وزعت جماعة طنجة بيانا مطولا حول اجتماع انعقد يوم الأربعاء 28 ينايرالماضي، في إطار برنامج “حكامة” الذي بلغ اليوم دورته السادسة عشرة.
هذا البرنامج، للتذكير، يندرج، بدوره في سلسلة اللقاءات ‘التواصلية” الشهرية التي دأبت الجماعة على تنظيمها ، لمناقشة قضايا تهم تدبير الشأن المحلي.
حلقة نهاية الشهر الماضي خصصت لموضوع “شيق” حيث إنه يعالج قضايا ذات حساسية خاصة، بالنسبة للمدينة وأهاليها، وسبق، أن تعرضت له منظمات أهلية في أكثر من مناسبة ولقاء، سواء على المستوى المحلي أو الوطني.
الأمر يتعلق ب “حماية وتثمين تراث المدينة الطبيعي والمعماري” ودور الجماعة في القيام بذلك. وهو ، بطبيعة الحال، دور هام وأساسي، نظرا لكون الجماعة هي الجهة الموكول إليها حماية التراث المادي واللامادي للمدينة التي تدبر شؤونها، وصيانته حتى يبقى رمزا لحاضر وماضي ومستقبل هذه المدينة.
وتعمّد بيان الجماعة الإشارة إلى أن وقائع هذا اللقاء تمت “ترجمتها” إلى لغة الإشارة، حتى لا يحرم أي مواطن بالمدينة، من الاطلاع على جهود الجماعة من أجل حماية وصيانة الموروث الثقافي والمعماري والحضاري للمدينة، خاصة وقد تكالب عليها أراهيطُ الجهل والحقد، من أنصار “الإصلاح” الفاسد، ودعاة المعرفة والنبوغ في مجالات “التجديد” والتطوير والتعمير، فأصابوا بضرر بالغ عددا من بناياتها التي تعتبر من رموزها التاريخية والحضارية، وحولوا بعض حدائقها إلى “اوطوروتات” ، كما حصل لحديقة محطة القطار التاريخية، تلك المحطة التي لولا وقفة قوية من الأهالي، لكانت معاول “المصلحين” قد دمرتها عن آخرها. وكما حصل لمآثر المدينة العتيقة التي تركت لتآكل الزمن، حتى ضاع منها رونقها المعماري الجميل، وكما حصل لشاطئها الجميل الذي قيل إنه تم إصلاحه والحال أنه تم إفساده حيث إنه فقد طابعه المميز ورونقه الجذاب، وكما حصل لغاباتها التي “زحفت” عليها “طراكسات” “نصّابي” العقار باسم الإنعاش، ليتحول “إنعاشهم” إلى عملية تدمير ممنهج، فقدت المدينة بسبب ذلك، ثلثي غطائها الغابوي في تحد سافر للطبيعة والبيئة والسكان.
ومن كلمة الافتتاح إلى توصيات الختام، انصبت تدخلات المشاركين، على “إبراز أهمية التراث ودوره في تكوين ذاكرة المجتمع والمحافظة على هويته“، وعلى “الأهداف والمساطر القانونية، لحماية التراث والمحافظة عليه، ومنها مساطر “التقييد والتسجيل والترتيب والإدراج” في قائمة التراث الوطني، انطلاقا من حرص الجماعة على “تنزيل” التزاماتها في هذا الإطار تنزيلا تاما، كما تدعي !
وتم أيضا خلال هذا اللقاء التطرق إلى “تكامل الأدوار بين الجماعة والمجتمع المدني (المنظمات الأهلية)، في حماية وتثمين تراث المدينة الطبيعي والمعماري، باعتبار أن مسؤولياتهما تتكامل فيما يخص تدبير الشأن المحلي والرفع من معدل الفرد بالنسبة للمناطق الخضراء على مستوى المدينة، ومقاومة التهديد الذي يتعرض له التراث الغابوي، و أيضا بالنسبة لقطاع معالجة النفايات التي تشكل هاجسا دائما بالنسبة للسكان، واستغلال الموارد المائية بسبب تأثير كل ذلك على التراث الطبيعي والمعماري للمدينة.
