بعد كفاح طويل ومرير، نجحت المرأة القروية في الوقوف بقوة في وجه الظلم “الذكوري” المدعوم، لسنوات، من طرف السلطات المسؤولة، في انتزاع حقوها التاريخية في الاستفادة، أولا، من الأراضي السلالية، بل وأيضا، في الحصول على عضوية، بل ورئاسة بعض الجماعات السلالية، بالرغم من الوسط الذكورية المعادي، بل والعدواني..
لعل في هذا الأمر درسا من دروس نضال المرأة المغربية عبر العصور، من أجل استخلاص حقوقها والوقوف في وجه الظلم الذي كن يتعرضن له بسبب أفكار وتقاليد لا قانونية ولا معقولة، بل، فقط، لأنها ترضي غرور الرجال وتلبي رغبتهم في “امتلاك النساء والسطو على ممتلكاتهن، بمنطق: “العبد وما ملك لسيده”” !….
إن حصول النساء القرويات على حق التملك والإشراف على تدبير الأراضي السلالية، بدأ يحدث التغيير المطلوب في بعض العقليات المتحجرة، التي كانت تتعامل مع الأراضي السلالسة وكأنها “فيرماتُ شخصية” أو “أراض مستباحة”، خاصة داخل بعض الجماعات القروية، حيث كانت تستعمل تلك الأراضي في ترضية رغبات بعض النافذين، في الحصول على هكتارت منها ، بثمن بخس، مقابل “تزكيات” و”ترضيات” شخصية أو مصالح انتخابية بئيسة!.
هذا الأمر، وقعت الإشارة إليه، ألف مرة، في الصحافة الوطنية، كما وقع التنديد بـ “التواطؤات” المشينة التي تحدث من أجل تسهيل الحصول على الهكتارات من الأراضي السلالية، عبر “التحايلات” المعروفة، “بشهادات” عدلية، تحنل توقيعات “مخدومة” ، أو عقود شراء “سرعان ما يتضح أنها مزورة أو مغشوشة، أو بتعليمالت بـ “التيليفون العربي” التي لا يمكن ردها، لأن كلام النافذ “نافذٌ” في كل الأحوال!.
ولعل المطلع على تقرير جريدة “الأخبار” في عددها ليوم الثلاثاء الماضي، حول “ملف السطو على أرض سلالية يعود إلى استئنافية طنجة”، يدرك مدى التلاعب الذي يمكن أن يحصل، من أجل الوصول إلى الأراضي السلالية، لولا يقظة، بل و “وطنية” المحافظة العقارية، التي تدقق النظر في الوثائق المقدمة لها خاصة فيما يتعلق بالأراضي السلالية .
والمفرح أيضا أن وزارة الداخلية، وهي الوصية على الأراضي السلالية وعلى المجالس المنتخبة، أصبحت تتعامل بنوع خاص من الاهتمام ، بقضايا تدبير الأراضي السلالسة، الأمر الذي صعب بدرجة كبيرة، التلاعب بتلك الأراضي عبر مسالك التحايل المعلومة.
في نفس العدد من نفس الجريدة، مقال لمراسل الجريدة بالقنيطرة، حمل للقراء خبرا مثيرا وعجيبا، ومفرحا، حول وقوف نائبة سلالية بالغرب، في وجه من يعنيهم الأمر، برفضها التوقيع على تفويت أرض سلالية تفوق مساحتها 40 هكتارا، بدعوى إقامة مشروع فوق تلك الأرض، قبل الاطلاع على موضوع وتفاصيل المشروع المذكور، معتبرة أن أراضي الجماعة السلالية أمانة في عنقها ولن يتم تفويت متر واحد منها إلى بموافقة أصحاب الحقوق.
وأورد نفس المصدر، على لسان النائبة السلالية ربيعة عسول قولها إنها تتعرض، بسبب موقفها هذا، لعدد من المضايقات في صيغة “إنذارات إدارية” ما أجبرها على مطالبة والي الجهة محمد اليعقوبي من أجل وضع حد لمعاناتها مع بعض المسؤولين، حيث تقول إنه تمت دعوتها بصفة غير رسمية للقاء بمكتب رجل سلطة مسؤول، بحضور عدد من الأشخاص والنواب، وطلب منها التوقيع على عقد تفويت أرض سلالية، دون إطلاعها على فحوى الغرض من هذا التفويت.
وتقول الجريدة إن انتخاب النائبة عسول (بدل مسطرة التعيين التي كانت سائدة في السابق)، والصرامة التي أظهرتها في حماية أراضي الجموع، أصبحت تهدد مطامع بعض “لوبيات” العقار،المتربصين بالأراضي السلالية، من النافذين وأتباعهم وسماسرتهم بمنطقة الغرب الواعدة. كما أن وصول السيدة ربيعة بنت عبد السلام بن بوسلام لمنصب نائبة سلالية للجماعة السلالية ولاد حماد سوق الأربعاء، فتح الباب أما كل نساء الجماعات السلالية بالمغرب، لينافسن الرجال في الوصول إلى مراكز القرار والريادة على مستوى الجماعات السلالية بالمغرب .
سمية أمغار