مكانة البحث العلمي في البلاد المتخلفة
من “الاستثناءات” المميزة للبلدان المتخلفة، أن يعامل البحث العلمي فيها كمجال “ثانوي” لا يعطى الإمكانات الضرورية لنجاحه، كما لا يتمتع العاملون فيه بالرواتب اليي يستحقونها والتي تحفزهم على بدل الجهود من أجل تحقيق الغايات المنشودة من وجوده.
وكم فاجأني خبر اطلعت عليه هذا الأسبوع، يقول إن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث “يتسول” “رعاية” من جهة تقبل مده بما يمكنه من نشر نتائج بحوث واكتشافات أمام “محدودية الدعم العمومي” الذي يتلقاه.
هذا بينما المعهد ملآ المغاربة فخرا باكتشافات أثرية مصنفة غاية في الأهمية على النطاق العالمي، كاكتشاف آثار أقدم إنسان عاقل بجبل “إيرود“، والاسهام في اكتشاف تقنية حفر يعود تاريخها إلى مليون سنة هي الأقدم بإفريقيا، بالدار البيضاء، والإسهام في اكتشاف أقدم نقوش جدارية بشمال إفريقيا، بإقليم بركان.
وتقول مصادر إعلامية، إن الدعم العمومي للمعهد لا يتعدى 100 ألف درهم، بينما نشرُ كتاب واحد تفوق مصاريفه 800 ألف درهم ليكون في مستوى يشرف المغرب والقيمة العلمية العالمية للنتائج المطلوب نشرها.
وأمام النقص الحاصل في “الإمدادات” المالية العمومية ، فإن المعهد يفكر في طريقة جمع “طاميم” ليتمكن من “رقمنة” خزانته التي تحتوي على ما يزيد عن 70 ألف عنوان.
ومن بين إصدارات المعهد القارة النشرة الأثرية المغربية، والمدن والمواقع الأركيولوجية بالمغرب، ودراسات وأبحاث أثرية مغربية.
هذا بينما تستجيب البلدان المتخلفة، والمغرب ليس استثناء، للشروط المالية الخيالية، التي يفرضها عليها مدربو المنتخبات الوطنية لكرة القدم، والتي تتراوح ، بالنسبة للمغرب، ما بين 120 مليون درهم صافية(هيلفي رونار) و 110 ملايين درهم تقلصت إلى 80 مليون درهم صافية (وحيد هالودزيك)….عند نهاية كل شهر!
ولو أن الأمر يتعلق بحالة خاصة، إلا أن المهم في الموضوع هو سلسلة القيم المعتمدة في تقييم العمل بين ما هو ثقالي، علمي، تربوي وإنساني، وبين نشاطات “فرجوية” محدودة الفائدة، ينتهي مفعولها بمغادرة الملاعب.
شبيبة الأحزاب واللهث وراء كرسي مريح بالبرلمان
لازالت شبيبات الأحزاب تحاول تمرير اللائحة التي جعلت منهم برلمانيين دون المرور بصراط الانتخابات بنفس الطرق التي يسلكها المترشحون “للنيابة العظمى“…
وأمام فتور أحزابهم في الترافع الصريح والمباشر لصالحهم، فقد اختاروا “العمل المباشر” بأن توجهوا إلى الحبيب المالكي المنتهية صلاحيته بانتهاء الولاية الحالية للبرلمان، ليقنعوه بأهمية إشراك الشباب في “الصنعة البرلمانية” وفقا لما ترمي إليه الغاية من “اللائحة الوطنية للشباب” التي اعتبروها، هم، مكسبا للديمقراطية المغربية.
ولم يقتصر وفد شباب الأحزاب عن “الإشادة” بدورهم “في بناء الصرح الديمقراطي بالمغرب“، الذي لم يقو على بنائه حتى البرلمانيين الذين سلكوا طريق الصناديق، بل إنهم طالبوا “بتمكين الشباب من مزيد من التمثيلية في مختلف الأجهزة التقريرية والهيئات المنتخبة !
