تزامنا مع الشكايات العديدة التي طالت شركة “أمانديس” المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء بجهة الشمال، بسبب غلاء فواتيرها، وبعد اجتماع والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، محمد امهيدية، معها والذي انصب حول تسهيل شؤون المواطنين خصوصا في ظل هذه الظرفية الصعبة التي تمر بها بالبلاد عامة والمواطنون خاصة جراء انتشار فيروس كورونا المستجد وتأثيره الاقتصادي على وضعيتهم ومعيشتهم. وبعد أن تنفس المواطنون الصعداء بسبب القرار الذي يقضي بتقسيم فواتيرهم إلى أقساط، فوجئ أغلبهم من قرار جديد يعرقل تأديتها.
وفي هذا الصدد كان المستشار محمد أقبيب قد أشار في الجلسة الأولى لدورة الجماعة للشهر الجاري إلى هذه العراقيل التي أصبحت مألوفة لدى الساكنة، إذ اعتبرها “شركة فوق القانون” خصوصا وأنها غالبا ما لاتتحمل مسؤوليتها في تسيير هذا القطاع ووسط غياب تام لأي محاسبة، إذ كيف يمكن لها أن تخرج عن اتفاقها مع ولاية الجهة في شخص واليها وأن تقوم بقطع الماء والكهرباء عن بعض الساكنة أو الأحياء عن طريق إزالة عداداتهم؟ وهو الأمر الذي أدانه المستشار الجماعي، حسن بلخيضر، حيث أكد على ضرورة إيجاد حل سريع لتأدية المواطنين لحصصهم بأقساط معينة وبطريقة تراعي وضعهم الحالي أكثر، خصوصا وأن عملية قطع الماء والكهرباء التي تعتمدها الشركة في أغلب الأحيان تكون في يوم الجمعة، ونتيجة لهذه القرارات العشوائية يضطر المواطن إلى البقاء دون هذين الموردين الأساسيين ليومي السبت والأحد حتى بداية الأسبوع.
وعلاقة بالموضوع، وفي تصريح لمستشار مقاطعة المدينة حسن البحري، خص به الجريدة، أنه استغرب كيفية تصرف شركة “أمانديس” مع المواطنين خصوصا فيما يتعلق بالترهيب في أداء الفواتير، ففي الوقت الذي يقصد فيه المواطن الشركة المعنية لأداء ما عليه من واجبات بناء على ما تم الاتفاق عليه من قبل، يتفاجأ باشتراطها شرطين أساسيين إما أن يؤدي المبلغ الذي في ذمته كاملا أو أن يصادق على التزام بتأديته لنصف المبلغ.
هذا وقد حمل المتحدث نفسه مسؤولية ما يحصل من خروقات لجل مسؤولي المدينة خاصة المنتخبين الذين لا يتواصلون بصفة نهائية مع المواطنين بل ولا يهتمون بمطالبهم ولا يقومون برعايتهم والعناية بهم، علما أنهم هم من انتخبوهم في الأصل، إلا أن معظم الأحزاب السياسية تعتبرهم مجرد “بقرة حلوب في يوم الربيع” ينتهي دورها فور الانتهاء من الانتخابات.
إكراهات ومعاناة جمة تلك التي تعيشها الساكنة اليوم نتيجة استفزازات الشركة اللامتناهية وعدم تحملها لمسؤوليتها، فضلا عن عدم قدرتها على تحسين أدائها، وما حصل يوم الاثنين الأسود خير دليل على فشلها الذريع، فغرق المدينة كان من مسؤوليتها في الدرجة الأولى، إذ كيف يعقل أن لا تحرص شركة تسير أهم قطاع بالمدينة على جودة بنيتها التحتية بل وأن تتعامل بفظاعة مع أحياء المدينة، رغم النشرة الإنذارية التي أطلقتها مديرية الأرصاد الجوية من قبل؟
ووسط ضعف وهشاشة البنية التحتية، وغياب شبه تام لقنوات الصرف الصحي وجد أغلب سكان طنجة الكبرى أنفسهم يتخبطون في خسائر مالية باهظة، جراء غرق المدينة وبيوتهم بسبب التساقطات المطرية الأخيرة.
الأمر إذا لم يعد يقتصر اليوم على عدم مراعاة “أمانديس” لأحوال الضعفاء الذين لا يجدون المال لتأدية فواتيرها الخيالية فقط، بل وعلى سكوت وتستر المسؤولين وعلى رأسهم الجماعة عن هذه “الكوارث” التي تتسبب فيها هذه المؤسسة في غياب تام لأية محاسبة ورقابة. فإلى متى سيبقى الحال على حاله؟ وإلى متى سيبقى صوت المواطن مبحوحا؟
رميساء بن راشد