رأينا في الحلقة الماضية، واقع العلاقة الزوجية،وتحديات استقرار الأسرة المغربية، وسجلنا بمرارة ارتفاع نسب الطلاق، ووقفنا عند مقارنة بين الماضي والحاضر…بالفعل اليوم هناك غياب أدوار لشخصيات ساهمت رياديا في الحفاظ على تماسك الأسرة . بينما ، وفي ظل الإنشغال بأولويات جديدة ، تعددت المهام، وغابت الشخصيات،وغابت معها الرؤية، والهدف من تأسيس الأسرة، لذلك بقي الكرسي شاغرا، فهل نبحث عمن يملأه أم نتركه فارغا؟؟؟
الإيمان بالأسرة كمؤسسة نووية، تتماسك بنيانها لتبني المجتمعات التي تحمي استقرارها باستقرار هذه الأسر. كان من الضروري وضع استراتيجية واضحة المعالم وفق برنامج عمل يعهد به للمهتمين والمختصين، والعاملين الميدانيين، من أجل تكوين وتأهيل أفراد هذه الأسر،ضمانا لنجاحها،واستمرار نبض صحي للمجتمع.
مؤسف أن يبدأ الشقاق بين الزوجين في السنة الأولى من الزواج، بسبب غياب ثقافة أسرية، سواء لدى الزوج أو الزوجة! ما يعرف من الزواج الجوانب المادية، المبتدئة بنوع الإنجذاب وسببه، ثم توفير بيت الزوجية وتأثيثه وفق معايير فيسبوكية،وإنستاغرامية…ومقاربات عائلية…فيتم اللجوء للقروض، والتسابق لتقديم أحسن العروض!
المفاجأة، لا الزوجة،ولا الزوج لهم دراية بتدبير شأن هذا المركب! بأية لغة؟ بأية وسيلة؟ ما الذي يحكم هذه العلاقة؟؟؟ لا شرعا ولا قانونا!!!
“لماذا تزوجت إذن؟”
“أعجبني وأحببته،ولم يرفض لي أي طلب…”
“وأنت لماذا تزوجتها؟”
“كانت جميلة وأحببتها كثيرا،ولم تعترض يوما عن أي طلب أطلبه منها…”
“اليوم،وبعد الزواج،أصبح بخيلا، يعنفني نفسيا، يمنعني من كل شيء…”
“اليوم، وبعد الزواج، أصبحت لا تطاق، سليطة اللسان، لا تقوم بواجباتها الزوجية، حياتها كلها طلبات، وأعيش ظروفا جد صعبة فقد ورطتني في قروض، أعجز عن تأديتها، وتجعلني غير قادر على النفقة على بيتي…”
نزاعات أسرية، مشاكل يومية…لا تنتهي! لماذا ؟ لأن الكرسي بقي فارغا !
إلى ماذا يحتاج المتزوجون قبل الدخول لهذه المؤسسة الكبيرة؟ يحتاجون إلى تكوين ،وتأهيل،ونقل تجارب ناجحة، وإيجابية، في المجال القانوني بدء بمدونة الأسرة، وكل مايتعلق بالحقوق والواجبات،يحتاجون إلى دورات في مجال التدبير المالي للأسرة، التربية الوالدية، وثقافة التعامل مع الأبناء ،كما يحتاجون إلى مهارات التواصل، وبناء العلاقات الناجحة…يحتاجون لفهم الغاية من الزواج،واحترام قواعد البناء التشاركي الموقعين عليه معا….
الكرسي الفارغ،يحتاجك أيتها الأم،أيها الأب، أيتها الجدة وأيها الجد أيتها الخالة والعمة….يحتاجك أيها الأستاذ، وأيها المربي..يحتاجك أيتها المرشدة والواعظة والواعظ…
وهل يكفي ملء الكرسي بالتطوع؟ أم نحتاج لمبادرات نوعية لهذا الكرسي؟؟؟
في الحلقة المقبلة بحول الله، نجيب على السؤال.
ذة: وفاء بن عبد القادر