نحن مع الشباب في وجوده داخل “اللعبة” الديمقراطية و “التمثيلية” البرلمانية، ولكن عن طريق النضال السياسي وليس عن طريق “الريع” السياسي، حتى لا يتساووا في الريع مع “شيوخهم” تحت “القبة” أو بالمراكز الحزبية.
ولأن الريع “ريعان“: ريع القفز على “الحواجز” لـ“السقوط” مباشرة على كرسي بالبرلمان, وريع استغلال لائحة الشباب من طرف بعض “شيوخ” الأحزاب لإقحام أبنائهم وأقربائهم في اللائحة التي صارت عنوانا للفساد الانتخابي وسببا في المزيد من التنافر بين المواطنين والبرلمانيين، فإنه أصبح من الضروري أن يمرّ الشباب بالقنوات المعروفة، للوصول إلى قبة البرلمان، بدل الاكتفاء بالحل السهل من أجل الظفر بالمقعد و “الظرف المنتفخ” و “البريستيج” وأمور أخرى !….
الأحزاب مسؤولة عن إعداد أجيال الشباب للعمل السياسي ، وليس للاختباء وراء “شعارات” فارغة، بينما هم يقمعون شبيباتهم ويدفعون بها للخلف، خوفا من منافسة قوية تعاكس طموحاتهم إلى المزيد من “الأغراض” و “المناصب” و “المكاسب” ، الانتخابوية المعروفة !.
مواجهات البيجيدي مع الداخلية تصل إلى جماعة العبدلاوي
علاقات البيجيدي بوزارة الداخلية ساءت منذ انطلاق مفاوضات “الكيلوميتر الأخير” الانتخابية، لأن حزب العثماني له “تصوره الخاص“، لما يمكن أن تكون عليه القوانين الانتخابية والذي يصرّ على أن يفرضها على حلفائه “الافتراضيين” وعلى ملايين المنتخبين.
ولم تكن رسالة “التوبيخ” الحاد التي وجهها والي الرباط لعمدة العاصمة بشأن “الباركينات” الباطنية، لتزرع بعض الدفء في علاقات البيجيدي بالداخلية التي “اتهمها” في البيان الختامي لمجلسه الوطني الأخي بــ “عرقلة التدبير المحلي” وأنها محكومة بـ “ثقافة متجاوزة” وأن الحزب “قلقٌ” من مقترحات ترمي إلى التراجع عن عدد من المكاسب الديمقراطية المرتبطة بالقوانين الانتخابية التي يريدها البيجيدي “على هواه” بينما تسعى الداخلية إلى توافق سياسي شامل يخدم الديمقراطية والعدالة الانتخابية !.
محليا، ذهبت المواجهات بعيدا بين مجلس العبدلاوي والسلطات المحلية التي اتهمها بممارسة “ثقافة التمييك” بخصوص ظهور“مطارح أزبال” عشوائية في مقاطعات حضرية كبرى بعد أن تم إغلاق مطرح مغوغة “الكبير” الذي نغص على عشرات الآلاف من المواطنين حياتهم فوق الأربعين سنة من لا مبالاة المنتخبين (بفتح الخاء من فضلكم)
“فرق المواجهة” في الحزب، خرجت باتهامات مباشرة للسلطات المحلية بطنجة، تحملها مسؤولية عدم زجر المخالفين لقانون “الأزبال“، وتقاعسها عن مراقبة ومعاقبة المخالفين من أصحاب السلوكات “الغير مقبولة” وإهمالها للشكايات التي وجهت إليها في هذا الشأن بخصوص المطارح العشوائية التي “نبتت” بجهات مختلفة من المدينة. هذا بينما “الجماعة “تدعي أنها قامت بواجبها “على الوجه الأكمل” في مجال جمع و“طرح” و طمر الأزبال، في المطرح الجديد بجماعة سكدلة، حيث ارتفعت أصوات المواطنين تنديدا بما أسموه “تسربات مائية عفنة” من المطرح الجديد إلى باطن أرض جماعة المنزلة لتلوث الفرشة المائية والسواقي والآبار وتحدث كارثة بيئية وبشرية بهذه الجماعة.
