تعتبر معظم الحركات النسائية المغربية أن إنجازات المرأة المغربية في المجال السياسي، يمكن اعتبارها هامة، على محدوديتها، إذ نجحت، وهو الأهم، في فرض نقاش سياسي ومجتمعي واسع، مكنها من حضور متميز في المشهد السياسي والحزبي وأيضا في المشهد الإعلامي,
هذا النقاش أصاب هدفين، أولهما الوقوف على الترتيب المتدني للمرأة المغربية على مشتور المجالس التشريعية، خاصة بالعالم العربي، أما الهدف الثاني فقد تمثل في تصور سياسي وحكومي للطريقة التي تمكن المرأة من الولوج إلى الحياة النيابية، وطنيا ومحليا وجهويا، عبر تعبئة واسعةن على مستوى الأحزاب السياسية و عبر تدابير قانونية تتخذ على مستوى الحكومة.
وإذا كانت الحكومة قد سنت قوانين مهدت لإدماج المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن الإشكال لا يزال قائما فيما يخص نظرة الأحزاب المغربية إلى مشاركة المرأة بل إن هناك اتجاها يكتفي برفع شعار المرأة، ويطمئن إلى سياسة “الكوطا” على ما يتصف به من “ريع سياسي“، تمت تغطيته بـ “التمييز الايجابي” لآن هذا الحل يريح قيادات الأحزاب من الخوض في “نضالات” تعتبرها ا غير “منتجة” بحجة أن جمهور الناخبين لا “يتحمس لها” !
ورغم وجود نصوص واضحة في الدستور، تخص المساواة والمناصفة بين الجنسين، إلا أن تمثيلية النساء بالبرلمان لا تزال بعيدة عن الهدف الذي يحدده الدستور.
حقيقة إن عدد “منتخبات الكوطا” ارتفع ما بين 1993 و 2021، بأن انتقل من نائبتين (1993) إلى 35 نائبة (2002)، ثم إلى 67 (2016) وأخيرا إلى 90 نائبة، بعد مراجعة قوانين الانتخابات تشريعيات 2021، بعد خلق لوائح جهوية إلى جانب اللائحة الوطنية إلا أن نسبة وجود المرأة بمجلس النواب لا تزال بعيدة عن المناصفة الموعودة، (90 نائبة من أصل 395 نائبا). أما بمجلس المستشارين فإن عدد النساء 13 من أصل 120. في إطار “منظومة الكوطا” التي وإن كانت تشكل إجراء مرحليا، فرضته “ظروف مجتمعية” مرفوضة أصلا، لأنها ترتكز على مخلفات فكرية عقيمة، يبدو أنها لا “تغيب” عن أسلوب تفكير بعض الأحزاب ” التقليدية“، إلا أن الحاجة أصبحت ملحة فيما يخص القيام بعملية “تقييم” إيجابي لنظام الكوطا المعتمد إلى اليوم، ومنذ تشريعيات 2002، خاصة وأن هذه المرحلة لم تمكن إلا بنسبة ضئيلة جدا، من بروز قيادات نسائية متميزة، بينما تبقى الكلمة العليا للذكورية المتحكمة في الأحزاب السياسية، بمباركة جهات رسمية وجانب من وسائل الإعلام “المسايرة“. ذلك أن “الثقافة الذكورية” لا تزال تتحكم في في القرارات السياسية ، كما تتحكم في الترشيحات للائحة الوطنية، واليوم، في اللوائح الجهوية، عبر ممارسات كثيرا ما تتسم بـ ” بالمحسوبية” وإعمال “العلاقات” الحزبية أو الأسرية، وهو موضوع يثار عند كل استحقاقات انتخابية، بينما كان المطلوب من الأحزاب السياسية أن تنبذ “اللوائح” المعدة على طريقة الريع ، وتعمل على احتضان النساء، وجوها فاعلة سياسيا وتدعم حضورهن في المشهد السياسي وتقدمهن، عناصر قوة بالنسبة للمجتمع من أجل إحداث تغيير حقيقي في المجتم
هذا الوضع، كما يبدو، يبرز واقعا لا يستجيب لطموحات الحركة النسائية إلى النهوض بحقوق المرأة في إقرار المساواة والمناصفة وتكريس ريادة المرأة في المجتمع،
هذا الوضع، يدل أيضا على أن معركة النساء المغربيات من أجل التمكن السياسي والنيابي لم تحقق أهدافها، وأنه ما يزال عليهن خوض المزيد من النضالات السياسية لإقناع الدولة والأحزاب السياسية بضرورة المرور إلى المرحلة القصوى بعيدا عم منطق “الكوطا” و “المفاهمات النوعية” لأولئك الذين لم يقدروا، بعدُ، أن يتخلصوا من عقدهم إزاء المرأة وأن يتخلوا عن “التراكمات” المجتمعية التي يعتبرونها “ثقافية” أو “تاريخية” أو حتى “تقليدية”
سمية أمغار