي نص الحوار:
البرازيليون والإيطاليون سيطروا على الدفاع الأيسر، في أفضل تشكيلة في التاريخ، هل لأنهم الأحسن في العالم ؟
نعم، ويجب الإشارة إلى أن البرازيليين كانوا الأفضل منذ 1950. بخصوص الإيطاليين، كان جياتشينو فاكيلي ظهيرا رائعا، وكان يصعد كثيرا لمساندة الهجوم. بالمقابل، يصعب إيجاد ظهير أيمن إيطالي بهذه المواصفات، ولعبنا كثيرا بلاعبين وسط ميدان دفاعيين مكلفين بمراقبة لاعبي المنافسين. إن نيل ليدولم وسيبينو نيلا وفرانسيسكو روكا بروما وماورو تاسوتي بميلان، هم من ابتكروا «بروفايل» جديد لظهير أيمن جيد. لا يمكن القول إن الإيطاليين متخصصون في الظهير الأيمن، عكس الظهير الأيسر.
التقيت بمثل هؤلاء اللاعبين كثيرا في الملاعب، بماذا يذكرك ذلك ؟
أنطونيو كابريني كان من اللاعبين الملهمين لي. لعبت أيضا مع أندرياس بريم، الذي كان يملك القدرة على الدخول لوسط الميدان دون مشاكل مثلي. كان هناك جونيور الذي لعب في مراكز عديدة، لدرجة أنني التقيت به يوما في ملعب لكرة القدم الشاطئية في ميامي. هناك أيضا قصة روبيرتو كارلوس بإنتر ميلان، إذ تم إبعاده بمبرر أنه لا يجيد الدفاع، وكان حكما خاطئا. كان لاعبا رائعا، ويصعب المرور عليه. هناك أيضا لاعبون هولنديون رائعون مثل رودي كرول الذي كان يلعب في مراكز متعددة.
عندما بدأت مسيرتك في إيطاليا، كان الظهير متحركا في اليسار، وثابتا في اليمين…
نعم، وكان ذلك جليا في كأس العالم 1990، عندما كنت في الجانب الأيسر، ومعي فيري وبيرغومي في وسط الميدان، وفرانكو باريسي في دور «ليبيرو». من يلعب ظهيرا أيمن كان في الحقيقة رقم 8. تغير ذلك قليلا في ميلان رفقة أريغو ساكي، إذ كان يصر على اللعب بثلاثة مدافعين في الخلف. هناك اختلاف كبير بين الأزمنة، ولم نعد نتحدث عن الحقب، وإنما عن السنوات. من وجهة نظري، كنت دائما أفضل أن يكون الظهير مهاجما.
من هو اللاعب الذي كان قدوة لك في ذلك الوقت؟
مونديال 1978 أول مسابقة شاهدتها على التلفاز، وأحببت قصة كابريني. كان استثنائيا ويملك نظرة رائعة. في ميلان كنت أتابع تاسوتي، إذ لم يملك الجسم المثالي لكن تقنياته كانت رائعة. كان يلعب بطريقة مثالية، وأثار انتباهي. أثق في أن التقنيات تكون إضافة جيدة إلى جانب القوة.
هل كنت تتابع منافسيك في الفرق الأخرى ؟
كنت أتابع هانس بيتر بريغل في هيلاس فيرونا وسامبدوريا، ولي بارميسان ألبيرتو والذي لعبت بجانبه في المنتخب. هناك أيضا روبيرتو كارلوس الذي دخل التاريخ بأهدافه الرائعة.
رغم أنك لعبت في نظام هجومي، هل كان الدفاع أولويتك؟
كان ساكي يحذرنا دائما من اللعب العرضي، لكن تغيرت فكرتنا للعبة عندما كان يأمرنا بالضغط على المنافسين في كل مركز، باستثناء المدافعين. لا يحب اللاعبين الذين يذهبون إلى حامل الكرة، وإنما الذين يضغطون على المنافس في وقت توصله بالكرة.
هل كانت علاقتك وطيدة بمدافعي الأطراف ؟
مع ساكي كل المدافعين كانوا مرتبطين مع بعضهم. عندما تتحرك الكرة يجب أن أعلم في أي مكان يجب أن أتمركز وسريعا. يتطلب ذلك تركيزا كبيرا مني، وسرعة في التحرك. كانت إحدى نقاط قوتي. كان علي التحكم في كل شيء.