وطبيعيا لم يترك آخر المتدخلين هذه الفرصة تمردون الإشارة إلى أن حماية التراث المعماري وحماية البيئة قضايا توجد “في عمق” التدبير اليومي للجماعة بهدف الحفاظ على رونق وجمالية المدينة، خاصة المدينة العتيقة وكون التراث المادي أو اللامادي يعتبر ركيزة أساسية للمدينة وللبلد بصفة عامة. فهل تصدقون؟ والحالة كما ترون، صباح مساءـ إهمالا ولا مبالاة لولا تدخل الولاية !…..
بعد “الخطب” البلاغية التي لم تخرج ، هذه المرة أيضا، عن المألوف في مثل هذه المناسبات “الرسمية” جاء دور الاقتراحات والتوصيات، منها أن “تنظر” الجماعة في إمكانية خلق مصلحة للتنمية الثقافية والفنية ووضع برامج “سنوية” لذلك .
كما وجهت دعوة للجماعة بأن تعمل على حماية غابة “السانية” ضد “الاكتساح والترامي” “الآجوري– الإسمنتي ” والحفاظ على المناطق الرطبة (ضاية سيدي قاسم و تهدارت، نموذجا) والانفتاح على مختلف الفاعلين للمشاركة في النقاش العمومي المرتبط بتدبير مختلف الملفات.، وتنمية “صناعة الثقافة“ والخدمات الفنية والتراثية وتشجيع البحث في مجال التراث
وكان لابد أن تتم الإشارة إلى أن الجماعة “تبنت” هذه اللقاءات من أجل “إبراز” انخراطها في عملية “التواصل والتشارك والتشاور” مع فعاليات المجتمع المدني، تأكيدا منها بأهمية إشراك المجتمع المدني في “صناعة القرار المحلي وإعمال “الديمقراطية التشاركية والمواطنة” التي تعتبر من مقومات دستور البلاد ! جرد كلام إنشائي استخلص من قاموس “قولوا العام زين” !!….
ها وقد وصلنا إلى نهاية “بيان الجماعة” الموزع على دور الإعلام والذي صيغ بلغة “تمجيد الذات” المألوف في مثل هذه البيانات والبلاغات، فماذا، ترانا، نستخلصُ منه؟
لعل أول ما يتبادر إلى الذهن، أن الجماعة ركزت في تقريرها هذا على مجموعة من المداخلات التي تتخطى موضوع اللقاء إلى نوع من “الدردشة” حول ما يمكن القيامُ به مستقبلا، والحال أن الجماعة توجد على بعد أسابيع من “الرحيل ! …..
وقد كنا ننتظر أن نعثر في هذا التقرير عن منجزات حقيقية وتدابير عملية فيما يخص موضوع الندوة الذي يرتكز على “دور الجماعة في حماية وتثمين تراث المدينة الطبيعي والمعماري” … بعد خمس سنوات من “الانتداب” الانتخابي !
هذا التقرير يترك لدى القارء الانطباع التالي: إما أن الأمر كان يتعلق ب “دردشة” حبية، ذات طابع ‘مجاملتي” يتم خلالها تبادل “الأفكار” العامة حول تدبير الشأن المحلي للمدينة، وهو موضوع لا يمكن التسليم بأنه يدفع إلى الرضى أو التفاؤل. وإذا كان الأمر كذلك، فقد كان ينبغي أن يختاروا لهذا اللقاء عنوانا مغايرا, وألا يتم حصرُه في “دور الجماعة في حماية وتثمين تراث المدينة” لأننا لم نلمس للجماعة دورا قامت به على مدى السنوات الخمس الماضية، في هذا المضمار. أما أن يخصص لقاء “حكامة” الشهري للتعريف بدور الجماعة في حماية التراث، فإن هذا الأمر أصبح متجاوزا ما دامت الجماعة “راحلة” فبل نهاية الصيف القادم، وقد لا يلتزم “الخلف” بحرف واحد من حروف هذا التقرير.
(سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلًا) “صدق الله العظيم“
عزيز كنوني















