تجدد الحديث عن “الكيف” في هذه الأيام التي تمهد لانتخابات تشريعية جديدة، وهي فرصة ثمينة بالنسبة لبعض أحزاب “المناسبات” لاصطياد أصوات أتعبها الفقر والقهر، لتركب على فقرها وبؤسها من أجل الظفر بأصواتها “الثمينة“، بعد أن “عاقت” جماهير المصوتين، في المدن والقرى بـ “تناعويراتها” الانتخابية !
ولأن نبتة الكيف العجيبة، أقنعت العالم، بأنها ليست على درجة “الخطورة” التي يتصورون، بل إنها نبتة ٌ “نافعة“، يمكنها أن تخدم الإنسان والإنسانية، ليس فقط، بفضل “المتعة” التي تمده بها، بعد “شقف” أو “شقفين“، بل وأيضا بفرص العلاج التي توفرها له، بشهادة العارفين !…فإن الكيف وجد في النهاية طريقه إلى التعايش السلمي والآمن مع البشر، سواء الباحثين منهم عن “التنغيمة” الفاتنة، أو الراغبين في دواء “سحري” لأمراض متمنعة مستعصية ، و…”شاي الله آسيدي امحمد جمعون“، ضامن تمروث “الشريف مول الكيف” !…
ذلك أن العالم، الذي كان يزدري هذه “النبتة” ويعتبرها “خطرا” على الإنسانية، انتبه، أخيرا، إلى أنه كان مخطئا في حكمه هذا على “الكيف” وقرر أن يكفر عن خطيئته بأن تحصل، مؤخرا، على قرار للجنة المخدرات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، يرفع درجة “الخطورة” عن الكيف وفق توصية لمنظمة الصحة العالمية ويسحب هذه النبتة من لائحة المخدرات الأكثر خطورة التي كان يجاور فيها مخدرات أخرى كالهيروين والكوكايين وغيرهما.
ومن حسن الطالع، أن هدى الله ممثل المغرب في هذه اللجنة، إلى التصويت بـ “نعم“، لصالح إدراج نبتة الكيف ضمن لائحة النباتات الصالحة للاستخدام العلاجي والصناعي على نطاق واسع، وبالتالي رفع الحظر عنها !
العارفون” اعتبروا أن تصويت المغرب الإيجابي لفائدة “تحرير” الكيف من سجل المخدرات “الأكثر خطورة“، إلى نبتة “نافعة” إنما هو اعترافٌ بـ “إيجابيات” هذه العشبة العجيبة، التي حاربها ومزارعيها لعقود طويلة، وحول حياة سكان مناطق الكيف إلى جحيم لا يطاق، من مضايقات، ومتابعات، واعتقالات ، حتى أن أهل هذه الزراعة في بلاد الكيف كانوا يعتبرون أنفسهم في “سراح مؤقت” على الدوام !
ولربما تنجح عملية “التقنين” التي طالب بها منذ عشرات السنين، العديد من السياسيين والمنتخبين والخبراء الدوليين، . في إعطاء “وجه جديد” لهذه النبتة، وفي قطع الطريق عن العصابات الإجرامية، المحلية والعالمية، التي تتاجر بحياة فوق الألاف من مواطنينا الذين اعتادوا على زراعة الكيف كثقافة ومصدر رزق بطعم الحنظل، بالرغم من أنه لا يصلهم منه إلا الفتات. وقد أصبح
مؤكدا، علميا، أن نبتة الكيف، صالحة للاستغلال في مجالات مختلفة من العلاجات الطبية، والصناعية، الأمر الذي يفتح أمام مزارعيها آفاقا جديدة للعمل النظامي ولكسب قوتهم بالعلن وبقوة القانون، ما قد يحدث “ثورة” اقتصادية واجتماعية وبيئية كبرى في بلاد الكيف…. ويعفي مسؤولينا الحكماء من البحث عن زراعات بديلة، هم واثقون من أنهم لن يعثروا عليها أبدا، لأن بلاد الكيف “لا تعطي إلا الكيف” والكيف “المعتق” والأحسن جودة من كل “ماريخوانات” العالم !،…
لقد انتهى الأمر بخبراء منظمة الصحة العالمية إلى اعتبار أنه لا يمكن “اختزال” نبتة الكيف في “تأثيرها المخدر“، حيث إن الكيف يتوفر على فوائد صحية وعلاجية وصناعية مؤكدة، ،وكمادة غذائية أساسية، لتوفره على عدد من الفيتامينات المضادة للأكسدة، كما استخدم الكيف في علاج عدد من الأمراض المستعصية، كالملاريا والروماتيزم، وتمت تجربته في علاج مرض الصرع أيضا، ولا تزال الأبحاث جارية حول الاستعمالات العلاجية للكيف التي يعتبر الخبراء أن بها ما يدهش ويعجز !…
الآن وقد اتخذ المغرب “الرسمي” موقفا إيجابيا لصالح رفع الخطورة عن شجيرة الكيف، فإنه يكون قد نزع البساط من تحت أرجل بعض قيادات الأحزاب السياسية ، فلا مزايدة بعد اليوم على قضية الكيف ومزارعيه الذين “أفرج” العلمُ عنهم وحررهم، وفرج كربهم ورد الاعتبار لهم كمزارعين في مجال “الأعشاب الطبية” التي قد يصبح المغرب، وبدون منازع، رائدا لها بالعالم، ويكون الفضل في ذلك كله لمنظمة الصحة العالمية وللذين يبحثون في أسرار “الحياة والأرض“، بدل إضاعة الوقت في البحث عن المزارعين “الكلانديستان“، وتركيب المحاضر، وترتيب الجزاءات، وترهيب الواقفين على باب الله !.
عزيز كنوني