خبير للاّ نزهة
يصارع البيجيدي الزمن، من أجل تعيين عدد من “المريدين” في مناصب ” إدارية “ثابتة” غير قابلة لـ “التزعزع” حتى في حالة “المغادرة القهرية” في اليوم “المشهود!
مصادر إعلامية تحدثت في أكثر من مناسبة، عن الترخيص لعدد من الوزراء بتعيين “مساعدين” ، بل ومديرين وخبراء، بــ “بروفيلات” صممت على مقاساتهم، ورواتب مغرية ولا عجب في ذلك. أو لم “يخطب“،الزعيم الأكبر، ذات يوم، ويسائل مريديه: نحن، “لماذا جئنا؟ ليرد بنفسه على تساؤله: نحن جئنا (للحكم) لنحسن أوضاعنا، وقد تم ذلك، ولا عيب في ذلك قال….!
جريدة “الأخبار” نشرت ، منذ ثلاثة أيام، خبرا صغيرا ولكنه كبيرٌ حين تتأمله، ليس لأنه يحمل جديدا، ولكنه جاء ليقنعنا، في النهاية، بأن “ولاد عبد الواحد، كع واحد” وأنه ليس بين القنافذ أملس……!
يقول الخبر اللطيف، إن المصونة نزهة الوافي، البيجيدية المذهب والمعتقد السياسيين، تلقت “هدية ثمينة” من دولة الرئيس العثماني ، أسابيع قبل انتهاء ولاية الحكومة الرشيدة، ترخص لها بتعيين “خبي“ر بتعويضات مغرية: أربعة ملايين سنتيم في الشهر، . وهو راتب لا بأس به، في زمن الجائحة اللعينة وأزمة السيولة بالخزينة العامة، التي لم تعد تتحرك إلا بالقروض الخارجية.
الخبير المحظوظ وقع عليه الاختيار بمنتهى النزاهة و“الشفافية” البيجيدية، حيث إن “بروفيله” نزل “كالحك على غطاه” بالنسبة للمعاير المنزلة من طرف “وزيرة مغاربة العالم“. وطلب من الخبير الكبير الإسراع بعرض خبرته على طالبيها بالوزارة ، قبل أن ينفخ سيدنا إسرافيل في الصور !
ولعل من الملفات المستعجلة التي قد تطلب الخبرة من الخبير، ملف مشاركة مغاربة الجاليات بالخارج، في الانتخابات المقبلة ترشحا وتصويتا، وعدم الاكتفاء بعدّ الملايير المحولة سنويا للمغرب من طرف أولئك المغاربة الذين يشهد الله أنهم يعيشون، في غالبيتهم، العيش الضنك، من أجل توفير الملايير التي يدعمون بها خزائن البلد، وفاء منهم لبلدهم الذي لم يف بما عليه لهم.كما أنه سيكون مطلوبا منه “الإفتاء” في أحقية توظيف الموظف بعد تقاعده. ذلك أن قانون الوظيفة العمومية لا يسمح بتوظيف المحال على التقاعد…إلا بسلطان. وهو “قرار تمديد” يوقع عليه دولة الرئيس. قرار يعتبره المتقاعدون قرارا ظالما، جائرا، مستفزا، غير عادل ولا صائب. فإما أن يعمم “المنع” على الجميع أو أن يعمم “الإطلاق” على الجميع، حتى وإن تعلل المشرع بـ “الحاجة إلى الخبرة والتجربة“. ذلك أن شباب مغرب اليوم، المثقف والمكون يستطيع أن يكتسب في ثلاثة شهور ما حصل عليه متقاعد أيام زمان، في ثلاثين سنة من العمل في القطاع العمومي.
صاحبة السعادة والمعالي قد تجد صعوبة داخل وزارتها وبين موظفيها من أجل “تمرير” التعاقد مع الخبير المتقاعد، حتى وإن تحصنت بدعم وزير الوزراء، وتفاءلت بعودة “الصقور” إلى أوكارها بعد نهاية “احتفالات” العرس الذي قد ينتهي في ظروف تعيسة بالنسبة للذين سوف تغدر بهم صناديق الاقتراع، يوم الاقتراع.
عزيز كنوني