هل كنت تقدم تمريرات حاسمة كثيرة ؟
ليس كثيرا، لأن دور الظهير في السنوات السابقة لم يكن شبيها باليوم. تنتدب الفرق اليوم الظهير الأكثر هجوما، عكس السابق، إذ قضيت 75% من مسيرتي في منتصف ملعب فريقي. لم نكن نعتمد على احتكار الكرة، حتى مع كارلو أنشيلوتي. كنا نلعب بشكل مباشر، وكان الأمر أصعب، لأنك معرض للأخطاء كثيرا. كان علينا الركض ل 80 مترا دون توقف، في حين أن ذلك ليس ضروريا عندما تحتكر الكرة.
مع ألبيرتو زاكيروني في ميلان (1998/2001) اكتشفت الدفاع بثلاثة لاعبين، هل أعجبك ذلك ؟
هي طريقة تفتح لك مساحات أكبر، وتجعلك تتحكم في الكرة في الدفاع. بهذه الطريقة لا يمكن للمهاجم تعقب الكرة لأنها تتحرك بسرعة في الدفاع، وتتيح للاعبي وسط الميدان التمركز بشكل أفضل. في البداية كان الأمر صعبا، لكن مع مرور الوقت تمكنت من التأقلم وقدمت تمريرات حاسمة كثيرة. بالمقابل، يصعب على المدافعين الثلاثة، السيطرة على الدفاع بأكمله لوحدهم.
لماذا توقفت عن اللعب في الأطراف في منتصف مسيرتك؟
في مونديال 1994 ونهائي عصبة الأبطال في السنة نفسها، كان علي اللعب في وسط الدفاع، بسبب غياب باريزي. بعد ثلاث سنوات مع زاكيروني، لعبت في المركزين، قبل أن أعود لظهير أيسر مع أنشيلوتي، في نهائي عصبة الأبطال في 2005 أمام ليفربول. الأمر كان يتعلق بالمباراة وقيمتها، لكن المدرب كان يعلم أنني أفضل اللعب في الجانب الأيسر.
هل تعتقد أنك طورت هذا المركز مقارنة باللاعبين السابقين؟
حاولت أن أستعمل تقنياتي حتى في اللحظات الصعبة، كما كان يفعل أبي. نسمي هذه الطريقة «المالدينية». أفضل دائما التحكم في الكرة، حتى لو كنت في وضعية صعبة، ولا أحبذ رمي الكرة للتماس.
مع غوارديولا في السنوات الأخيرة، اكتشفنا طريقة «الظهير المتحرك» …
لأنه بات من الصعب إيجاد مساحات في وسط الميدان، بحكم أن الجميع بات قويا تقنيا وتكتيكيا. عندما تتحرك الكرة بسرعة في الأطراف، هنا يمكن للمدرب أن يهاجم مع توفر المساحات، وقدرة الظهير في منح تمريرات حاسمة. عندما تتحرك الكرة، يكون مارسيلو أو روبيرتو كارلوس مثلا في الأطراف الهجومية، أي رقم 11. منحنا مسؤوليات كبيرة للظهير الأيسر والأيمن في الكرة الحديثة.
هل كنت تحب اللعب في الظهير الأيسر في الكرة الحديثة؟
كرة القدم الحالية مملة، خاصة إذا كنت تتابع الفرق التي تحتكر الكرة كثيرا. ساكي منحني رغبة كبيرة في الهجوم. لا أفهم لماذا يجب على الظهير الأيسر العودة للوراء، إذا كان يتوفر على مساحات أمامه ؟ أعلم أن البعض يخاف من ضياع الكرة، لكن العودة 80 مترا للوراء أسهل ما يمكن فعله أثناء المباراة. أفضل المغامرة، وكان الأمر أيضا خلال تدخلاتي الدفاعية للتحكم في المهاجم وتغيير وجهة اللعب. أحب اللعب بقوة وعنفوان، والمتعة تكون مضمونة.
اليوم أنت مدير تقني بميلان، هل تعتمد على تجربتك لانتداب لاعبين جيدين في الأطراف؟
يشهد هذا المركز متغيرات كثيرة. ألفونسو ديفيس مختلف عن مارسيلو المختلف أيضا عن ثيو هيرنانديز، والمختلف بدوره عن أخيه لوكاس. كل يلعب حسب طريقة لعب فريقه. يجب على لاعبي هذا المركز اليوم أن يكونوا أكثر تحركا، وألا يعتمد ذلك على إمكانياتهم. في عهد ساكي كنا نتبع التعليمات بغض النظر عما يمكننا فعله.